رئيس التحرير
عصام كامل

الشيخ شعبولا!


لمن يتذكر شعبان عبدالرحيم .. كان هذا المغنى المنكوش المشجر المزركش نموذجًا فريداً فى استغلال السُخرية منه لكسب المزيد من الأموال والشهرة، كان لشعبولا فلسفة خاصة فى تصدير حالة العبط والبلاهة على ملامحه وكلماته ليحل ضيفاً على حلقات البرامج الحوارية، ويستقطع دوراً فى مسرحية، وينال بطولة فى فيلم، وكله بثمنه من بواكى الأخضر والأحمر وكل ألوان العملات المتعارف عليها .


شعبولا الذى ذاع صيته وبزغ نجمه بالتزامن مع ظاهرة "أرجزة" الغناء الشعبى والتى خرج من عباءتها أجيال من مغنيين أشبه بنكات تسير على الأرض قفز إلى الذاكرة مع بزوغ نجم شعبولا آخر ولكن هذه المرة بعمة وجلباب ولحية .. محمود شعبان أو شعبولا الجديد الشهير ب" هاتولى راجل" لم يتوان عن اتباع فلسفة شعبولا الأصلى فى تحويل السخرية والتنكيت على شخصه إلى مادة إعلامية تفتح آفاق حساباته البنكية وتنعش جيبه وخزائن أصحاب الفضائيات "المتأسلمة" بالمزيد من أموال إعلانات المنشطات الجنسية ومستحضرات تجميل الصدور والأرداف التى تتقافز على أشرطة إعلانات هذه القنوات.

تعاطف البعض مع شعبولا عندما التقط باسم يوسف صرخته الساخنة "هاتولى راجل" من سياق كلامه وحولها إلى إفيه الموسم بلا منازع، ولكن وسط هذا التعاطف كان السؤال الذى يفرض نفسه دائماً: ماذا يفعل شعبولا عندما يخرج من بيته فيجد طفلاً صغيرًا يقول له "هاتولى راجل" ثم يجرى ضاحكاً ؟

الحقيقة أن الرجل يبدو أنه تصالح مع نفسه ومع واقعه الى أبعد مدى وصدق واقتنع أنه أراجوز فى السيرك السياسى الذى نصبته الجماعة والمعارضة لتقدم كل جبهة فقرة تنافس بها الأخرى لإمتاع الجماهير، والحقيقة أن النظام – اللى هو مش نظام أصلًا- كان له زمام المبادرة فى عروض هذا السيرك بداية من فقرة عبدالله بدر صاحب موقعة "الاعتلاء" مروراً بفقرة "جبنة نستو يامعفنين" ووصولًا إلى شعبولا وفتاواه اللوزعية.

لم يكتف الشيخ شعبولا بفتاواه الكريهة التى أطلقها لسانه – مشيها لسانه- حول اغتيال رموز المعارضة وسط رفض شعبى من المؤيدين قبل المعارضين، ولم يكتف الشيخ شعبولا بقعدات ربات البيوت التى يمارسها هو وبعض زملائه على شاشات القنوات الملتحية التى ينتمى لها، لم يكتف بكل هذا وقرر هو أو قرر له بعض المرتزقة أن يستثمر "الإفية" الشهير اسماً لبرنامجه الجديد، وبغض النظر عن حفنة المهللين والمحتفين بذكاء الشيخ شعبولا إلا أن الفكرة العبقرية تبدو بداية لمرحلة جديدة من "أرجزة" الدعوة، ونزع رداء القداسة والوقار عن عمة وجلباب رجل الدين الذى قد يتحول على يدى الشيخ شعبولا ورفاقه من ناقل علم إلى ناقل إفيهات .. بما لايخالف الشرع طبعاً !

الجريدة الرسمية