رئيس التحرير
عصام كامل

ومين قال إن الثورة كانت سلمية؟!


من أكبر الأكاذيب، فى تلك المُسماة "بثورة 25 يناير"، أن هناك من قال بأنها ثورة سلمية بيضاء، وأحمد الله أن أحد المُشتركين فيها من الشباب الذين لا يُمكن لأحد أن يُزايد على ثوريته، خرج على المشاهدين فى لقاء تليفزيونى مع الإعلامى جمال عنايت وقال الحق فى هذا الصدد، فلقد قال أحمد أبودومة، تعليقا على "سلمية" الثورة:

"مش صحيح!! ما فيش ثورة سلمية حصلت فى التاريخ البشرى وأولها ثورة 25 يناير!! يوم 25 يناير بعد فض الميدان بالليل كُنا نرد على الأمن المركزى بالمولوتوف فى الشوارع المحيطة بميدان التحرير!! يوم 28 يناير فى اجتماعات القوى الثورية.. بشكل واضح وصريح كُنا بنرتب حنستخدم مولوتوف إزاى وحنخطف ضباط إزاى علشان ناخدهم رهائن إذا أطلقوا علينا الرصاص!! ما فيش حاجة اسمها ثورة سلمية!! ده كلام فاضى الناس عايزة تضحك بيه على نفسها علشان تبان إنها لطيفة.."!!

وبالفعل، فإن الأحداث كلها منذ الكليبات التى تكلم فيها "عمر عفيفى" عن كيفية التحضير للتظاهرات وحتى ما حدث فى أول يوم من تسلق جُدران مجلس الشعب ودخول باحة حديقته وما قاله قادة شباب حول أن ما تم تعليمه لهم فى التدريب بالخارج، من كيفية "استفزاز الأمن"، وما نعرفه من اقتحام للسجون وحرق للأقسام، كلها أعمال تدل على انتهاج منهج العُنف، والمصيبة أن أغلب الناس ولشدة إيمانهم بالحدث، كانوا يبررون ذاك العنف، وفى الوقت نفسه يتكلمون حول "سلمية" الفعل!!

وتلك من الأمور الملفتة للغاية فى كل ما حدث، وكأن ذلك كان مقدمة "تبريرية"، لما يقوم به الإخوان اليوم من اعتداء على الأبرياء، فلو أن المتظاهرين من مُدعى السلمية، شجبوا العنف وقتها، أو على أقل تقدير اعترفوا بأنه حدث بدلا من ادعاء أن ما حدث كان سلميا، لكُنا بالتأكيد فى وضعٍ أفضل اليوم!!

لقد منح هذا الكم من العنف فى تلك الأحداث من يناير وفبراير 2011، "الشرعية" للبلطجية، ليكونوا رؤساء لمصر، وليُصبح انتهاك القانون هو القاعدة، وليُهان المُتظاهر اليوم، ويُعلى من شأن البلطجى، بل وليُعذب البلطجى المُتظاهر ويقتُله، دون أن يهتز للسلطة جفن. أضف إلى ذلك، أن يُبرر الإخوان وداعموهم ما يحدث فى ظل دولة فاشلة وخارجة على القانون كليا!!

إن الذين يبنون ثوراتهم على الأكاذيب، لا يُوثق فى رغبتهم لتغيير البُلدان للأفضل، فلا يُمكن أن يُبنى وطن يُرجى أن يكون الصدق أساسه، على الكذب، ولا يُمكن أن نأتى بمولود جديد ليحلم بمُستقبل مُشرق وقد وضع حجره الأول على دعائم الخداع.

ولن يستقيم الأمر، طالما ظل هذا الكم من النفاق والفساد بين من يقولون إنهم ثوار، بينما هم فاسدون يدّعون ما لم يحدث؛ لأن الكذب أول درجة فى السلم إلى الفساد الأكبر!!

ورغم أننى أختلف مع "أبودومة" فى تهجمه "الفعلى" على المؤسسة العسكرية المصرية، إلا أننى أرفع له القُبعة على صدقه فى تلك، وأثق برجولته، فله حق أن ينتقد من يشاء لفظيا وبأدب، هو من شيم المصريين، وليس له ولا لى ولا لأى مخلوق فى مصر، أن يعتدى على القانون بالتعرض بالفعل لأى مؤسسة وطنية تُعد من مفاصل الدولة الأساسية!!

ولن يبنى مصر الكاذبون، سواءً كانوا إخوانا أو من يطلقون على أنفسهم اسم "ثوار" وهم ليسوا كذلك وليسوا بشجاعة الثائر "أبودومة" الذى أثبت أنه لا يخاف من الحق وأنه يُريد بلدا يُبنى على هذا الحق دون غيره!!

والله أكبر والعزة لبلادى،
وتبقى مصر أولا دولة مدنية.
الجريدة الرسمية