مبارك ملاك طاهر
إي والله، كما أقول لكم، جماعة الإخوان أسوأ من نظام مبارك، بل إن النظام المباركي بالنسبة لهم كالملاك، أو كالنسمة الطائرة، ولكي تسهل عليك المقارنة انظر لمنظومة الحكم عند نظام مبارك، ولدى الحزب الوطني، تجدها قد اعتمدت على شبكة من النسب والمصاهرات والعلاقات والتربيطات، وهذا هو الميثاق السري الذي يقوم عليه الحكم الاستبدادي، فالحاكم المستبد لا يبحث عن الكفاءة ولكنه يبحث عن الولاء، لا يبحث عن أصحاب العقول، ولكنه يبحث عن حاملي الطبول؛ لذلك فإننا لو بحثنا في أسماء الوزراء والمسئولين في عهد مبارك سنجد أنهم كونوا فيما بينهم شبكة متكاملة تعتمد على المصاهرة والقرابة والمصالح والشراكة.
ولكن اللافت أن هذه الشبكة لم تتشكل أركانها إلا في السنوات الأخيرة من حكم مبارك، بمعنى أن مبارك لم يصل إلى درجة إنشاء شبكة حكم تتواصل فيما بينها من خلال المصاهرة والقرابة والعلاقات التجارية إلا بعد عشرين عامًا من حكمه، لم يفعل ذلك إلا عندما استشعر ضعف نظامه، وأنه لكي يبقى ويصلح فيه الإرث والتوارث يجب أن يعتمد على أصحاب الولاء، ومَن غير الأصهار وشركاء المال يتوافر فيهم الولاء الكامل، فالمركب التي تقل الجميع إذا غرقت فستغرق بالجميع، ولكن عندما جاء الغرق واقتربت الساعة فرت فئرانهم من السفينة المعطوبة.
ولكن شهاب الدين - نقصد جماعة الإخوان - كعهدنا بها، فعلت في الشهور الأولى من جلوسها على كرسي الحكم ما فعله مبارك في أواخر سنواته، حيث أنشأت منظومة حكم تعتمد في المقام الأول - وأيضا المقام الأخير - على شبكة من المصاهرات والقرابة والشراكات المالية، وليصبح الحكم الإخواني قائمًا على بزنس العائلات، وبزنس المال، لذلك مارس الإخوان علينا استبدادًا وديكتاتورية لم نذق مثلها من قبل، ومع الاستبداد مارسوا العنف والترويع وهم يحكمون، فقتلوا وكذبوا ووعدوا وأخلفوا.
وعندما أسقط الشعب مبارك ونظامه وحزبه خنع ذلك النظام الساقط، ولم يقاوم أو يقتل أو يذبح، بل دخلوا السجون، وأثناء محاكمتهم كانوا في منتهى الأدب، ولكن الإخوان عندما سقطوا تحولوا إلى مجموعة عصابات تسفك الدماء وتقتل الجنود وتحرق المؤسسات الجامعية وتفجر مديريات الأمن وتقتل الضباط والجنود، ثم فوق ذلك استعدوا على مصر أمريكا وتوابعها، ألم أقل لكم إن مبارك بالنسبة للإخوان هو الملاك الطاهر.
