العاصمة الجديدة.. والفكر القديم
بأمر رئاسى سيادى تم البدء في إنشاء مدينة السادات سنة ١٩٧٩ لتكون العاصمة الإدارية لمصر، وبعد مقتل السادات قُتِلَت المدينة، فلا هي أصبحت عاصمة لدولة ولا حتى لإقليم فيها، ولم تتعد في نهاية الأمر أكثر من مركز تابع لمحافظة المنوفية، فلم تفرضها دراسات تخطيطة عمرانية سليمة، ولا تخطيط منطقى لأنشطة اقتصادية ناجزة، وإنما فرضها قرار سياسي رئاسى ربما تأثر بقربها من محافظة المنوفية موطن الرئيس السادات!، وضاعت الأموال الطائلة التي أنفقت على بناء المبانى الإدارية للوزارات والبنية التحتية لها، ومنعًا للمساءلة واللوم على تلك الأموال المهدرة، أنشئوا بها فرعًا لجامعة المنوفية على مقاس تلك المبانى!، وأصبحت في نهاية الأمر مدينة بلا هوية تسكنها الأشباح وتنعى من بناها.
وتمر السنوات، ويتكرر الموقف بنفس الفكر القديم، ونسمع عن عاصمة إدارية جديدة تزمع الحكومة إقامتها هذه المرة شرق القاهرة الجديدة وعلى بعد 60 كم من مدينة السويس، وكأنهم بذلك يواجهون مشكلة بإيجاد أخرى أكبر منها، فهل تصور أحدهم حجم الكثافة المرورية المرعبة التي ستداهم طريق القاهرة السويس المنهك أصلًا، وصولًا لتلك المدينة المزعومة، والتي تفتق ذهنهم بوعد عمل خط مترو يصل إليها.. هكذا!
هل يكون الحل للتضخم الإدارى الهائل للإدارات الحكومية هو تكوين تضخم عمرانى مصاحب يحويه، يمَثّلُ ورمًا تخطيطيًا على جسد القاهرة الكبرى الخارجى المنهك ويكلفنا المليارات؟ أم يتم تهذيبه وإصلاحه ونقله نقلة نوعية، يعتمد فيه على شبكات التواصل الإلكترونية لأداء الخدمات الإدارية للمواطنين أينما كانوا، كما تفعل الدول التي توفر الوقت والجهد لشعوبها العاملة.
ألم يفكر أحد من المسئولين أن قرب تلك المنطقة من محافظة السويس وسيناء يعرضها لخطر عسكري داهم طالما هدد تلك المنطقة في سنة ٥٦ و٦٧و ٧٣، في حالة حدوث نزاع إقليمى جديد.
بالله عليكم دشنوا حوارًا مجتمعيًا لحل مشاكل مصر، فالأمر بات ملحًا، وكفاكم تعتيمًا، واستمعوا للكفاءات لا للموظفين والسياسيين، فمصر تحتاج لأفكارٍ بناءة وأكثر عقلانية ومنطقية من تلك الأحلام الوردية التي لن تجنى خيرًا، لا تكرروا مأساة مدينة السادات، هناك حلول كثيرة، فاستمعوا للناس.. يرحمكم رب الناس.