رئيس التحرير
عصام كامل

مسجد أبو الحجاج الأقصرى وامتزاج الحضارات الإنسانية

 مسجد أبو الحجاج
مسجد أبو الحجاج في مدينة الأقصر

يقع مسجد أبو الحجاج في مدينة الأقصر المصرية داخل جدران المعبد الكبير الذي تسابق كل ملوك مصر القديمة في تشييده وكان للأيوبيين هم الآخرون السبق في إنشاء أول مسجد داخل معبد الأقصر المصرى.


صاحبه هو الصوفي "يوسف بن عبد الرحيم بن يوسف بن عيسى الزاهد"، المعروف بأبي الحجاج الأقصري والذي دفن بداخله، وكان والده صاحب منصب كبير في الدولة العباسية.

وينتهي نسبه إلى الحسين بن على رضي الله عنهما، وقد ولد الشيخ في أوائل القرن السادس الهجري بمدينة بغداد، في عهد الخليفة العباسي المقتفي لأمر الله، كما كان رجلا صالحا ذكره ابن بطوطة في كتابه "تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار" فقال:

"سافرت إلى مدينة الأقصر وضبط اسمها بفتح الهمزة وضم الصاد المهمل، وهي صغيرة حسنة، وبها قبر الصالح العابد أبي الحجاج الأقصري. وعليه زاوية".

يرجع تاريخ إنشاء المسجد إلى العهد الأيوبى حيث بني سنة 658 هـ - 1286، مشيد على الجانب الشمالي الشرقي من معبد الأقصر، والمسجد من المساجد المميزة فعلا حيث يقبع فوق أطلال كنيسة ومعبد فرعوني ويزاحم تماثيل رمسيس الثاني بمعبد الأقصر، لذا فهو امتزاج للحضارات الإنسانية المتعددة فهو يربط بين المصرية الفرعونية وبين المصرية القبطية وبين الإسلامية.

ما يميز المسجد عن بقية المساجد هو احتواؤه على ‏أعمدة‏ ‏وأعتاب‏ ‏ونقوش‏ مشابهة تماما لمعبد الأقصر، وقد جاء اكتشاف هذه النقوش بالصدفة البحتة بعد تعرض المسجد لحريق، وكانت المفاجأة عندما كشف العاملون بالترميم عن وجود أعمدة أثرية من الطراز الفرعوني مطمورة بالمسجد، وتبين أن هذه الأعمدة هي جزء من معبد فرعوني ضخم يغطيه تل من التراب والطمي وهو نفس التل الذي قام «العارف بالله» أبو الحجاج ببناء مسجده فوقه، أي أن المسجد تم بناؤه فوق معبد.

ويقام للشيخ أبو الحجاج مولد في الرابع عشر من شهر شعبان من كل عام، ويحمل ذلك الاحتفال الذي يسمى «دورة أبو الحجاج» طابعا خاصا وعادات وموروثات ترجع إلى العصور الفرعونية وتشبه طقوس احتفال المصريين القدماء بالإله آمون، حيث يخرج الناس إلى ساحة مسجد أبو الحجاج يتحركون منها إلى شوارع الأقصر يذكرون الله وينشدون الأناشيد الدينية ويرتلون القرآن ويلعبون لعبة التحطيب والرقص بالعصا والرقص بالخيل، وينتهي الاحتفال بركوب الجمال التي تحمل توابيت من القماش المزركش.
الجريدة الرسمية