توفيق الحكيم يكتب: صوت الطبلة يبهج مشاعرى
في كتابه "فن الأدب" الصادر عام 1952 سجل الأديب توفيق الحكيم ذكرياته في مرحلة الطفولة والشباب خلال شهر رمضان المبارك وفيها توقف توفيق الحكيم عند ظاهرة "الأراجوز الشعبى".
كان الأراجوز من وسائل الترفيه واللعب المحببة إلى نفوس الأطفال، وكان في شهر رمضان وفى الموالد يطوف القرى والنجوع والبلدان ليستقر بكل قرية قرابة الأسبوع ليشيع البهجة في نفوس الأطفال.
ويصف توفيق الحكيم مشهد الأراجوز ومسرحه الصغير الساحر وانبهاره الشديد بصوت الطبلة ومدى تأثير هذا المشهد على مشاعره وهو طفل صغير فيقول:
إذا أردت أن تعرف ماهو أروع صوت كان يبهر مشاعرنا ونحن صغار فاعلم أنه صوت الطبلة لا الجيش المظفر ولا طبلة حراس المحمل تدق من فوق الجمال المذوقة ولا حتى طبلة المسحراتى في ليالى رمضان الساحرة، وكلها احتفالات شعبية، بل هي طبلة صغيرة متواضعة هي طبلة الأراجوز، الذي إذا جاء بجانبنا ترى العجب، فالأطفال يركضون وكأنهم جنود يهبون من ثكناتهم على دقات طبل (الطابور)، يجتمعون كالنمل في الساحة حيث ينصب الأراجوز مسرحه الضيق المرتفع بشخوصه المتحركة المتكلمة الصاخبة.
إن كل فنون الأرض اليوم تعجز عن أن تجعلنى أرى ما كنت أراه في عرائس الأراجوز الرخيصة، وكل فرح الدنيا لا يثير في مشاعرى ما كانت تثيره دقات طبلته المتواضعة.