أنسب الأوقات لممارسة العربدة الصهيونية!
ما يقوم به العدو الصهيونى من همجية وعربدة ووحشية تجاه الشعب الفلسطينى في غزة في هذا الوقت بالذات هو أنسب الأوقات بالنسبة له، هو يضرب ضربته وهو يعلم يقينًا أنها الفرصة الأكثر ملاءمة، فالعالم كله مشغول بالمونديال وما يجرى فيه، وصعود فريق كذا وخروج فريق كيت، وعظمة اللاعب فلان، وحرفية ونجومية اللاعب علان، وهكذا..
ما نقصده هو انشغال الشعوب، وليس الحكومات، فالأخيرة (خاصة الأمريكية والأوربية)، ناهينا عن المؤسسات الدولية، ترى فيما يقوم به العدو الصهيونى حقًا له ولا غضاضة فيه، وأنه مجرد رد فعل طبيعى لخطف أو قتل ٣ مستوطنين صهاينة.. على المستوى الإقليمي، شعوب وحكومات العالم العربى منشغلة بما يحدث من مصائب وكوارث في سوريا، والعراق، وليبيا، واليمن، وبالتالى ليس لديها وقتا تنشغل فيه بغارات العدو الصهيونى على غزة وسقوط أكثر من مائة من الشهداء علاوة على مئات الجرحى والمصابين.. وحتى لو كان لديها وقت، فما الذي تستطيع أن تفعله؟ للأسف، لا شيء.. المأساة تتكرر، بين كل فترة وأخرى، ولا أحد يتعلم.. أو يريد أن يتعلم، ولا أحد يريد أن يتخذ موقفًا، فقد بات الكل يعانى من عجز وشلل، وبالتالي على الشعب الفلسطينى أن يواجه مصيره بمفرده، على المستوى الداخلى الوضع ليس أسعد حظًا، وهو معروف لنا جميعا.. صحيح أن الشعب المصرى غاضب من حماس والدور الذي ظهر منها إزاء ثورة ٣٠ يونيو وخارطة المستقبل، لكنَّ هناك فارقًا كبيرًا بين حماس والشعب الفلسطينى.
الشعب المصرى يعتبر القضية الفلسطينية هي قضيته الكبرى من قديم، وأنها تمس أمنه القومى بصفة مباشرة، وقد قدم فيها ومن أجلها الكثير، ويعلم يقينًا أن الشعب الفلسطينى عانى طويلًا من الاحتلال الصهيونى، مذابح وتصفية وإبادة وطرد وتهجير وتشتيت.. يعلم يقينًا أن العدو الصهيونى هو العدو الأول، ليس لفلسطين وحدها ولكن للدول العربية كلها، وفى مقدمتها مصر، وأنه يستهدف الأخيرة التي تمثل حائط الصد وخط الدفاع الأول في مواجهة الخطر الصهيونى الذي يهدد أمن وأمان المنطقة برمتها، حاضرًا ومستقبلًا..
صحيح أن الرئيس السيسي أمر بفتح معبر رفح لاستقبال الجرحى والمصابين من أشقائنا الفلسطينيين وعلاجهم في المستشفيات المصرية.. ليس مطلوبا بطبيعة الحال أن تستدرج مصر للدخول في حرب مع العدو الصهيونى، فليس هذا وقته ولا آوانه.. ليس مطلوبا من الرئيس السيسي أن يفى بتعهده (مسافة السكة) إبان حملته الانتخابية، فذلك أمر له حساباته وتعقيداته وظروفه وسياقه، لكن مطلوب من مصر أن تمارس دورًا سياسيًا ودبلوماسيًا مباشرًا، جادًا وحادًا، للضغط على العدو الصهيونى، وعلى المستوى الدولى، أولا لوقف هذا العدوان الغاشم، وثانيًا لإدانته في كل المحافل الدولية..
أعتقد أن الإخوان عليهم أن يدركوا وأن يعترفوا ويقروا بمدى أخطائهم وخطاياهم التي ارتكبوها في حق بلدهم وحق القوات المسلحة المصرية يوم راهنوا على العنف والإرهاب وأعمال الاغتيال ضد الجيش والشرطة، ويوم راهنوا على مساعدة ودعم وتأييد الإدارة والاتحاد الأوربي في الضغط والابتزاز للنظام المصرى الجديد، ويوم راهنوا على انهيار الدولة المصرية اقتصاديا.. ماذا هم قائلون اليوم إزاء ما يحدث في غزة؟!