.. والدم ده نحاسب مين عليه ؟!
أرجو أن يعذرني قادة الجيش، فتكرار استشهاد ضباط وجنود في ذات المكان مرتين، أمر يدعو إلى التساؤل، بل وبصراحة إلى الغضب. فإذا كان كمين الفرافرة قد تم ضربه من قبل، واستشهد جنودنا من قبل، فكيف تتكرر المجزرة بهذا الشكل الفظيع، بل وبضحايا أكثر.. فمن المسئول؟.
ليسمح لي قادة جيشنا الذي نحبه ونحترمه، لقد تكررت هذه المجزرة في عهد مرسي، واستشهد في سيناء ضباط وجنود قبل الإفطار وبذات الطريقة. فمن المسئول؟
هناك قواسم مشتركة بين هذه المجازر، أولها أنه لم يتم الإعلان عن جثث للإرهابيين الذين اقتحموا وقتلوا جنودنا، وهذا معناه أن هناك مشكلة في الاستعدادات ومشكلة أكبر في التدريبات، لأن القتلي من جنودنا وليس من هؤلاء المجرمين. الأمر الثاني أن هذه العمليات الإرهابية الفظيعة، لم يستخدموا فيها سيارات مفخخة ولا اربيجيهات أو إطلاق نيران من بعيد. لكنهم مجموعة يركبون سيارات دفع رباعي ويقتحمون مقرات جنودنا ويقتلونهم بكل سهولة.
الأمر يعني شيئين، الأول أن هناك مسئولين لابد من محاسبتهم. الأمر الثاني يعني أن هناك أخطاء جسيمة لابد من معالجتها. وأرجو ألا يغضب القادة، أو بعضهم، فهذه الانتقادات هدفها هو حماية جنودنا والحفاظ على صورة جيشنا وأن نكون أقوياء في مواجهة الإرهاب. ولذك وبصراحة لم يسعدني بيان مجلس الدفاع الوطني، فلم يتضمن إلا كلاما إنشائيا لا يشفي الغليل، فلم يقل لماذا حدث هذا ومن المسئول وكيف ستتم محاسبته، وكيف نضمن ألا يتكرر ذلك مرة أخرى.
كما أرجو ألا يعتبر أحد هذا تدخلًا في أمر عسكري، فهذا غير صحيح. ولكنها تساؤلات مشروعة لا أظن أنني وحدي الذي يطرحها، فهناك كثيرون غيري. منهم على سبيل المثال قريب واحد من شهداء المذبحة الذي قال للزميل وائل الإبراشي الكثير. فالرجل يكاد يجن من أن ذات الكمين تم ضربه من قبل، أي إنه معروف تمامًا أنه مستهدف، ومع ذلك لم يتم اتخاذ إجراءات حقيقية لحمايته وردع الإرهابيين. ناهيك عن المعاملة غير الجديرة بالشهداء، ولا بأي إنسان التي لاقوها وهم لا يعرفون إذا كان ابنهم شهيدًا أم لا. أضف على ذلك أنهم لم يستلموا جثة ابنهم إلا متأخرًا ولم يهتم أحد بأن يقول لهم ما هي الأسباب ولا أن يتواصل معهم.
الأمر يحتاج إلى أكثر بكثير من العواطف الجياشة، ويحتاج إلى أكثر بكثير من البيانات العامة، ويحتاج أكثر بكثير من الوعد بالثأر. يحتاج إلى شفافية ومصارحة، إلى طريقة مختلفة في التعامل مع الرأي العام. طريقة لا تفشي أسرارًا عسكرية، ولكنها تصارحنا بالأخطاء وتصارحنا بمحاسبة المسئول، ليس فقط من أجل دماء الشهداء، ولكن أيضًا لتطمئن قلوبنا على جيشنا العظيم.