رئيس التحرير
عصام كامل

الروح الوطنية وحدها لا تكفي!!


المهندس إبراهيم محلب، رئيس الوزراء، في مؤتمراته الصحفية وحواراته الإعلامية دائما يستخدم تعبير الروح الوطنية والضمير الوطني، ويقول إنه يعول كثيرا ويطمئن بأن المواطن سوف يغلب المصلحة الوطنية للبلاد على مصلحته الشخصية، وقبل صدور القرارات الاقتصادية الأخيرة الخاصة بترشيد الدعم على الوقود والكهرباء قام رئيس الوزراء بعقد مجموعة لقاءات مع التجار والسائقين وجولات في الأسواق لكي يخاطب فيهم الروح الوطنية.

أنا متأكد أن المهندس محلب يستخدم تعبير الضمير الوطني في اجتماعاته وأمام وسائل الإعلام وهو يعلم تماما أن معظم من التقى بهم وجلس معهم ليس لديهم لا روح ولا ضمير ولا وطنية، وكذلك الملايين من المواطنين يفتقدون ذلك، ويتعاملون مع الدولة على أنها الحكومة وحلال سرقتها ونهب أموالها، وأن الممتلكات العامة هي ملك للحكومة، وليست ملكا للدولة، أي ملكهم وهم مسئولون عن حمايتها والحفاظ عليها، وحتى نكون منصفين هذا أمر طبيعي.

فما حدث في مصر في عشرات السنين الأخيرة كان لا بد وأن يؤدي إلى هذه النتيجة، وهو أن يكون الانتماء للوطن بالشعارات والأقوال وليس بالأفعال والأعمال، والأنظمة السابقة لخصت حب البلد فقط في تشجيع فريق كرة القدم في مبارياته الدولية، وأن علم مصر عبارة عن قطعة قماش ترفع في استاد القاهرة والسلام الوطني للعزف فقط قبل بداية المباراة، فلم يكن هناك أي وسيلة تُعلم الناس معنى الانتماء الحقيقي للبلد؛ لا تعليم ولا إعلام ولا ثقافة، حتى الأسرة تربي أبناءها منذ الصغر على الأنانية وحب الذات والاستهتار بالممتلكات العامة.

لذلك فإن التعويل اليوم على الروح والضمير الوطني لن يساعد في بناء البلد، بل من وجهة نظري المتواضعة يكون أولا بالحزم في تطبيق القانون على الجميع، فمن لم يرتدع بالقرآن يرتدع بالسلطان، وهذا مبدأ إسلامي معروف، فهناك تجار وسائقون وأصحاب محطات بنزين رفعوا الأسعار قبل صدور قرارات ترشيد الدعم، ثانيا يكون بالقدوة الحسنة، وهذا ما فعله الرئيس حينما بدأ بنفسه وتنازل عن نصف ثروته وراتبه للبلد، ولكن تصرُّف الرئيس وحده لا يكفي، لأن هناك الآلاف من المسئولين لم يحتذوا بالرئيس بل يُهدرون تصرفه النبيل، فأنا بعيني رأيت في ماسبيرو محافظ بني سويف قادم من محافظته لإجراء حوار إذاعي ومعه موكب من الموظفين والسيارات يكلف الدولة أكثر من نصف راتب الرئيس الذي تنازل عنه للدولة، أمثال هذا المحافظ كثيرون جدا وهم قدوة سيئة للمواطنين الذين لا نلوم عليهم إذا استهتروا بالمال العام أو تغالوا في الأسعار أو انعدمت لديهم الروح الوطنية.
egypt1967@yahoo.com
الجريدة الرسمية