رئيس التحرير
عصام كامل

عبداللطيف المناوي: مصر تدفع ثمن رفض عمر سليمان تولي الرئاسة

فيتو

  • 25 يناير "غضب شعبي"
  • أخذت "نصيبي" من المناصب في الدولة
  • قرار إلغاء وزارة الإعلام "متعجل"
  • جمال مبارك "كان فاهم الملف الاقتصادي"
  • "رشيد" و"محيي الدين" و"بطرس غالي" مجموعة جيدة
  • الإخوان "دقوا إسفينًا" بين المجلس العسكري والشباب الثائر
  • أصحاب البرامج أصبحوا "قادة رأي"
  • الحكومة تحتاج "إعلامًا" يساعدها في التواصل مع الشعب
  • "السيسي" يحتاج لـ"ظهير شعبي"
 
الحكومة مسئولة عن حالة الغضب بعد قرار "رفع الأسعار" عبد اللطيف المناوي، رئيس قطاع الأخبار الأسبق بـ"اتحاد الإذاعة والتليفزيون".. واحد من قلائل تطاردهم لعنة "الصندوق الأسود".. البعض يصفه بأنه "رجل كل العصور"، والغالبية ترى فيه "الإعلامي البارع"، وفريق ثالث يتعامل معه من منطلق أنه الوحيد الذي يمتلك شفرة النجاح الإعلامي لـ"ماسبيرو" وتليفزيون الدولة بشكل عام. 
"فيتو" التقت "المناوي" في ذكرى رحيل عمر سليمان بحثًا عن إجابات لأسئلة "معلقة" منذ أيام الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، والمرحلة الانتقالية الأولى التي كان يديرها المجلس العسكري بقيادة المشير محمد حسين طنطاوي. 
"الإعلام" كان حاضرًا في حوار الرئيس الأسبق لـ"قطاع الأخبار"، حيث حاول "المناوي" تقديم وجهة نظره في الشكل المطلوب لـ"إعلام الدولة"، كما تطرق إلى الشكل الأمثل لـ"الإعلام الخاص"، والضوابط التي تحكمه وتشكل علاقته مع "النظام الحاكم". 
"المناوي" تحدث أيضًا عن موقفه من نجل الرئيس الأسبق "جمال مبارك"، أزاح النقاب عن مواقف شخصية حدثت بينهما، كما تحدث عن الراحل عمر سليمان، وكشف أيضًا "صفقة الإخوان" الكبرى التي جعلتهم يقتنصون المقعد الرئاسي في انتخابات 2012، كما تحدث أيضًا عن حقيقة المقولة الشهيرة إن "المجلس العسكري سلم البلد للإخوان".. وعن هذه الأمور وقضايا أخرى كان الحوار التالي: 

- بما تصف المشهد الإعلامي الحالي في مصر ؟
بداية.. هناك تعبير لوصف "الإعلام" بشكل عام، وهو أن الإعلام ابن حالة "الواقع" وانعكاس للمجتمع وليس "ابنًا ضالًا"، كما أنه يوضح صورة طبيعة المجتمع وتفاعلاته وتحالفاته وهو ببساطة تعريفه وخلال السنوات الأربع الماضية كنا في وضع مرتبك أفرز "إعلامًا مرتبكًا"، والإعلام أيضًا خلال تلك السنوات أداة سياسية بدلًا من كونه وسيلة إعلامية، والحكم عليه تم من وجهة نظر سياسية، وليست مهنية، وأعتقد أننا نتفق على أن المعايير العلمية التقليدية للإعلام لم تكن حاضرة في تلك الفترة نتيجة الظرف السياسي.

- تزايد أعداد المنابر الإعلامية هل يمكن ترجمته بأن مصر حاليًا لديها قاعدة إعلامية تستطيع أن تنافس وتشارك في بناء المجتمع؟
بالفعل مصر لديها الآن قواعد إعلامية، لكن جميع الإعلاميين في الوقت الحالى أصبحوا أصحاب رأي، ويمتلكون مساحة ليعبروا عن رأيهم، لكنهم في الوقت ذاته افتقدوا المساحة المهمة لممارسة "إعلام مهني"، وهذا وضع له بالغ الأثر في شكل الرسالة الإعلامية التي تصل للمشاهد. 

- البعض يتحدث الآن عن أهمية عودة ما يوصف بـ"إعلام الرئيس"..إلى أي مدى تتفق مع هذا الطرح؟ 
دعنا نؤكد أولا أن الإعلام يعبر الآن عن اتجاهين أو لاعبين أساسيين على الساحة الإعلامية، الأول يتمثل في الإعلام الخاص الذي يعبر عن "مصلحة المالك" بشكل رئيسى، وينبغى ألا يسيطر أصحاب القنوات على التوجه العام للقناة وينبغي أن يحكم هذا النوع من الإعلام مجموعة من القواعد المهنية والأخلاقية بشكل رئيسي، وهذه القواعد ينبغى أن توضع من الإعلاميين أنفسهم وليس الدولة.
أما اللاعب الثاني، فيتمثل في "إعلام الدولة"، وأؤكد هنا أنه لابد أن تكون هذه المرحلة ذات إعلام قوي ومهنى وقادر على المنافسة في المضمون وليس المنافسة في الحصول على الإعلانات، وأن يصل للمشاهد ليس بغرض طلب أكبر قدر من حصة الإعلانات، لأن دور إعلام الدولة ليس المنافسة في سوق الإعلان ولكن المنافسة للوصول إلى عقول وطبقات المجتمع المختلفة وتوصيل الرسالة إليهم بمفهوم المهنية.
ومن الضرورى أن تمتلك الدولة المصرية إعلامًا قادرًا على التواصل مع الخارج، وأن تكون هناك قنوات إخبارية حقيقية قادرة على التواصل مع الدول الأخرى؛ لأن مصر تفتقد وجود أداة إعلامية قوية توجد في السماء العربي والدولي، وأعتقد أن دولة بحجم مصر لا يجب أن تكون فاقدة الذراع الإعلامية العربية، وأعتقد أن هذه قضية مهمة يجب أن تكون على أولويات المرحلة المقبلة.

- سبق أن وصفت الرئيس عبد الفتاح السيسي بـ"الرجل الصريح".. هل تؤيد صراحته تلك في جميع المواقف.. أم تطالبه بـ"السرية" في بعض الأمور؟ 
الرئيس يجب أن يكون صريحًا مع الشعب، وليس الإعلام فقط لأنه وسيلة، ومصر تخطت مفهوم الرئيس الأب والرئيس الملهم أو الرئيس المنقذ وحتى لو ظلت الطبيعة المصرية مركزية إلا أننا تجاوزنا مفهوم الرئيس الأوحد والأب، وأصبح هناك الرئيس الذي يدير ويقود بشراكة ووضوح.

- وماذا إذا قرر الرئيس أن يحتفظ بالمعلومات تحت بند "دواعي الأمن القومي"؟
إذا قرر الرئيس إخفاء الواقع والمعلومات والإجراءات عن شعبه يتحمل المسئولية وحده "فلا يلومن إلا نفسه"، ولكن الوضع الذي توجد فيه مصر تنبغى فيه المصارحة الحقيقية، ولا يجب أن تكون بمفهوم زرع اليأس ولكن بمفهوم التحفيز، وبالتالى من المفترض أن تشهد الأيام المقبلة مزيدًا من المصارحة والأمل والبحث عن الاستقرار وطرح مفهومي الأمل والعمل.

- نص الدستور "المعدل" على إلغاء منصب وزير الإعلام.. واستقبل هذا الأمر بحالة من الانقسام..إلى أي جانب يقف "عبد اللطيف المناوي" في هذا الأمر؟
إلغاء منصب الوزير، أرى أنه كان حلا لأزمة عدم القدرة على إيجاد من يستطيع تولى المنصب في الوقت الحالى خاصة أنه قد تم التعجيل بالفكرة، وأشير هنا إلى أنه كان يجب أن تكون هناك مرحلة إعداد لهذا الأمر خاصة أن الوزارة مرتبطة بأكثر من كيان، سواءً كان اقتصاديًا أو مؤسسيًا، وكل ذلك يمنع اتخاذ قرارات مفاجئة بإلغاء منصب الوزير، والدستور أكد أنه لابد للوصول إلى مرحلة إلغاء الوزارة وليس إلى إلغاء مباشر دون سابق إنذار، وأتمنى ألا نتعجل في تشكيل المجلس.

- بصفتك قريبًا من دوائر صنع القرار، وفي الوقت ذاته تمتلك خبرة كافية في مجال الإعلام.. هل تتوقع نجاح الإدارة السياسية في تشكيل مجلس وطني ناجح يدير العملية الإعلامية؟
لابد من الإجابة عن مجموعة من الأسئلة قبل إنشاء هذا المجلس، ومنها "من يتولى ويدير ويحصل على عضوية المجلس؟" ويجب الاعتماد على العلم كوسيلة للتعامل مع الأمور المختلفة في تحديد ملامح المجلس، كما يجب أن ندرس الواقع والأدوات الإعلامية الموجودة والوضع الجديد الذي يأتى بعد إلغاء الوزارة وطبيعة العلاقة بين الأدوات الإعلامية الموجودة وبين الدولة، وشكل الملكية الجديدة لوسائل الإعلام ومن يملك ومن يدير، والعلاقة مع القطاع الخاص، وشكل الإعلام وطبيعته في الفترة المقبلة، ثم تحديد طبيعة دور المجلس وعلاقته بإعلام الدولة والإعلام الخاص، ويجب أن يحدد ذلك مجموعة من الخبراء والعاملين بالمجال الإعلامي والقانونيين، وكان يجب أن يتم الإعداد للمجلس منذ وقت بعيد. 

- ماذا لو عرض عليك تولي رئاسة المجلس الوطني للإعلام ؟
أعتقد أننى قمت بما اعتبرته دورًا جيدًا في مرحلة من المراحل وحاولت أن أقدم فيه بقدر ما استطعت ومستعد دائمًا لتقديم كل ما يمكن، وأقوم بذلك بالفعل بشكل أو بآخر، دون أن أنتظر منصبًا أو شكرًا من أحد؛ لأن كل من لديه إحساس بالالتزام تجاه الشأن العام يعطى دون مقابل، وبطبيعتى أهتم بالشأن العام، كما أنني "أخذت نصيبي من الهيكل الإداري للدولة".

- قبل أيام قليلة من ثورة 30 يونيو تزايدت حدة الهجوم على ثورة 25 يناير لحد وصفها بـ"المؤامرة".. كيف ترى أنت هذا الأمر؟ 
في الحقيقة، 25 يناير أحداث تعبر عن غضب قطاع كبير من الشعب المصرى وتطورت الأمور إلى تغيير النظام، وهى ليست انقلابًا بل كانت غضبًا شعبيًا، وكانت هناك أرضية مهيأة لذلك تم استغلالها من أطراف مختلفة، سواءً من الإخوان المسلمين أو غيرهم أو قوى أخرى من الأطراف المختلفة، ولم يكن انقلابًا عسكريًا، بل تم استغلال مجموعة من القوى السياسية التي لها فهم خاص بطبيعة المجتمع المصرى وطبيعة علاقاته الخارجية ومجموعة من القوى السياسية الدينية، ووصلت من مرحلة الصدام إلى مرحلة اللاعودة مع النظام، وبالتالى كانت معركة "حياة أو موت" وتم استغلال الأوضاع وسقط النظام.

- الأيام التي تلت رحيل "مبارك".. تناثرت شائعات تؤكد أن الرئيس الأسبق أصدر قرارًا بإقالة المشير "طنطاوي" بعد رفضه تولي رئاسة الوزراء.. ما مدى صحة هذا الأمر؟ 
لم يكن هناك قرار إقالة، ولكن كانت هناك مشكلة حدثت عندما طلب الرئيس مبارك من المشير طنطاوي أن يكون نائبًا لرئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء، إلا أن المشير رفض ذلك فكان رد مبارك "طالما مش عايز روح"، ولم يستجب المشير طنطاوى لذلك بل عاد إلى مركز القيادة ولم تكن هناك قرارات، سواءً من الرئيس أو جمال مبارك، في تلك الفترة، خاصة بالمشير، وأنا لا أدعى مواقف ولا بطولات ولكنى أضع الأمور كما هي.

- لماذا رفض اللواء عمر سليمان تولى إدارة البلاد طبقًا للدستور باعتباره نائب رئيس الجمهورية ؟
أعتقد أن إحدى النقاط المهمة والتي دفعت مصر ثمنها كانت النقطة الخاصة بطبيعة العلاقة القوية بين اللواء عمر سليمان وبين الرئيس الأسبق مبارك، والجميع يعرفون أن "سليمان" كان "راجل ملتزم تمامًا بطبيعة السلطة ووطنى ومخلص"، وكان يفهم أبعاد المشكلة وفى نفس الوقت لديه مشاعر طيبة لدى الرئيس الأسبق مبارك، وأعتقد أن هذه الأمور دفعنا ثمنها سياسيًا لأنه لم يرضَ لنفسه أن يعتقد البعض أنه يقفز على السلطة.

- قلت إنك حاورت جمال مبارك أكثر من مرة.. من خبراتك وقراءاتك لأفكاره.. هل كان يصلح رئيسًا لمصر ؟
أعتقد أن جمال مبارك كان يمتلك رؤية ودراية جيدة بالملف الاقتصادى المصرى، وكان يستعين بمجموعة وزارية متميزة في هذا الأمر، منهم "المهندس رشيد محمد رشيد، الدكتور يوسف بطرس غالى، الدكتور محمود محيي الدين، في إحدى المراحل"، وكانوا ثلاثة أسماء يتفهمون العملية الاقتصادية بشكل واضح، بغض النظر إن كنا متفقين أو مختلفين عليهم، ولكن غاب عنه فهم الطبيعة الشخصية للشعب المصرى وتطبيق العدالة الاجتماعية بمفهومها الصحيح، وليس ما يوجد بالكتب والنظريات، ولم تكن لديهم المقدرة في الوقت ذاته على قياس أو توقع رد فعل الشارع المصري، وجميعها أمور كان لها رد فعل سلبي على أدائهم. 

- خرجت مقولة تؤكد أن "المجلس العسكري سلم البلد للإخوان".. هل تتفق مع هذه المقولة؟
أعتقد أن الجميع يتحمل المسئولية بما فيهم الشباب، لعدم وعيهم بطبيعة اللعبة السياسية والأداء السياسي، وأذكر أننى التقيت بعض الشباب في بدايات شهر فبراير 2011، وطالبتهم بالخروج والتحرك لتنظيم كيانات سياسية وأن يكون لهم حضور سياسي وأن يقسموا أنفسهم إلى مجموعات سياسية واقتصادية وغيرها وما حدث بعد ذلك أننا وصلنا في تلك الفترة إلى 350 كيانًا وحركة شبابية، إلى جانب نجاح الإخوان في "دق إسفين" بين المجلس العسكري وبين القوى السياسية والشباب، وكانت أهم نتائجه أن كل من يتعامل مع المجلس العسكري "خائن"، ووجد المجلس نفسه في أزمة عدم التعامل مع القوى السياسية التي رفضت التعامل معه، والقوى الوحيدة التي قررت التعامل معه هي الإخوان التي لعبت بالمجلس العسكري والشباب، وخدعت الجميع وطوال العام ونصف ما بعد 25 يناير، لم تدخل جماعة الإخوان المسلمين في صدام مع أي طرف بالرغم من أنها تسعى لضرب الجميع وتستفيد منهم في نفس الوقت مرة، للحصول على تمرير الإعلان الدستورى والأخرى للوصول للبرلمان وفى النهاية أقول إن الجميع يتحمل المسئولية ولا أستثنى منهم أحدًا وحتى لو كان تم ضغط على المجلس العسكري وشعر بأن هناك مشكلة في حالة عدم تسليم الدولة بأن تنفجر الأمور، فالجميع مسئول.

- "الظهير السياسي" للرئيس.. واحد من الموضوعات التي تحتل مساحة كبيرة في الأحاديث السياسية.. هل ترى أن الرئيس يحتاج له بجانب "الظهير الشعبي" الذي يتمتع به؟ 
أعرف جيدًا أن الرئيس يتحدث كثيرًا عن امتلاكه "ظهيرًا شعبيًا" وليس في حاجة لظهير سياسي، وأعتقد أن طبيعة الشعب المصرى وطبيعة المجتمع المصرى تؤكد أنه ينبغى أن يكون هناك ظهير سياسي حتى ولو باسم الرئيس لأننى لست مع فكرة الاعتماد على الظهير الشعبى وحده وأن يكون هناك شكل من أشكال الكيان السياسي يقوم بدور الظهير السياسي، وليس شرطًا أن يكون الظهير السياسي للرئيس ولكن يكون لأفكار وبرامج الرئيس "ليس رئيس حزب ولا عضو حزب" بل يكون هناك تيار سياسي قوى واضح يشكل الأغلبية من المصريين وأن يكون واضح الملامح وقادرًا على التعبير عن الرغبة السياسية للمصريين وداعمًا لرؤية الرئيس أو برنامجه.

- الحديث عن "ظهير السيسي الشعبي" يدفعنا للتساؤل.. هل تأثر هذا الظهير بالقرارات الأخيرة المتعلقة برفع أسعار المواد البترولية وإلغاء الدعم؟
إلغاء الدعم أو ترشيده أعتقد أنه قرار اقتصادى في المرتبة الأولى ولكن لدى مجموعة من الملاحظات منها أننا نعانى أزمة اللغة التي نتحدث بها مع الناس، وتوقيتها وكيفية الوصول لهم، وحتى الآن عناصر الدولة وكياناتها لا تجيد التواصل مع الناس ولو تمت مخاطبتهم من قبل بوقت كافٍ واستمعوا لطبيعة المشكلة بالأرقام، وأوضحنا لهم أن هناك إجراءات ستتخذ بشكل تدريجى خلال سنة أو أكثر، وأن يتم تأكيد حماية الطبقة الأكثر فقرًا، وأن يتم اتخاذ إجراءات بالفعل لحمايتهم، وأن ما سيتم توفيره من مليارات سيصرف على مشروعات في مجالات تخدم المواطن وتعلن هذه المشروعات وتكلفتها، ومن هنا تكون معاملة جديدة مع الناس باعتبارهم ناضجين ولن يسعد أحدًا أن يدفع مبالغ زائدة حتى ولو كان أغنى الأغنياء ولكن هنا اقتناع.
الجريدة الرسمية