96 عاما على ميلاد أسطورة الحرية.. «مانديلا» أحد رموز الكفاح الأفريقي.. أعلن اعتزاله الحياة السياسية عام 2004.. «الحرية لا تقبل التجزئة» أشهر مقولاته.. «التسامح» كلمة السر
تمر اليوم الذكرى الـ 96 على ميلاد أحد رموز الكفاح السياسي والاجتماعي الحقيقي، "نيلسون روليهلاهلا مانديلا"، أشهر رؤساء جنوب أفريقيا على الإطلاق.
ولد في 18 يوليو 1918 بقرية "ميزو" بمنطقة ترانسكاي، ونشأ "مانديلا" في أجواء سياسية تنكر الحقوق السياسية والاجتماعية والاقتصادية للأغلبية السوداء في جنوب أفريقيا، ما كان له أثر كبير في تكوين شخصيته المعارضة لنظام الحكم في جنوب أفريقيا، وفي عام 1942 انضم إلى المجلس الأفريقي القومي، الذي كان يدعو للدفاع عن حقوق الأغلبية السوداء في جنوب السنغال.
كان "مانديلا" أول من تلقى التعليم في عائلته، فاكتسب اسم "نيلسون" من معلمه الذي وجد صعوبة في نطق اسم "روليهلاهلا"، بعد أن كان يُعرف باسم قبيلته "ماديبا".
وتوفي والده وهو لا يزال في التاسعة من عمره، فكان عمه هو المسئول عنه حتى أكمل تعليمه، وحصل على شهادة في الحقوق من جامعة جنوب أفريقيا، كما استكمل بعد ذلك دراسته في القانون بجامعة ويتووترسراند.
التمييز العنصري
كانت البداية الحقيقية لـ"مانديلا" عندما دعا للمقاومة غير المسلحة ضد سياسات التمييز العنصري، لكن بعد إطلاق النار على متظاهرين عزل عام 1960، وإقرار قوانين تحظر الجماعات المضادة للعنصرية، قرر مع مجموعة من زعماء المجلس الأفريقي القومي فتح باب المقاومة المسلحة.
مناضل سياسي
ثم أصبح أحد أبرز السياسيين في العالم الذين ناضلوا من أجل نظام ديمقراطي في جنوب أفريقيا يعتمد على التعددية العرقية بدلًا من التمييز العنصري، وهو ما عرضه للاعتقال أكثر من 27 عامًا في السجون، ليكون النداء بتحرير مانديلا من السجن رمزًا لرفض سياسة التمييز العنصري.
أما في 11 فبراير 1990 تم إطلاق سراحه بأمر من رئيس الجمهورية "فريدريك ويليام دى كليرك"، ولعب دورًا بارزًا في الترويج للسلام بمناطق أخرى تشهد صراعات ليحصل بذلك على جائزة نوبل للسلام عام 1993.
وعقب إطلاق سراحه شغل منصب رئيس المجلس الأفريقي خلال الفترة من يونيو 1991 إلى ديسمبر 1997، كما أصبح أول رئيس أسود لجنوب أفريقيا عام 1994 وخلال فترة حكمه شهدت جنوب أفريقيا انتقالًا كبيرًا من حكم الأقلية إلى حكم الأغلبية.
رمز للإرادة الجماعية
"مانديلا" ليس شخصًا مناضلًا فحسب، بل رمز للإرادة الجماعية وللكفاح الاجتماعي والسياسي الحقيقي، فكفاحه ضد التمييز العنصري المؤسسي، رسخ مفهومًا مثل النضال بشكل جمعي، مما أفرز كوكبة من المناضلين الأفارقة، الذين ساروا على خطه النضالي، فأثمرت مسيرتهم ثلاث جوائز نوبل للسلام، إحداها كانت من حصة مانديلا، وواحدة ذهبت للمناضل الأفريقي "البرت لوتولي"، وأخرى لـ"ديسموند توتو".
هنا تجدر الإشارة إلى مقولة منديلا الشهيرة: "الحرية لا تقبل التجزئة، لأن القيود التي تكبل شخصًا واحدًا في بلادي إنما هي قيود تكبل أبناء وطني أجمعين"، حين قال الرئيس الجنوب أفريقي السابق ذلك كان يرسل رسالة ملخصها:" أن القيم السامية في العدالة والحرية لا يمكن احتكارها إطلاقًا، وأن العائد من ورائها لابد أن يكون مصلحة جماعية وإلا فقدت سموها ومغزاها وتأثيرها".
"نيلسون مانديلا" رسم صورة مختلفة للنضال، وطرح مفهومًا مغايرًا للمناضل، فالمناضل ليس فقط المعارض للنظام، والمنادي بإسقاط الحكومة أو الوزارة، وهو ليس المطالب بمحاربة الفساد ومؤسساته، ولا في ترسيخ الديمقراطية والحريات المجتمعية، فعلى الرغم من أهمية كل ذلك، فإن المناضل أولًا يجب أن يكون إنسانًا يقدس القيم الإنسانية، ويتبنى الحرية بمفهومها المجرد.
تنحي عام 1999
ومنذ تنحيه عن منصب الرئيس عام 1999 أصبح أبرز سفير لجنوب أفريقيا وشارك في العديد من الأنشطة العامة، ونظم حملات ضد مرض نقص المناعة المكتسب "الايدز"، كما عمل على حصول جنوب أفريقيا على حق استضافة بطولة كأس العالم عام 2010.
إلا أن السياسي المخضرم أعلن عام 2004 اعتزاله الحياة العامة ليتسنى له قضاء المزيد من الوقت مع عائلته وأصدقائه، ولم يظهر بعد ذلك سوى مرات قليلة.
التسامح والمصارحة
التسامح والمصارحة والمصالحة كلمات السر والسياسة العبقرية البسيطة في نهضة جنوب أفريقيا وتقدمها بقيادة مانديلا، وعندما ترجل عن الحكم واختارته الأمم المتحدة سفيرا للنوايا الحسنة، رأى أن سر نجاح ثورات الربيع العربي خاصة في مصر وتونس يكمن في المصالحة الشاملة في المجتمع، دون انتقام أو حقد أو عزل وتشريد وطرد.
وخاطب الثوار والحكام الجدد في مصر وتونس بأن يرسلوا "رسائل اطمئنان إلى المجتمع الملتف حول الديكتاتوريات الأخرى، بألا خوف على مستقبلهم في ظل الديمقراطية والثورة، مما يجعل الكثير من المنتفعين يميلون إلى التغيير.. طمأنوا المجتمع ألا خوف في ظل الديمقراطية والثورة.. استحضروا مقولة نبيكم اذهبوا فأنتم الطلقاء".