الحكومة مش شغلتها تدخلنا الجنة
وإذا قالت أو فعلت ذلك، فهذا معناه دكتاتورية بغطاء ديني، مثلما كان يريد الإخوان وعموم التيار الإسلامي، وما زالوا يريدون. فالحقيقة أن الأخبار المتناثرة عن وزارة الداخلية التي تقبض على مواطنين لأنهم يفطرون في شهر رمضان الكريم، مؤشر في غاية الخطورة على أننا لا نبني بلدًا ديمقراطيًا حرًا. ومؤشر أخطر على أن هناك تنافسا بين النظام الحاكم الآن وبين معارضيه وحلفائه من الإسلاميين على التجارة بالدين. فالحكومة "مش عايزه تشتغل شغلتها" وتريد تصدير صورة أنها حامية الدين، وهذه ليست وظيفتها.
لأن القاعدة في أي بلد ديمقراطي حر هو أن التدين من عدمه مسألة شخصية ليس من حق أحد أن يتدخل فيها. أي أنها تندرج تحت حرية الاعتقاد وهو جزء من حرية التعبير والتنظيم. وهو بالمناسبة لا يتناقض مع الإسلام أو أي دين.
لكننا بلد إسلامي؟
غير صحيح أننا بلد إسلامي. نحن بلد مثل كل بلدان الدنيا يعتنق مواطنوه كل الأديان والعقائد. ومن بين مواطنيه من لا يعتنق أي دين أو عقيدة. وحتى إذا كانت أغلبية مواطني أي بلد يعتنقون أي دين، فليس من حقهم أبدًا أن يفرضوا على غيرهم عقيدتهم أو طقوسهم. بل وليس من بعضًا منهم أن يعاقب بعضًا منهم لأنه أخل بهذه العقيدة أو أخل بطقوسها.
فدور الدولة في أي بلد ديمقراطي حر هو أن يحمي حق كل مواطنيه في أن يعتنقوا ما يشاءون من عقائد وأديان وحقهم في ألا يعتنقوا أي شيء. أي أن مؤسسات الدولة هنا وظيفتها حماية هذا الحق، وليس إجبار مواطنيها على دين أو عقيدة معينة وإذا فعلت فهذه دكتاتورية وانتهاك لحقوق مواطنيها.
ثم إن وزارة الداخلية والحكومة والرئيس لديهم ما هو أهم من مواطن لا يريد الصوم، فهناك الانفلات الأمني ومحاربة الإرهاب والكوارث الاقتصادية والغلاء والبطالة ووقف التعذيب وإهانة الناس في اقسام الشرطة.. وقائمة طويلة عليهم أن ينفذوها. ومن المؤكد أن هذا أهم، ومن المؤكد أن هذا هو عملهم الحقيقي إن نجحوا فيه، رضى عنهم الناس، وإن فشلوا فلن ينفعهم أن يلصقوا زبيبة أو حتى ذقنا على وجوههم.