ذكرى وفاة حكيم العرب العاشرة.. الشيخ زايد بن سلطان مؤسس دولة الإمارات وأول رئيس لها.. جمع العرب على قلب رجل واحد ضد العدو الصهيوني خلال حرب أكتوبر.. وأغلق صنابير النفط مقابل الدم العربي
افتقدت منطقة الشرق الأوسط "حكيم العرب" الشيخ زايد بن سلطان بن زايد آل نهيان الفلاحي، مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة وأول رئيس لها، حاكم إمارة أبو ظبي، في الذكرى العاشرة من وفاته، كما افتقدت مصر وقفاته ومواقفه المشرفة والبطولية التي استطاع أن يحفرها في قلوب المصريين قبل ذاكرتهم.
مولده
ولد الشيخ زايد بن سلطان بن خليفة بن شخبوط بن ذياب بن عيسى بن نهيان آل نهيان في عام 1918 م في قلعة الحصن التي بناها والده الشيخ سلطان في مدينة أبوظبي في عام 1910، وهو الابن الرابع، وقد عرف عنه شجاعته وحكمته وقدرته على بسط السلام والنظام وولعه بالشعر، واهتمامه بأمور الزراعة والبناء.
وتولى الشيخ سلطان بن زايد زمام القيادة كرئيس للقبيلة، وحاكم لأبوظبي في عام 1922، واستمر حكمه حتى عام 1926، واتسم بالشجاعة والحكمة والتسامح غير المفرط، ووطد علاقات طيبة مع جيرانه من الأشقاء العرب.
"الرجولة".. قولا وفعلا
واشتهرت مقولة الشيخ زايد التي أطلقها عام 1973 في حرب أكتوبر حين قال: النفط العربي ليس أغلى من الدم العربي. وبادر بقطع النفط عن دول العالم. مما شكل ضغطا فاعلا على القرار الدولي بالنسبة للحرب.
ومن ضمن مقولاته: "ما تقوم به الإمارات نحو مصر هو نقطة ماء في بحر مما قامت به مصر نحو العرب"، وقال: "نهضة مصر نهضة للعرب كلهم"، وقال: "أوصيت أبنائي بأن يكونوا دائما إلى جانب مصر، وهذه هي وصيتي أكررها لهم أمامكم، فهذا هو الطريق لتحقيق العزة للعرب كلهم".
شقيقتا الإمارات
في حرب أكتوبر 1973 كان الشيخ زايد في زيارة إلى بريطانيا، لم يتردد في إعلان دعمه الكامل، ووقوفه في الخندق الأمامي، قرر دعم الحرب بكل ما يملك، قدم ما في خزينة بلاده، ثم اقترض ملايين الجنيهات الإسترليني من البنوك الأجنبية ليقوم بإرسالها على الفور إلى مصر وسوريا.
وبعد حرب أكتوبر كانت وقفة الشيخ زايد التي لا تنسى لمساعدة مصر على إعادة إعمار مدن قناة السويس (السويس- الإسماعيلية- بورسعيد) التي دُمرت في العدوان الإسرائيلي عليها عام 67.
مكر الشيخ زايد
اللافت للانتباه أنه لديه مبدأ لا يتجزأ عن مقولاته التي عرفت بالشجاعة والرجولة والثبات، وكان دائم القول، خلال لقاءاته مع القادة العرب: "عندما تبدأ المعركة مع إسرائيل، فسوف نغلق على الفور صنابير البترول، ولن نكون بعيدين عن أشقائنا أبدًا".
وجمعت بينه وبين الملك فيصل، علاقة طيبة وفكر متقارب، حيث أطلق شرارة حظر البترول عن الغرب تضامنًا مع معركة العرب في 1973 وإلى جواره حكام الأمة، فقد كانوا جميعًا على قلب رجل واحد..
عرش الشيخ وروحه
سئل الشيخ زايد في هذا الوقت من أحد الصحفيين: ألا تخاف على عرشك من الدول الكبرى؟ لم يتردد العروبي الأصيل في أن يقول "إن أكثر شيء يخاف عليه الإنسان هو روحه، وأنا لا أخاف على حياتي، وسأضحى بكل شيء في سبيل القضية العربية، إنني رجل مؤمن، والمؤمن لا يخاف إلا الله".
وعقب توقيع اتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل، وبالرغم من مقاطعة عدد من الدول العربية لمصر بسبب تلك الاتفاقية، إلا أن موقفه لم يتغير، وكانت له مقولة شهيرة: "لا يمكن أن يكون للأمة العربية وجود بدون مصر، كما أن مصر لا يمكنها بأي حال أن تستغنى عن الأمة العربية".
إنجازات لا يمحيها التاريخ
استطاع الشيخ آل نهيان، أن يخطف قلوب المصريين، منذ توليه منصب رئاسة دولة الإمارات العربية في بدايات السبعينيات من القرن الماضي، نظرا لكرمه الكبير الذي لم يتردد يوما في تقديمه لهم.
وأطلق اسمه على العديد من المشروعات بدأت بحي الشيخ زايد في مدينة الإسماعيلية بناها لتوطين أبناء الإسماعيلية الذين فروا من المدينة خلال فترة الحرب من 1967 وحتى عام 1973 كما أطلقوا اسمه على محطة القطار التي تقع في نفس المنطقة.
وفي عام 1991 قام الشيخ زايد بتحويل القرض المقدم من صندوق أبوظبي للإنماء الاقتصادي إلى منحة لا ترد تستخدم في تنفيذ مشروعين من مشروعات التنمية الدائمة في مصر وهما مشروع امتداد ترعة الحمام بالساحل الشمالي ومشروع استصلاح وزراعة 40 ألف فدان شرق قناة السويس في سيناء.
وقام بعد ذلك بتخصيص 200 مليون دولار لتنفيذ مشروعات تنموية رائدة منها استصلاح وزراعة نحو 300 ألف فدان في مناطق النوبارية والبستان والساحل الشمالي ساهمت في توفير الآلاف من فرص العمل حيث تم استخدام هذا المبلغ الكبير في شراء معدات استصلاح أراض ومعدات ري متطورة ومستلزمات شبكة الكهرباء والمحولات اللازمة لتشغيل المشروع.
وأطلقت مصر عرفانا بالجميل اسم الشيخ زايد على مدينة سكنية كاملة من المدن الجديدة التي تم تشييدها مؤخرا وهي مدينة الشيخ زايد التي تعد ضاحية لحي المهندسين ومدخلا لمدينة السادس من أكتوبر.
4 مليارات جنيه استثمارات زراعية
وقدم الشيخ زايد الدعم المالي الذي يحتاج إليه قطاع الزراعة والري في مصر حيث ساهم في تنفيذ مشروع ترعة الشيخ زايد في منطقة توشكى بطول 8،50 كم حيث بلغت قيمة الأعمال المنفذة فيها خلال العام الماضي فقط نحو 725 مليون جنيه لتصل بذلك الاستثمارات الإجمالية الموجهة إلى هذا المشروع 4 مليارات و104 ملايين جنيه.
ولم يتوقف حب الشيخ زايد لمصر على مساهماته المالية الكبيرة في مشروعات التنمية بل فتح أبواب الإمارات أمام الشركات والعمالة المصرية حيث حصلت إحدى الشركات المصرية على عقد لتنفيذ مشروع مد أنابيب المياه من محطة الطويلة في مدينة العين بتكلفة إجمالية بلغت مليار جنيه.
كما حصلت شركة المقاولون على العديد من العقود لتنفيذ مشروعات في دولة الإمارات وبلغ حجم أعمالها خلال العام الأخير في إمارة أبوظبي فقط نحو 700 مليون درهم وهو ما يعادل 2،1 مليار جنيه مصري وقامت الشركة بتنفيذ مشروع تطوير كورنيش ميناء المصفح بتكلفة 47 مليون درهم.
ويذكر أنه بلغ حجم الاستثمارات الإماراتية المباشرة في مصر ما يزيد على ملياري درهم أي نحو 4،3 مليارات جنيه وتتوزع هذه الاستثمارات على أكثر من 100 مشروع في مجالات الزراعة والإنشاءات والعقارات في حين بلغت قيمة الاستثمارات غير المباشرة نحو مليار درهم مما جعل الإمارات تحتل المرتبة الثالثة عربيا من حيث حجم الاستثمارات في مصر بعد السعودية والكويت.