يوم سقوط الإخوان
عام مر وأيام تمر وأعمار تنقضي، وكان سقوط الإخوان منذ عام مضى، ومن بعدها أظهرت الجماعة لنا أنيابها الإرهابية، من كان الناس يعتقدون أنهم حملان وادعة إذا بهم ذئاب دموية، الشيء الوحيد الذي تتشابه فيه مع الحملان هو مفهوم القطيع، وأظن أن سياسة القطيع هي التي أسقطتهم، لم يسقطهم أحد ولكنهم أسقطوا أنفسهم، انتهى حلم الإخوان عندما نظروا إلى أنفسهم ومصالحهم وأولوياتهم وأغفلوا مصالح الشعب، كانت البداية حينما تحدث مرسي في دعاياته الانتخابية عن الشعب وحقوقه وأنه سيكون لكل الناس، قدم العديد من الوعود، وأقسم بأغلظ الأيمانات، ووقع عقدا مع الشعب قال فيه: إن خالفت وعودي فميدان التحرير موجود فلا شرعية تعلو على الميدان، لا صندوق ولا غيره!
ولأن الإخوان كانوا قد قدموا مرسي للشعب من خلال مشروع زعموا أنه المشروع الحضاري الأكبر الذي سينهض بمصر وأطلقوا عليه "مشروع النهضة" لذلك أخذ الشعب يعد الأيام والليالي ليرى الخطوات الأولى لهذا المشروع، لم يطلب الشعب من مرسي أن يحقق نتائج فورية لمشروعه، ولكنه كان يطمع في رؤية الخطوات الأولى، وبينما كنا في جمرة الانتظار إذا بخيرت الشاطر يخرج علينا قائلا:" لا يوجد مشروع اسمه مشروع النهضة، ولكنها كانت مبالغة من الإعلام"! فكان السقوط الأول لجماعة زعمت أنها تبتغي رفع راية الإسلام.
وإذ لذلك لعبت برءوسنا الآمال فقلنا إنهم يعرفون إن المسلم الحق إذ وعد حقق، وإذا تحدث صدق، ومشاكل حياتنا تترى، فتوقعنا أن يبدأ الإخوان طريق النهضة من خلال إصلاح منظومة الاقتصاد، ولكن الإخوان بمرسيهم وشاطرهم ومرشدهم أعرضوا بجانبهم ولم يستعينوا بأي كفاءة بل عمدوا إلى الاعتماد على أهل الولاء، وليتهم نظروا لأهل الولاء لمصر ولكن كان همهم هو البحث عن أهل الولاء لجماعتهم.
قلنا لعلهم سيرتفعون بنا عن طريق مشروعات صناعية ضخمة، فلم يتحركوا خطوة، قلنا لعلنا سنرى بداية مشروعات زراعية ضخمة ـ وكلنا كنا ننتظر بدايات لا نتائج ـ ولكننا لم نر شيئا ولا في الأحلام، قلنا لعلهم يحملون خطة سياحية تجعل من مصر أكبر دولة سياحية في المنطقة، ولكن رؤيتهم للسياحة لم تكن مشجعة على الإطلاق، قلنا لعلهم سيبدأون من طريق إصلاح التعليم والبحث العلمي، ولكن ذهبت أمانينا أدراج الرياح، وهكذا في كل المجالات.
فماذا فعل الإخوان إذن؟ دخلوا من أول لحظة لهم في الحكم في صراع مع القضاء، وحاصروا المحكمة الدستورية العليا ليمنعوها من العمل في ظاهرة لم تحدث في تاريخ مصر، وكانت طريقتهم في القضاء هي محاولة أخونته والسيطرة عليه ليكون تابعا لهم، ثم دخلوا في صراع مع الإعلام لنفس السبب إذ كانوا يريدونه إعلامًا موجهًا لا مستقلا، ثم كان صراعهم مع مجتمع المثقفين، وهكذا دواليك، وكأنهم ما جاءوا للحكم إلا من أجل الدخول في صراعات والحقيقة أن هذه الصراعات لم تكن من أجل الإصلاح، ولو عرف الشعب هذا لوقف معهم، ولكن هذه الصراعات كانت من أجل إحكام التمكين لأنفسهم وتنظيمهم، وفي سبيل ذلك ارتكبوا كل الأخطاء المتوقعة وغير المتوقعة، وكانوا مجرد أداة في يد أمريكا، فأسقطهم الشعب.