«شيخ الأزهر» يدعو إلى القربة والتسامح مع أولى الأرحام وذوي القربى.. ويدلل بالآيات القرآنية على عدم المغفرة لمن يقصر عن عمد في التواصل والود.. ويؤكد: الوسائل الحديثة سهلت مشقة الماضي وتغني عن
يتحدث الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، اليوم خلال برنامجه، المذاع طوال شهر رمضان المبارك، على الفضائية المصرية، قبل الإفطار عن عظم حق صلة الرحم وأهميتها.
في بداية اللقاء، أوضح الطيب، أن القرآن الكريم كثيرا ما يتحدث عن بر ذوي القربى بعد الأمر بالإحسان إلى الوالدين.
وتابع: قال تعالى: «وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلاَّ قَلِيلًا مِّنكُمْ وَأَنتُم مِّعْرِضُونَ»، فالأمر بعبادة الله أعقبه الأمر بالإحسان إلى الوالدين، ثم ذوي القربى، ثم بعد ذلك اليتامى والمساكين وابن السبيل.
وأوضح أن دخول ذوي القربى في هذه الأوامر القرآنية يدل على عظم حق صلة الرحم وأهميتها، وعمدة الآيات التي تقرن الأمر بالإحسان بذوي القربى "صلة الرحم" بالأمر بالإحسان إلى الوالدين، في قوله تعالى: «وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا».
وأشار إلى أن ذالك الربط بين عبادة الله والنهي عن الشرك، وبين البر بالوالدين وبين الإحسان إلى ذوي القربى واليتامى والمساكين، يدل على أن منظومة الإيمان هي منظومة واحدة، وأن الذي لا يبرُ والديه، ولا يحسن إلى ذوي رحمه ولا يعطف على اليتامى والمساكين، كأنه خارجٌ عن منظومة الإيمان بالله سبحانه.
وأكد فضيلته إلى تقصير معظم الناس في السؤال عن ذوي القربى إثم ومعصية، فأوامر القرآن الكريم صريحة في النص على الإحسان إليهم، والسؤال عليهم، موضحا أن المسلم إذا كان يستطيع أن يقوم بالزيارة، ولديه الوقت، فلابد من الزيارة، وإذا كان مشغولا معظم وقته أو يسكن في مكان بعيد، فمن الممكن أن تقوم طرق التواصل الحديثة مقام الزيارة.
وشدد شيخ الأزهر على أن صلة الرحم واجبة وإن كان القريب كافرًا أو مُشرِكًا، ومن باب أولى بر الوالدين غير المسلمين، فعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَتْ: قَدِمَتْ عَلَيَّ أُمِّي وَهِيَ مُشْرِكَةٌ، فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَاسْتَفْتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قُلْتُ: إِنَّ أُمِّي قَدِمَتْ، وَهِيَ رَاغِبَةٌ أَفَأَصِلُ أُمِّي؟ قَالَ: «نَعَمْ صِلِي أُمَّكِ» فأمها كانت على الشرك وعلى الكفر، والسيدة أسماء كانت مسلمة، فالنبي ـ صلى الله عليه وسلم - ما قال لها إنها كافرة، فلا تستقبليها أو لا تحسني إليها أولا تصليها، وإنما أمرها فقال: «نَعَمْ صِلِي أُمَّكِ».
ونوه إلى أن الفاروق عمر ـ رضي الله عنه ـ حينما أهداه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ حُلَّة من الحُلَل فأراد أن يلبسها قال: لا أنا أعطيك هذه الحُلة لتبتاعها أو لتهديها، فأهداها إلى أخٍ له لم يكن مسلمًا، فإن الهدية بر وصلة، ثم إن الآية القرآنية واضحة: «لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ، فصلة الرحم وبر الوالدين واجبان وإن كان الموصولُ كافرًا أو مشركًا.