رئيس التحرير
عصام كامل

الشاعرة سهير المصادفة: إصدارات هيئة الكتاب إهدار للمال العام

فيتو


  • المشهد الأدبى في مصر يمر بأسوأ مراحله
  • من الصعب إلغاء وزارة الثقافة في مصر 
  • نعانى من أمية ثقافية والوزارة تخدم مصالح المثقفين فقط
  • لدينا تفاهات حول النشر والجوائز والصحافة الأدبية
  • الهيئة المصرية للكتاب تعانى من الشيخوخة
  • توزيع الكتاب كارثة العالم العربى العظمى 
  • الاستراتيجيات الفاشلة قوضت صناعة الكتاب العربى 
  • أرفض منع أو مصادرة أي عمل فنى أو أدبى
  • يحزننى غياب صوت المسحراتى من شوارع القاهرة 
  • تم تمييع المشهد الأدبى لصالح فقاعات لا قيمة لها
  • مصر مؤهلة للصناعات الثقافية الكبرى 
  • لو كانت وزارة الثقافة "شغالة" لما احتل الإخوان مصر 

كاتبة متعددة المواهب، فهى شاعرة ومترجمة، صاحبة روايات "لهو الأبالسة، مس إيجيبت، و"رحلة الضباع ".. هي الدكتورة سهير المصادفة المشرف العام على سلسلة الجوائز بالهيئة العامة للكتاب.

"فيتو" حاورتها حول أزمة النشر والترجمة في العالم العربى، ودور وزارة الثقافة في المرحلة القادمة، وحرية الإبداع والرقابة على الأعمال، وأسباب تدهور الحالة الأدبية المصرية والعربية.


*كيف تقضين أيام شهر رمضان؟

شهر رمضان أكثر روحانية عن باقى شهور السنة، ولذلك أكتب فيه قليلا وأقرأ كثيرا، فهو شهر يتميز بالعائلية، أيضا ضاع كثير من طقوسه التي اعتدنا عليها، فالتليفزيون للأسف حل محل الطقوس الشعبية الرمضانية في مصر، وأصبح هو المعبر عن قدوم رمضان، نحن اعتدنا على أن رمضان هو انطلاقة للشارع ووالتحام الجماهير ببعضها البعض للاحتفال والاستمتاع بروحانياته.

ويحزننى كثيرا أننى لم أعد اسمع صوت المسحراتى يجوب شوارع القاهرة كالماضى، أيضا أفتقد الأصوات الصوفية كالرائع النقشبندى، والتي كانت تسيطر على وجدان المصريين في الثمانينيات والتسعينيات.

*ما هي أسباب أزمة النشر والترجمة في الوطن العربى؟

الترجمة في العالم العربى من المنطقى أن لا تستطيع دور النشر الخاصة القيام بها، لأنها تحتاج إلى أموال طائلة، فهى مجهود إبداعى صعب ومواز تماما لأنه إعادة إنتاج نص إبداعى كامل بلغة بديلة، بالإضافة إلى أنها مسئولية كبيرة فيجب أن يقدم المبدع الذي يترجم عنه بشكل حقيقى دون تحريف، أيضا لابد أن يكون الكتاب إضافة حقيقية للمكتبة العربية بحيث يظل دائما على رفها ولا يرفع منها أبدا.

فالترجمة دائما هي مشروع قومى، فكانت ومازالت في العالم العربى والذي يمر بظروف صعبة مع الكتاب وتوزيعه، وهى كارثة العرب الأعظم، فدار النشر ستترجم كتابا ولن تستطيع توزيعه، ولكن بدعم من الدولة فمن الممكن أن تطلع هذه الدولة بمشروع قومى للترجمة.

*وهل عنوان الكتاب المترجم يحدد حجم توزيعه ومبيعاته؟

هناك العديد من المعايير التي يتوقف عليها التوزيع، ومنها اسم المؤلف، فعندما أترجم رواية للكاتب الكولومبى ماركيز ستكون نسبية مبيعاتها أكثر من رواية للكاتب أندرو ملير، أيضا يستند التوزيع إلى جودة المترجم.

ولكن توزيع الكتاب في العالم العربى ومصر يمثل كارثة، تحتاج إلى تسوير في الأداء إذا جاز التعبير، نكاد لا يكون لدينا توزيع حقيقى للكتاب، ونحتاج إلى رؤى واستراتيجيات بديلة لحل تلك الأزمة، أيضا نحتاج إلى سبل أخرى غير المرتكنين إليها والفاشلة تماما والتي قوضت صناعة الكتاب في الوطن العربى، فحينما نتحدث عن أكثر من عشرين دولة عربية ونحن ننتج كتاب بالعربية ولا يوزع غير 1000 نسخة فهذه كارثة قومية. 

*بعض المثقفين يرون أن الهيئة المصرية العامة للكتاب تعانى من الشيخوخة.. فما تعليقك؟

هذا كلام صحيح وتردد كثيرا، فالهيئة المصرية العامة للكتاب تحتاج إلى إعادة هيكلة لكل السلاسل والمجلات، ويعى هذا الكلام جيدا الدكتور أحمد مجاهد، رئيس الهيئة، والذي يجتمع بالقيادات بشكل مستمر بخصوص ذلك الأمر، ويبحث في تطوير إعادة هيكلة النشر في الهيئة، لأن الاستمرار في نشر تلك الإصدارات أصبح دون جدوى ويعد إهدارا للمال العام.

وفى معرض القاهرة للكتاب الماضى، كنت قد نظمت مجموعة من الموائد المستديرة والتي كانت تناقش جدوى إصدار السلاسل والمجلات والتي عزف عنها القارئ ولا تحقق أي توزيع، وأعتقد أن هناك خطوات ستتبعها الهيئة في الفترة المقبلة لإنقاذ النشر بها ولأن الصمت حول هذا الملف أكثر من ذلك كارثة فعلية.

*كيف ترين تدخل مؤسسة الأزهر في الأعمال الثقافية والإبداعية وبالأخص أزمة فيلم "نوح"؟

ضاحكة: "كل تلك الأزمة والغريبة أن الفيلم مش حلو"، الحقيقة نحن نقع في فخ، فعندما نتحدث عن رواية بحجم "مدام بوفارى" لفلوبير ويحدث مناقشات ومجادلات فهذا مقبول، ولكن عندما يتم - رغم اعتراضى ضمنيا – على مصادرة أو منع فيلم ركيك ورديء.

وأنا ضد مصادرة أو منع أي عمل ثقافى أو فنى على الإطلاق، ولكن على سبيل المثال أتعامل مع دور نشر كبرى مثل دار النشر الفرنسية " جاليمار " والتي ترفض أعمال لكبار مبدعى العالم، فهناك ثمة معايير أدبية لقبول الكتاب، وللأسف اختقت تلك المعايير من مصر، فإذا كان لدى كتاب ركيك فنيا هل من حقى أن أرفض نشره ؟؟.. ومن الذي سمح له بالإنتاج ؟؟.. وهذا يطبق على الأعمال السينمائية.

فالمشكلة استشرت عندما أصبح فيلم "حلاوة روح" يناقش على أنه فيلم وليس على أساس أنه يمنع أو لا يمنع، فمصادرة الأعمال في مصر كارثة لأنها قد تتعرض لأعمال أخرى جيدة قد تكون تناقش تابوهات مثل ما حدث في روايتى "لهو الأبالسة" أو "مس إيجيبت".

*كيف ترين المشهد الأدبى في مصر؟

المشهد الأدبى في مصر يمر بأسوأ مراحلة، فقد أصبح لدينا مجلات لا تقرأ، كتب لا تقرأ، روايات بالعشرات غير مهمة ولا تضيف إلى المشهد الأدبى، دواوين ليس لها علاقة بالشعر إلا من رحم ربى، فحدث ما يسمى بتمويع وتمييع المشهد الأدبى في مصر لصالح ربما بغض الأسماء هي فقاعات أيضا، فهى تكاد تكون مؤامرة حقيقية.

*هل ما آل إليه الوضع الثقافى يرجع إلى "الشللية" ؟

"الشللية" ستظل موجودة طالما لم تتواجد مشاريع ثقافية حقيقية، وفى الحياة الثقافية العربية لم تشعل معارك ثقافية طوال جيل الثمانينيات والتسعينيات إلا معارك طه حسين والعقاد فقط، وفى لحظة وجود حياة ثقافية فاعلة ستتلاشى تلك الشللية، فنحن لدينا تفاهات حول النشر والجوائز والصحافة الأدبية، من أصبح نجما ومن لم يصبح، من اقترب أكثر من السلطة والكرسى.

*هناك من يطالب بإلغاء وزارة الثقافة.. ما رأيك؟

من الصعب إلغاء وزارة الثقافة في مصر، لأننا نعانى من أمية ثقافية، واتفق مع الكلام الذي يقول إن وزارة الثقافة لم تقم بدورها المنوط به على مدى ربع قرن أو أكثر، لتوصيل أية سلعة ثقافية لهذا الشعب، فهى تعمل على خدمة مصالح المثقفين فقط، ومن الصعب التخلص من هذا الإرث الثقيل وهناك بعد آخر إذا كانت وزارة الثقافة "شايفة شغلها" لماذا احتل الإخوان المسلمون مصر.

ومازال أمامها أن تسدد هذا الدين الفادح وأن تصل إلى كل ربوع والنجوع، وأن تضع إستراتيجيات مختلفة وبديلة عما كان موجودا، حتى تعود وزارة الثقافة بقصورها ومسارحها كما كنا في مطلع الستينيات تنير شواشى الذرة في القرى، فمصر مؤهلة للصناعات الثقافية الكبرى وتتخذ أية خطوة للأمام. 

*إذا كنتِ تملكين مسدسا.. على من ستصوبيه؟

على التخلف، كل من يصرون أن يعودوا بنا قرونا إلى الوراء بإصرار منقطع النظير، والفقر والجشع، والركود في كل المجالات.
الجريدة الرسمية