رئيس التحرير
عصام كامل

الصحف الأجنبية: سفك دماء الفلسطينيين صدم المجتمع الدولي.. 50 مليار دولار لـ«حماس» مقابل «نزع السلاح».. قدرات «حماس» القتالية فاقت توقعات جيش الاحتلال.. واشنطن تعدل سياسته

الاوضاع في غزة -
الاوضاع في غزة - صورة ارشيفية

احتل اهتمام الصحف الأجنبية الصادرة صباح اليوم الاثنين، بقضايا الشرق الأوسط التي كان من أبرزها تصاعد الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة.

وركزت صحيفة "الجارديان" البريطانية على تصعيد الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة، وقالت إن "مناظر القتل وسفك دماء المدنيين الأبرياء تصيب أي شخص بالصدمة حتى من يدافعون عن حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد صواريخ حركة حماس التي تطلق من غزة".

ورصدت الصحيفة بعض المشاهد المؤلمة، التي تعد بمثابة صدمة من العدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين، كان من بينها قصف منزل مرتين وقتل 22 شيخا وإصابة 45 آخرين بجروح.

وأشارت الصحيفة إلى استهداف إسرائيل عناصر من حماس ومنازل لقادة الحركة بها أطفال ونساء أبرياء تسفك دماؤهم دون ذنب ويموتون بسبب العقاب الجماعي الذي فرضته إسرائيل على الفلسطينيين، ولفتت إلى قصف إسرائيل ملجأ للمعاقين زعما أن حماس تخفي فيه المعدات، صدم المجتمع الدولي من وحشية الاحتلال.

وترى الصحيفة أن أي حل لإنهاء الصراع يجب أن يكون بالطرق السياسية، "فالعمليات العسكرية الأربع التي كررتها إسرائيل خلال السنوات الثماني الماضية بنفس الدوافع دليل على أن الحل العسكري لم يثبت نجاحه وإنما يزيد الأمور تعقيدا ويسفك دماء الفلسطينيين الأبرياء".

وذكرت صحيفة «يديعوت أحرنوت» الإسرائيلية، أن هناك بعض الاقترحات لإنهاء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة منها طرح إسرائيل تقديم 50 مليار دولار لحماس مقابل نزع السلاح عن الحركة، وإحداث تهدئة في القطاع، وعرض ذلك المقترح على مجلس الأمن الدولي.

وقالت الصحيفة، في تقرير لها، الاثنين، «إن إسرائيل تريد ضمانات دولية لنزع سلاح حماس، مثل الضمانات الدولية لاتفاق نزع السلاح الكيماوي السوري من نظام الرئيس بشار الأسد».

وأضافت الصحيفة إن الاقتراح الإسرائيلي بالحصول على رعاية الولايات المتحدة لأي اتفاق لوقف إطلاق النار بين الفلسطينيين والإسرائيليين يؤدي إلى تأجيل المحاولات الفلسطينية والمصرية والتركية والقطرية لوقف التصعيد بين حماس وتل أبيب.

وقالت صحيفة "معاريف" العبرية: "إن حركة حماس أثبتت خلافًا لتوقعات الأجهزة الاستخباراتية الإسرائيلية إن لديها القدرات العالية والنفس الطويل في المواجهة العسكرية مع تل أبيب".

وذكرت الصحيفة أن حركة حماس تبحث عن انتصار لها من خلال عملياتها العسكرية ضد الاحتلال، مطالبة- أي الصحيفة- المجلس الوزاري الأمني والسياسي "الكابينت" بالعمل على اتخاذ قرار من أجل وقف إطلاق النار المتواصل في قطاع غزة.

واعتبرت "معاريف" أن "الكابينت" في ورطة وحيرة شديدة بشأن الدخول إلى عملية برية، أو وقف إطلاق النار من جانب واحد، موضحة أن فصائل المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها حركتا حماس والجهاد الإسلامي أثبتا أن لديهما القدرة على إطلاق صواريخ بعيدة المدى إلى ما بعد حيفا.

وقالت الصحيفة: "إن حركة حماس ستواصل إطلاق الصواريخ على المدن الإسرائيلية، مدعية أن هذا الأمر سيتوقف في حال كثف جيش الاحتلال من عملياته الجوية في القطاع، أو الدخول إلى عملية برية، إلا أن محللين عسكريين أوضحوا أن إسرائيل فشلت في تحقيق أهدافها حتى اللحظة".

وبالنظر إلى الوضع الراهن في الشرق الأوسط أكدت أن هناك ضرورة لإعادة صياغة سياسة الولايات المتحدة في المنطقة، ويبدو أن خطاب باراك أوباما الأخير يحمل بين طياته بعض الإشارات لبداية هذه العملية.

وخلال الاحتفال بتخرج دفعة جديدة من طلبة أكاديمية وست بوينت العسكرية الأمريكية في الثامن والعشرين من مايو الماضي، ألقى الرئيس الأمريكي كلمة مطولة، تطرق خلالها لقضايا عديدة خاصة بشأن وضع الولايات المتحدة في العالم والشئون الدبلوماسية والعسكرية المرتبطة بها.

الملفت للنظر هو أن الرئيس الأمريكي لم يتناول في حديثه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، أحد أبرز الصراعات الذي يحتل مكانة كبيرة في جدول أعمال وزير خارجيته الأمريكي جون كيري.

وبعد مرور نحو أسبوعين على خطاب أوباما، اندلع العنف مرة أخرى في غزة، إذ لقي أكثر من 100 شخص حتفهم نتيجة الغارات الجوية الإسرائيلية كما استمر إطلاق الصواريخ على إسرائيل من الجانب الفلسطيني.

يأتي ذلك عقب تطورات الأوضاع الناتجة عن خطف ثم قتل ثلاثة مراهقين إسرائيليين وطفل فلسطيني، ومع تزايد التوقعات بإمكانية شن عملية أرضية إسرائيلية على غزة، تدعو الأمم المتحدة كلا الطرفين إلى ضرورة التوصل إلى هدنة.

كيف هو موقف السياسة الأمريكية تجاه ما يحدث؟ فبعض الأصوات توجه اللوم بشكل واضح للولايات المتحدة مثل الباحث لي سميث، بمعهد هودسون والذي يرى أن "المشكلة الأساسية التي يواجهها الوزير الأمريكي جون كيري تتجلى في عدم ثقة أي طرف بالالتزام الأمريكي تجاه القضية، وتشير كل سياسات الإدارة الأمريكية حول الشرق الشرق الأوسط إلى شيء واحد وهو أن أمريكا ترغب في الابتعاد عن موضوع الشرق الأوسط".

الباحث ديفيد بولوك من معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى له رؤية أخرى ويقول في تصريحات لـ DW " أعتقد أن العكس هو الصحيح، أعتقد أن (جهود كيري) حافظت على السلام أو ساعدت في الحفاظ عليه لمدة عام تقريبا، وهو إنجاز لا بأس به بالنظر إلى الظروف في المنطقة".

فراغ دبلوماسي
وخلال ندوة نظمها مركز ولسون في واشنطن، تم التأكيد على هذا التقييم، وأثنى المشاركون في المنتدى على الجهود الأخيرة التي قام بها كيري في المنطقة.

وخلص المشاركون إلى أن المشكلة لم تكمن في الطموحات غير الواقعية التي لم يتمكن لكيري، بل في أن اليأس تمكن منه سريعا عندما لاحظ أن خططه بشأن التوصل لتسوية نهائية بحلول أبريل الماضي، غير قابلة للتحقيق على أرض الواقع.

ويصف روبرت دانين، الباحث في مركز العلاقات الخارجية، الوضع الحالي قائلا:"ما نعيشه الآن هو فراغ دبلوماسي.. ما يزعجني هو عدم وجود خطة بديلة للطموحات الدبلوماسية التي كانت منشودة في أبريل.. فثمة حاجة لتوجه دبلوماسي يختلف عن منظور - إما كل شيء أو لا شيء".

وأوضح دانين أن المنطقة الآن بحاجة للتحول من مبدأ "حل الصراع" إلى مبدأ "إدارة الأزمة"، فهل يعني هذا أن الولايات المتحدة بحاجة إلى إعادة صياغة سياستها تجاه الشرق الأوسط بشكل جذري؟".

دور قيادي لأمريكا
ربما يكون أوباما أغفل تناول موضوع الصراع الفلسطيني الإسرائيلي خلال كلمته في ويست بوينت، ولكن هل يكفي ذلك للحديث عن تغير محتمل في السياسة الخارجية الأمريكية في المنطقة؟، ويرى دانين أن السؤال القائم لا يرتبط الآن بموضوع قيام أمريكا بدور قيادي أم لا، بل بكيفية نهج الدور القيادي".

فهل أخفقت جهود كيري لهذا السبب بالذات؟ وهل كان على الولايات المتحدة الاستعانة بشركاء آخرين بدلا من محاولة حل المشكلة لوحدها؟

الخبير بولوك أجاب على هذه الأسئلة قائلا:"لا أرى أن الولايات المتحدة ترغب في الاستئثار بالبحث عن حلول. لكن المشكلة بسيطة للغاية وهي أن إسرائيل لا ترى وجود موقف عادل لدى الأطراف الأخرى، فإذا أرادت أوربا على سبيل المثال، أن تلعب دورا أكبر وأكثر فاعلية فعليها تحمل هذا القلق الإسرائيلي بشكل كبير".

وفي الوقت نفسه ثمة تشكك في إمكانية العثور على الشريك المناسب في المنطقة، فمصر نجحت من خلال رئيسها المعزول محمد مرسي الذي كان يتمتع بصلات قوية مع (حركة المقاومة الإسلامية) حماس، في التوسط لوقف إطلاق النار بين الجانبين عام 2012، أما الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي فمن غير المتوقع أن يلعب نفس الدور بسبب خصامته مع حماس.
الجريدة الرسمية