فوائد الحشيش وعظمة الحشّاشين
ملحوظة قبل أن تقرأ: لا علاقة بين فكرة إقرار الحشيش وحالة الغليان التي تشهدها البلاد.
مثقف عراقى يعيش في ألمانيا هو من قال لي بفوائد الحشيش وكان من فرط حسن ما تحدث به أني لولا وجودي فى عاصمة أوربية لبحثت عنه فورا خشية أن يتركني هذا الخير الوفير الذي ذكره الصديق العراقي فهو من المواد التي تفتح شهية العقل على العمق في أدق الأمور، وهو المادة الفعالة المرتبطة بالإبداع والعبقرية وهو الباب المفتوح على آفاق أكثر رحابة وهو الملاذ من ضيق الأفق إلى القفز فوق القواعد والعبور بالنفس من جدران الجسد إلى سموات الروح وهو وهو….. إلى آخر قوائم المحاسن التي لم ينفرد بذكرها المثقف العراقي وحده بل سبقه كثير.
ومن العجب أن الحشيش الذي كان معروفا بين فئات شعبية محددة انتقل إلى فئات أعلى ومن أفواه الرجال "الشعبويين الأشداء" إلى أفواه فتيات فى العشرينيات من العمر بعد أن تحول إلى موضة سائدة بين بنات هذا الجيل وسابقه، ولأن الحشيش لم يكن مزاج الكبار فقد ارتبط بأنماط اجتماعية لا يخلو منها شعراء ومفكرون وأدباء وصعاليك وعادة ما توصف الفكرة الغريبة بأن صاحبها "واخد تحشيشة"، فإذا ما كانت غرابة الفكرة مرتبطة بعبقرية فذة وتأثير قوي لها، فإن صاحب الافتكاسة "شارب صنفا جيدا" أما إذا كان العكس فإن الحشيشة والتحشيشة توصفان بأنهما مضروبتان.
المهم أن مبدعين كبار ارتبط إبداعهم بالحشيش وهو الأمر الذى يفسر اختلاف الغرب حول ضرر الحشيش من عدمه وإباحته في بعض الدول مثل هولندا باعتباره مادة لا تؤدي إلى الإدمان طرحت في الأسواق والمقاهي وفق نظام دقيق، وذلك كله في إطار مواجهة الأنواع الأخرى الأكثر ضررا مثل الهيروين والكوكايين، وقد كان له فعل السحر في مواجهة هذا الأمر بنجاح قد يغرينا على تطبيق النموذج الهولندى حماية لأولادنا من "براشيم " الصراصير والترامادول والأبتريل الدموي والبودرات بأنواعها الفتاكة.
ولك أن تتصور منافذ البيع الحكومية الرسمية وهي تدقق في بطاقة التموين لتتعرف على الكمية المسموح بها لك يوميا وما كنت قد حصلت على حصة اليوم من عدمه وينظم الطابور بالطبع رجال أمن بأزياء رسمية، أقوياء وربما يخضعون لرقابة صارمة من أجهزة قضائية خشية تسرب الحصص التموينية للسوق السوداء، فَيَصِلُ الدعم لغير مستحقيه ونحتاج مرة أخرى إلى فرضيات جديدة لمواجهة هذه المافيا.
وميزة إقرار الحشيش على بطاقات التموين مواجهة هذا العنف المجتمعي وإحلال حالة من السلام والود بين الناس في الشوارع إضافة إلى أن ذلك قد يمنح الحكومة مساحة أوسع للتحرك، فمن شأن الحشيش أنه يجعلك قادرا على استقبال نوائب الدهر ومحن الأسعار وقسوة الأيام بأبسط السبل وربما يتغير نظام بكامله دون أن يحرك ذلك ساكنا لدى الشعب المبسوط والمنبسط بفضل الأنواع الفاخرة من الحشيش الحكومي.
ولإثبات حسن نية الحكومة لا بد وأن يظهر رئيس الوزراء وفي يده نفس النوع التمويني حتى لا يتهم سيادته أو حكومته بتعاطي أنواع فاخرة غير تلك الأنواع التي توزع على الشعب وأظن أن الحكومة ستضطر فى هذا الصدد إلى الاستيراد من دولة إسلامية مثل أفغانستان حتى نتلاشى ما يمكن أن يفعله الغرب في مقدرات الشعب المصري المطحون وتسرب أنواع مغشوشة إلى الأسواق.
ولا يزال الملف مفتوحا.