رئيس التحرير
عصام كامل

بالفيديو والصور.. "المدابغ".. إمبراطورية الجلود تواجه شبح الانقراض.. اختفاء العمالة يعجل باختفاء الصناعة.. توقف التصدير بعد الثورة يهدد أصحاب المصانع بالإفلاس.. و"الحلوى" طوق النجاة

فيتو

هل فكرت يومًا كيف وصل إليك حذاؤك الذي تنتعله يوميا، أو هل خطر على بال أي امرأة أن تهتم كيف وصلت إلى يديها حقيبتها الجلدية فخمة كانت أو بسيطة، الإجابة هنا في حى مصر القديمة، حيث ترتكز صناعة من أكبر وأهم الصناعات في مصر، "المدابغ" أو مصانع الجلود العتيقة والبدائية التي لم تمد إليها يد التطوير منذ سنوات مديدة أصبحت خلالها مدابغ مصر القديمة وصناعة الجلود بصفة عامة مهددة بالانقراض، بعد أن اختفت العمالة بسبب هروب أجيال الأبناء من تعلم "صنعة" الآباء، وعذوف الكثير من الشباب عن تعلم هذه المهنة بسبب بدائية صناعتها في مصر.

" فيتو" كان لها جولة ميدانية بين مدابغ الجلود بمصر القديمة لتقصى صناعة الجلود بمراحلها وأزماتها التي تواجهها.

انقراض العمالة
جلود متراصة في طرقات منطقة "المدابغ" في كل مكان" جلود "أبقار" و"جمال" تصل يوميا من المذبح وتشهد ذروتها في أوقات عيد الأضحى، يستقبلنا في بداية تواجدنا بالمنطقة الحاج محمد سالم صاحب أحد مصانع الجلود، ويصطحبنا في جولة بمصنعة، بداية تدخل الجلود على حالتها الأولى مملحة قادمة من المذابح قبل أن تنغمس في "الجير" لتهيأ قبل أن تدخل في براميل خشبية عملاقة، وعلى الرغم من بدائية تلك البراميل لكنها تفى بالغرض في إزالة "الشعر" عن جلود الحيوانات، بعد إضافة مواد كيميائية منها الصودا الكاوية أو "ماء النار" و"أجزة" وجميعا مواد سامة يجب الحرص أثناء التعامل معها. 


الغراء والجلاتين "طوق النجاة"
تخرج الجلود من براميل إزالة الشعر وهى في حالة "التأسيس" لتجفف على أرضية المصنع وتنثر عليها "نشارة الخشب" لامتصاص "ماء النار" بشكل أسرع، لتصبح جاهزة لمرحلة "الكشط" في ماكينة تحدد "عيار" الجلد. أو سماكته المطلوبة في الصناعة، وخلال عملية الكشط تتناثر بقايا من الطبقة الداخلية للجلد أسفل ماكينة الكشط ويؤكد عامل الماكينة أن تلك البقايا لاتهدر بل تذهب إلى مصانع الغراء وصناعة الجلاتين ليصنع منها الغراء الأبيض، وخامات بعض الحلوى كمادة الجلاتيين التي تستخدم في صناعة "الملبن" و"الجيلى" ويؤكد الحاج محمد أن توريد بقايا الجلود لمصانع الجلاتين والغراء هي بمثابة طوق نجاة للصناع في الفترة الأخيرة.

توقف التصدير
تشهد منطقة المدابغ توسعا رأسيًا في صناعة الجلود فبدلا من الاعتماد على تهيأة المادة الخام "الجلود" فقط، أسس بعض أصحاب "المدابغ" ورش لصناعة الأحذية بجوار مدابغهم، تنقل إليها الجلود بعد تهيأتها للصناعة ويجلس عدد من الصناع المهرة والمتمرسين في المهنة منذ زمن ليضعوا الجلود على قوالب الأحذية ليشكل منتج نهائيًا يقف على مرحلة "التقفيل" والتي تتم في مصانع أخرى بمنطقة باب الشعرية، قبل أن تطرح في الأسواق، أو تصدر إلى الخارج وهو ما يشهد في الفترة الأخيرة توقفًا بعد الأحداث التي تمر بها البلاد وسوء أحوال الصناعة والسوق مما أوقف التصدير جزئيًا.
الجريدة الرسمية