رئيس التحرير
عصام كامل

مصر تصدر المياه!


لم يكن الدكتور عادل البلتاجي، وزير الزراعة، أول وزراء الزراعة الذين وعدوا باتخاذ إجراءات مشددة ضد زراع الأرز المخالفون، إنما سبقه أكثر من وزير دون أن يصدق أحدهم في تنفيذ وعوده التي سرعان ما تلاشت أمام الضغوط السياسية التي كانت تمارس عليهم خاصة في مواسم الانتخابات، حيث كان المرشحون يسعون للحصول على أصوات الناخبين عن طريق الإعفاء من العقوبات المقررة رغم ضعفها، وكان السيناريو يتكرر في الموسم الجديد، يؤكد وزير الزراعة أنه لن يسمح بتكرار ما جرى ويعد بمعاقبة المخالفين، ثم تجيء انتخابات أخرى هذه المرة خاصة بالمحليات، ويمارس المرشحون الضغوط على الحكومة ويطالبونها بالمعاملة بالمثل وإلا فالسقوط سيكون للحزب الوطني.


ولا شك أن تلك السياسات تتحمل القدر الأكبر من المسئولية عن انتشار العشوائيات وامتدادها إلى كل المدن المصرية، بل إمدادها بالمياه والكهرباء بما يحول دون إعادة تخطيطها.

ولا أعتقد أن وزير الزراعة الحالي سيتعرض لضغوط مماثلة من مرشحي المجالس النيايبة القادمة التي اقترب موعد إجرائها، فقد ذهب الحزب الوطني بلا رجعة بما ارتكبه من مفاسد أثارت الغضب الشعبي ولم يعد المواطن يقبل عودة تلك الممارسات، وإن كانت الضغوط التي ستمارس على الوزير ستأتي من جانب المصدرين، وقد بدأت بوادرها بالفعل خلال اللقاء الذي تم بينهم وبين الوزير، حيث طالبوا بالمزيد من التسهيلات لتشجيعهم على فتح أسواق جديدة للتصدير، وعادة تحتل قضية التوسع في زراعة الأرز للتصدير إحدى المشكلات التي تثار، بحجة أن الدولة في حاجة إلى العملة الصعبة، خاصة في تلك الظروف الاقتصادية الصعبة، والأرز المصري يجد طلبا من دول عديدة بأسعار مرتفعة «وهي حجة واهية لا تصمد أمام المعلومات التي يقدمها الخبراء عن النتائج السلبية للتوسع في زراعة الأرز وتصديره.

يؤكد الخبراء أن الأرز والقصب يستهلكان ٢٥٪ من مياه الري وليست أزمة سد النهضة وآثارها المتوقعة بعيدة عن أنظار المصدرين. ويشير الخبراء إلى أن زراعة الأرز بالمخالفة في السنوات الماضية أدت إلى تعطيل خطة التوسع في استصلاح ٧٠ ألف فدان سنويا، كما تؤدي إلى نقص المساحات المقررة لزراعة القطن والذرة، وأن الأرز يزرع إجباريا في محافظات وسط الدلتا لأنه يعالج الملوحة ويساعد على استصلاحها، لكنه لا يجب أن يزرع خارج تلك المحافظات بغرض التصدير، لأن تصدير الأرز يعني تصدير المياه بأبخس الأثمان.
الجريدة الرسمية