رئيس التحرير
عصام كامل

التمر ضيف دائم على مائدة الإفطار في فلسطين

فيتو

على الرغم من أن المسلمين في كل بقاع العالم يتوحدون في صوم شهر رمضان، فإن لكل دولة عاداتها وتقاليدها في استقبال الشهر الكريم، والاحتفال به.


ورمضان في فلسطين لا يختلف كثيرا عن البلدان العربية، فرغم الاحتلال الإسرائيلي، فإن شهر رمضان له عاداته من إفطار وسحور وحلويات، وصلاة تراويح وقيام ليل وقراءة القرآن وزيارات الأهل.

وتعتبر التمور بمختلف أشكالها وأنواعها الطبق الرئيسي على مائدة الإفطار الفلسطينية، وإلى جانب التمور تصطف المشروبات بألوانها، في مقدمتها شراب «الخروب» وهو يباع عادة في الساحات العامة والأسواق على امتداد المدن الفلسطينية، وخلال شهر رمضان الكريم يبدو الأمر مختلفًا، إذ يتواجد هذا الشراب في غالبية المنازل الفلسطينية وإلى جانبه (عرق السوس، وقمر الدين، والكركديه، والعصائر بأنواعها)، أما الحلويات مثل الكنافة النابلسية الساخنة وفطائر «القطايف» فلا تكاد تخلو منها أي مائدة فلسطينية طيلة ليالي رمضان، وفي النهاية يبقى الطعام اللذيذ مطلبًا فلسطينيًا لا غنى عنه في رمضان، وذلك بغض النظر إن كانت العائلة تملك قوت يومها أو لا.

وبالعودة إلى الشكل اليومي لرمضان، فهو يبدأ بمزيد من الحرص على العمل بين كافة شرائح المجتمع، لأن نسبة كبيرة من الشعب الفلسطيني تعتاش على قوت يومها وتأكل مباشرة مما تجني، فكثيرًا من الناس هناك يضطرون للسعي طلبًا للرزق بعد صلاة الفجر مباشرة، لا سيما المزارعين والعمال والبائعين والتجار، وتلك الشرائح تشكل الغالبية من الشعب الفلسطيني المقسم وفق ثلاث فئات، المدينة والقرية والمخيم، والجميع بلا استثناء يدفع كل يوم فاتورة المرور عبر الحواجز الإسرائيلية التي لا تدرك معنى لرمضان.

وفي ظروف عصيبة يتقاسم الجميع رغيف الخبز لتأمين إفطار عادل بين الصائمين، فيما تكثر موائد الرحمن في المدن الكبيرة والمخيمات، لا سيما التابعة لجهات خيرية خارجية، مثل الهلال الأحمر الإماراتي وموائد الرحمن التي يتبناها كل عام في باحات الحرم القدسي الشريف وفي مدن ومخيمات قطاع غزة.

ونظرًا لكون أن نسبة كبيرة من الفلسطينيين تعتمد على الزراعة، فإن رمضان يعتبر بالنسبة لهذه الفئة على وجه الخصوص مناسبة مختلفة، حيث تجد أبناء القرية الواحدة يغدقون بيوت الآخرين بكميات كبيرة من الخضار والفواكه المتوفرة لديهم، وفقًا لتقاليد متعارف عليها كثيرًا من المزارع لسد حاجة الآخرين، ولا ضير في أن يتوجه أي كان إلى أي مزرعة لقطف ما يحلو له من الخضار والفواكه، فالشعار في رمضان «كل يسامح الآخر».

وفي رمضان فلسطين تزداد حدة التعاطف والتواصل والشعور بالآخر، وتكثر الأسباب المؤدية إلى الرزق، وعلى الرغم من قلة الدخل المتوفر إلا أن شمس رمضان لا تغيب على صائم حيران، وفي ذلك إشارة قوية إلى شعور صادق تجاه الآخرين، اعتاده الفلسطينيون منذ القدم.

وعلى الرغم من أن الاحتلال يأبى أن يترك لفلسطين متنفسًا، ففي مدن وقرى ومخيمات فلسطين تنار الشوارع ببهجة رمضان، والأعياد تظلل الزائر المنتظر بلهفة أقوى، لذلك تجد الفلسطيني رغم الحواجز والآليات الإسرائيلية المتناثرة في كل مكان، يصر على اغتصاب فرحة لا تتكرر بروحانيات مناسبة دينية لها امتداد خاص في فلسطين، إنه "الإسراء والمعراج".
الجريدة الرسمية