رحمانوفيتش.. خاضعون يحتجون على الحرية !
"اللى هيبرر اللى بيحصل في غزة هعمله بلوك، ماتت بنا النخوة " هي كلمات انتشرت في الأيام الماضية بعد ذلك العدوان الغاشم على أهل فلسطين وبعيدا عن المشهد هناك لكن يبدوا من تلك الكلمات أن هناك بعضا من المصريين فوجئوا بردود الشعب المصرى وكأنها مفاجئة لهم!
عزيزى القارئ الذي فوجئ حينما رأى إعلاميين يصفون تلك الدماء الصادقة بأنها مسرحية وأيها المصدوم والمصاب بالغثيان حينما قرأت شماتة أنصار الرئيس المعزول وهم يتباهون بما فعله رئيسهم المختار محمد مرسي ! وأيها الكاره لتلك العبارات القبيحة من قبل التيار العلمانى الذي يؤيد إسرائيل لأن الصراع دينى قبل أن يكون من أجل الأرض.
أيها القارئ المصدوم دعنى اسالك سؤال واحد ما الذي ادهشك ولماذا تلك الصدمة ؟ ! أم أنك من المصدقين أن هذا الشعب هو أقدم شعوب الأرض في الثورة ! إن كنت صدقت تلك الأكذوبة التاريخية العظيمة فعليك أولا أن تراجع نفسك وتراجع مراحل تاريخ ما يقال عنها انها ثورات مصر وما نتائجها لتعلم أن هذا الشعب خاضع بالفطرة وحينما ينتفض ينتفض من أجل تغيير وجه لا تغيير نظام وببينى وبينك التاريخ !
ودعنا لا نذهب بعيدا ونبدأ من أن ثار الشعب ضد خورشيد باشا بسبب ضرائبه وتم اختيار محمد على وقتها كوالى على مصر وكتب في التاريخ أن تلك هي أول مرة يختار الشعب المصرى فيها قائده ولكنهم نسوا أن يقولوا أن هذا الاختيار كلف مصر حكم اسرة محمد على بطريقة ملكية نورث كالعبيد والخيول من والى إلى سلطان إلى امير إلى خديوى وحتى الملك فاورق لا نملك شيئا إلا أن انتهى الأمر بالاحتلال !
نأتى لثانى الأحداث وهى ما قيل عنها زورا وبهتانا 1881 بقيادة الضابط المصرى أحمد عرابى الذي قالها صراحة " اننا لن نورث بعد اليوم ابدا " وفرض على الخديوى شروطه من مطالبة بالدستور وإعادة البرلمان وتم تنفيذ تلك الطلبات وكانت الانتفاضة عسكرية بحتة فماذا حدث بعدها وماذا كان مصير عرابى الذي " ركب دماغه " بفرض رئيس وزراء بعينه هو محمود سامى البارودى رغم وطنية بديله محمد شريف القادر على إدارة البلاد افضل ولكن تم تصعيد العناد حتى وصل إلى الصدام وتم تواطئ الخديو ودخل الإنجليز وحاربهم عرابى وتم الإستيلاء على مصر بعد معركة التل الكبير بعد أن ترك عرابى أكثر من 15 كيلو بدون أي إستطلاع وكان في حلقة ذكر وقتها واستمرت المعركة 20 دقيقة فقط " كما جاء في كتاب عبد الرحمن فهمى عن الثورة العرابية " هذا حتى لا يصدق أحد أن معركة التل الكبير كانت إحدى المعارك الكبيرة التي تكبد فيها الإنجليز خسائر فادحة كما تم تدريسه لنا في الكتب المدرسية ولا تنسى أن في هذا الصراع ظل الشعب المصرى خاضع للكرباج يصفق للفائز في المعركة وكانت نهاية عرابى هي حبسه في بيته بعد عودته من المنفى.
اما ثورة 19 التي يعتبرها البعض ايقونة التاريخ الحديث نظرا لأنها ثورة شعبية تضافرت فيها الجهود المصرية واتحد فيها النسيج لوطنى فنعود إلى أن هتاف ثورة 19 الأساسى كان الإستقلال وعدم التبعية بالإضافة إلى مطالب الحياة البرلمانية ووضع دستور جديد فماذا كانت النتيجة ! صحيح انها انتفاضة شعب لكن تم إحتوائها تمام كما حدث في 2011 وبعد أن اصبح المطلب هو الإستقلال تولى سعد زغلول الوزارة وانتهى المطاف بعد 4 سنوات بدستور 1923 الذي اعطى للملك فؤاد صلاحيات واسعة ثار الشعب نفسه ضدها في مظاهرات 35 وانتهى الثورة ورموزها بعد أن تحولوا أبطال لكن دون تنفيذ الأهداف واستقال سعد زغلول بعد أن دفعت الخزينة المصرية ما يقرب المليون جنيه تعويضا على مقتل السير لى ستاك يحدث هذا مع دول ثارت من شهور قليلة !
ورغم أن 1952 هي انقلاب عسكري أولا وأخيرا لكنها كانت المحاولة الأوضع لتنفيذ إصلاحات اقتصادية في البلاد لتصبح ثورة ولكن ما موقف الناس وقتها انهم أيضا خضعوا تحت حكم عبد الناصر خوف من المجاهرة بالراى المخالف وإلا مصيرهم السجن والاعتقال.
كذلك الأمر في 77 و86 و2011، ولكن النظام كما هو نورث من جيل لجيل تعلو اصواتنا من حين لآخر فيتم معنا سياسة الإحتواء من طرف الدولة فنكملها بالرجوع إلى نقطة الصفر طواعية من انفسنا.
الآن بعد هذا التاريخ الذي سردته امامك قل لى متى ثار الشعب المصرى والثورة تعنى التغيير الشامل والوعى الإيجابى ومحاسبة الحكومة ! إنها مجرد انتفاضات لتغيير الأوجه ليس أكثر اليس نحن من اخترعنا لقب فرعون !
نعم يوجد البعض ما يزالوا يحملون القضية ويرفضوا أن يورثوا لكن تجربة 25 يناير وانتقالهم من حكم مرسي إلى حكم السبيسى ورقصهم في اللجان وفى الشوارع ورضائهم بغلاء الأسعار الا يدل ذلك على اننا شعب نعشق الخضوع ولكن المقال ليؤكد أن الأمر له علاقة بالتاريخ لذلك لا عتاب أن تصدر تلك الأقوال التي تدين فلسطين من شعب يرضى بالخضوع فهو لم يعرف معنى الحرية بعد !