رئيس التحرير
عصام كامل

ما زالت خطواتنا بعد انتخاب الرئيس "السيسي" متعثرة


وحين أقصد بخطواتنا أعنى خطوات النظام الجديد وخطوات الشعب معًا، على أساس أن رئيس الجمهورية لم يأت إلى منصبه بعد انتخابات حرة ونزيهة إلا بتأييد شعبى كاسح، بدأ بدعوته للترشح وانتهى بتصويت الملايين له.

غير أن الرئيس –بالرغم من أنه خاطب الشعب أكثر من مرة بعد تنصيبه- لم يكشف بعد عن رؤيته الشاملة للتنمية في المدى الطويل، ولا عن الخطة التي يقدمها في الأجلين القصير والمتوسط.

ونحن في الواقع في حاجة شديدة إلى أن يعلن في القريب العاجل عن هذه الرؤية حتى تخضع للمناقشة في حوار مجتمعى مفتوح؛ لأن الخبرة العالمية تقول إن التنمية التي تفرض من فوق From above قد لا تحقق أهدافها إن لم تضع في اعتبارها الإدراكات والمطالب الشعبية، ومن هنا أهمية الحوار بين التنمية الفوقية والتنمية من أسفل From below.

ومن ناحية أخرى لم يعلن حتى الآن عن طاقم مستشارى الرئيس، ولا عن تشكيل مجالس عليا ضرورية للتخطيط الإستراتيجي، وإذا نظرنا من ناحية أخرى للجهود الفائقة التي تبذلها وزارة الداخلية لمواجهة الإرهاب المجرم الذي تخطى في عدوانه على الشعب وأفراد الشرطة كل الحدود، فإنه يمكن القول إننا في حاجة إلى سياسة متكاملة لمكافحة الإرهاب تسهم في تطبيقها أجهزة وزارة الداخلية وفئات الشعب المختلفة.

غير أنه ثبت من الممارسة أن هناك قصورًا واضحًا في سياسة وزارة الداخلية في مواجهة التظاهرات التخريبية لجماعة الإخوان المسلمين الإرهابية؛ وذلك لأن قوات الأمن لا تتحرك إلا بعد خروج التظاهرات، وبعضها يفاجئ قوات الأمن من حيث لا تحتسب، لابد من سياسات استباقية تقوم على منع التظاهرات من المنبع وتفريقها قبل أن تبدأ وتنتشر وتخرب.

ومن ناحية أخرى من المطلوب أن توجه الداخلية عبر وسائل الإعلام رسائل تحذيرية لجماهير الشعب لرفع مستوى اليقظة لمراقبة أي تحركات مشبوهة في الشارع من قبل أفراد أو جماعات تسعى إلى التخريب.

بعبارة أخرى وزارة الداخلية تحتاج إلى ظهير شعبى يساندها في الدور البطولى الذي تقوم به، وتقدم كل يوم شهداء من بين صفوفها حماية للوطن.

ولو تركنا رئاسة الجمهورية والوزارة جانبًا ونظرنا إلى المجتمع السياسي بعيون فاحصة لأدركنا أن الطابع العام هو التشرذم الواسع المدى! وذلك لأنه تمت محاولات متعددة لتشكيل ائتلافات سياسية استعدادا لخوض الانتخابات البرلمانية القادمة بخطة منظمة وليس على أساس عشوائى، إلا أن كل هذه المحاولات باءت بالفشل للأسف الشديد، والفشل يرد أساسًا إلى غياب قيمة إنكار الذات من ناحية، والعجز عن العمل بشكل متجانس في فريق.

وما زالت المحاولات مستمرة لتخطى الخطوات المتعثرة حتى الآن؛ لأنه في غيبة التخطيط المسبق للحملات الانتخابية هناك مخاطر من أن تملأ الفراغ صفوف السلفيين بفكرهم المتخلف، وتأثيرهم في جماهير الأميين والفقراء، ولا ننسى في هذا المجال محاولات أعضاء جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية الذين لن يتوقفوا عن محاولة خوض بحر السياسة من جديد، بعد فشلهم المدوى وسقوط حكمهم الدكتاتورى، سواء بصورة مباشرة أو بصورة غير مباشرة.

ولو نظرنا إلى الإعلام بكل صوره لاكتشفنا أنه أصبح أسيرًا للثرثرة السياسية وللخطاب الشعبوى الذي يقوم على الإثارة والتهييج، ومعنى ذلك أنه تنازل عن دوره المهم في التنوير الثقافى وفى بلورة خطاب سياسي نقدى يمارس النقد الاجتماعى بمسئولية ودون مزايدات.

في ضوء كل هذه الأوضاع ما زالت الجماهير تنتظر الخطوات الفعالة التي ستخطوها الحكومة لحل المشكلات الحادة الراهنة.

غير أنه بدلًا من انتظار السياسات التي ستعلنها الحكومة نحن في حاجة ماسة إلى إطلاق المبادرات الفكرية سواء من قبل الخبراء أو المثقفين بشكل عام، أو عن طريق مؤسسات المجتمع المدنى التي تم إنشاء البعض منها كمراكز للتفكير أسهمت في تحريك بحيرة الفكر المصرى الراكدة.

وهذه المبادرات عليها أن تقدم بدائل مدروسة لحل المشكلات الراهنة سواء كانت اقتصادية أو اجتماعية. بعبارة أخرى من الأفضل ألا تقع مسئولية حل المشكلات على الحكومة فقط؛ لأنه لابد لنا جميعًا أن نشارك من خلال التفكير الجماعى.
الجريدة الرسمية