رئيس التحرير
عصام كامل

"القضية الفلسطينية" تاريخ من النضال على أوراق الأدباء.. محفوظ: إسرائيل تتبع سياسة تكسير العظام مع المقاومة وسط استياء عربي.. درويش: على هذه الأرض ما يستحق الحياة.. دنقل: لا للحلول المنقوصة

 نجيب محفوظ
نجيب محفوظ

هجمات وحشية يوجهها الاحتلال الإسرائيلي للشعب الفلسطيني الأعزل، مخترقا كل الأعراف والقوانين الدولية، ضاربا بقوانين حقوق الإنسان عرض الحائط، وسط صمت دولي غير مبرر، وصراعات داخلية أنهكت أغلب الشعوب العربية، أفقدها التصدي لهذا العدوان الغاشم.

القضية الفلسطينية كانت محل اهتمام الكثير من الأدباء والكتاب العرب، فلم يغفل مثقفو العرب القضية الأولى، وهي حق الفلسطينيين في وطن مناسب يعترف لهم به، وهي أبسط الحقوق التي حققها الإنسان البدائي.

الأديب الكبير نجيب محفوظ، لم يغمض عينيه عن قضية العرب جميعا، ففي وسط احتفاله بفوزه بجائزة نوبل، أرفع جائزة أدبية في العالم، أرسل خطابه إلى الأكاديمية السويدية عام 1988، وسلط الضوء في خطابه على القضية الفلسطينية قائلا " وفى الضفة الغربية وغزة أقوام ضائعون رغم أنهم يعيشون فوق أرضهم وأرض آبائهم وأجدادهم وأجداد أجدادهم، هبوا يطالبون بأول مطلب حققه الإنسان البدائى وهو أن يكون لهم موطن مناسب يعترف لهم به، فكان جزاء هبّتهم الباسلة النبيلة، رجالًا ونساءً وشبابًا وأطفالًا، تكسيرًا للعظام، وقتلًا بالرصاص، وهدمًا للمنازل، وتعذيبًا في السجون والمعتقلات، ومن حولهم مائة وخمسون مليونًا من العرب يتابعون ما يحدث بغضب وأسى، مما يهدد المنطقة بكارثة ما لم تتداركها حكمة الراغبين في السلام الشامل العادل".

"على هذه الأرض ما يستحق الحياة"، هكذا تحدث الشاعر الفلسطيني الأشهر " محمود درويش"، عن وطنه المكلوم والمسلوب منذ سنوات مضت، حيث سخر قلمه وموهبته غير العادية في الدفاع عن قضية وطنه فلسطين؛ إيمانًا منه أن الشعر سلاحه، ورافقت القضية الفلسطينية العديد من الانكسارات والتفاؤلات وكان شعر محمود درويش سجلا لقضيته يكشف عن إنسانية العرب تجاه الآخر اليهودي الذي غرّر به حكامه الصهاينة، بعد أن رفض العمل الفدائي الذي اتبعته حماس وفتح ضد إسرائيل، واعتبره موقف يأس غير أيديولوجي كذلك رفض اتفاق أوسلو عام 1993م بين الفلسطينيين وإسرائيل، مما أدى إلى أن يستــــقيل من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية.

ارتبط اسم درويش بفلسطين وطنه والثورة فيها فهو القائل:
" علّقوني على جدائل نخلة
واشنقوني.. فلن أخون النخلة
هذه الأرض لي.. وكنت قديما
أحلب النوق راضيا وموله
وطني ليس حزمة من حكايا ليس ذكرى".

الشعر المصرى لم يغفل الجرائم التي ارتكبت في حق الشعب الفلسطيني، فكتب عددٌ من الشعراء المصريين بقلوب حزينة وعيون دامعة عن مجزرتي "دير ياسين"، و"كفر قاسم"، وغيرهما، ومنهم الشاعر شوقى هيكل، الذي قال:
اذكروا في الدَّهْر ذِكْرَى كَفْرِ قَاسِم
واذكروا ياسين ديرًا لم يسالِم
واذكروا الجسر الذي ظلَّ يقاوم
واذكروا القدس وفيها الموت جاثم.

أما الشاعر الصعلوك التحرري، أمل دنقل، فلم تكن قضية فلسطين مجرد مفردة في حياته، بل كانت محور اهتمامه، فنجدها مستدعاة تماما في أشعاره، تصل إلى إلى درجة الهيام أحيانا، وليس أدل على ذلك من قصيدته "لا تصالح"، والتي تحولت فيما بعد إلى نشيد قومي تكاثرت "لاءاتها" في وجه الحلول المنقوصة الجائرة للقضية الفلسطينية وأي قضيةٍ عادلة.

وفي مجموعة "البكاء بين يدي زرقاء اليمامة" قصيدة مؤرخة عام 1968 عنوانها "بكائية ليلية"، وأهداها إلى صديقه الفلسطيني "مازن جودت أبو غزالة" الذي عرفه "في سنوات التساؤل" قبل أن يرحل مع "العاصفة" قال فيها:

تتسع الدائرة الحمراء في قميصك الأبيض.. تبكي شجنا
من بعد أن تكسّرت في "النّقب" رايتُك!
تسألني: "أين رصاصتُك؟"
"أين رصاصتُك؟"
ثمّ تغيب: طائرًا.. جريحا
تضرب أفقك الفسيحا
تسقط في ظلال الضفة الأخرى.. ترجو كفنا!.

الكاتب مازن قمصية عرض في كتابه "المقاومة الشعبية في فلسطين تاريخ من الأمل والتمكين"، والصادر عن دار النشر البريطانية "بلوتو بوكس"، جميع المراحل التاريخية للمقاومة الفلسطينية المناهضة للأفكار والجرائم الصهيونية خلال 130 عامًا منذ الحكم العثماني، وحتى الوقت الحاضر، بالوسائل كافّة، السلمية منها والعنيفة التي جاءت كردّات فعل على وحشية الكيان الصهيونى في التعامل مع أبناء فلسطين، وتناول أيضا الثورات والانتفاضات المتلاحقة التي قام بها الأحرار من أطياف الشعب الفلسطينى كافة.

وأشار المؤلف في كتابه إلى الاتفاقيات التي حثت على إقامة دولة يهودية ومحاولة إلغاء كل ما هو وثقافى وحضارى مترسخ في أرض فلسطين منذ بدايات التاريخ، مؤكدا أن كل هذه المحاولات فشلت في تهميش أو إلغاء حضارة فلسطين والفلسطينيين، ودون الدروس التي لابدّ من الاستفادة منها، ويكتب توقعاته وتحديات المرحلة المقبلة، والفرص التي لابدّ من استغلالها.

ووجه الكتاب رسالة للغرب أوضح فيها أنهم يسيئون الفهم بالمقاومة الفلسطينية وأن إطلاقهم لفظ "عمليات إرهابية" عليها يعد فهما خاطئا لها لأن المطالبة السلمية للفلسطينيين بحقوقهم لا تجدى مع همجية العدو الصهيونى الغاشم. 
الجريدة الرسمية