خطة "الفتح الكبير".. "داعش" يستعد لـ"غزو مصر".. "الشيشاني" مبعوث "البغدادي" لقيادة إرهابيي سيناء.. السودان طريق العائدين من "اليمن".. وأنصار "أمير المؤمنين" في ليبيا يبدأون التحرك
الأسبوع الماضي انفردت "فيتو" بتفاصيل خطة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش" الخاصة بإعلان الخلافة، وبعدها بـ48 ساعة خرج التنظيم ليعلن رسميا تأسيس دولة الخلافة ومبايعة "أبو بكر البغدادي" أميرا للمؤمنين، ليس ذلك فحسب بل إن التنظيم أفرج عن خريطة قال إنها لدول الخلافة، وهي ذات الدول التي أعلنت عنها "فيتو" مسبقا.
لكن خطط التنظيم تتوالى تباعا بدون توقف وكأنه يعمل وفقا لخطة محكمة وضعت قبل أكثر من 10 سنين وكانت تنتظر الوقت المناسب لتنفيذها، ويبدو أن هذا الوقت قد حان، فقد بدأ التنظيم في تنفيذ خطته الكاملة التي نجح في الخطوة الأولى فيها بسيطرته على أجزاء من العراق وسوريا.
"الفتح الأكبر"
وفقا للخطة الشاملة التي وضعها "البغدادي" ورجاله فإنهم يضعون كافة إمكانيات التنظيم لتنفيذ الجزء الأخطر في الخطة والذي أطلقوا عليه "الفتح الأكبر" وهو الجزء الذي يهتم بـ"فتح مصر"!
اجتماعات التجهيز.. "القائم" مكان اللقاء
في اجتماعه الأخير برجاله في منطقة "القائم" الواقعة على الحدود العراقية السورية وقبل إصابته بساعات قليلة طرح "البغدادي" على رجاله ما قال إنه الجزء الأخطر في خطة استعادة الخلافة وتحدث معهم عن ضرورة فتح مصر عبر تطويقها من عدة جهات؛ الشرق وهي الجهة التي سيتكفل بها أتباعه في شبه جزيرة سيناء من التنظيمات التي انشقت عن القاعدة وبايعته أميرا للمؤمنين.
قيادة لواء سيناء.. "الشيشاني" يدير الأزمة
ووفقا للمعلومات فإن مجلس شورى "داعش" اتخذ قرارا بأن يوكل مهمة قيادة اللواء المقاتل للتنظيم في سيناء لشخص يدعى أمير مسلم الشيشاني، وهو ينحدر أيضًا من إحدى المدن القريبة من "جورجيا" يطلق عليها "بانكيسي"، خدم في الجيش السوفيتي، ثم شارك في حربَي الشيشان، ضد الروس. واكتسب خبرة قتالية خلالهما. وكان من قادتهما البارزين، حيث تولى قيادة قطاع سونجا.
السلطات الروسية اعتقلته عام 2008، وأُطلق سراحه عام 2009. وفي 2012 دخل إلى سوريا، مفضلًا القتال على جبهة الساحل، حيث تزعّم «كتائب جند الشام»، وهي مجموعة تضم مقاتلين ليبيين وتونسيين وشيشانيين وسوريين. ثم انتقل مطلع العام الجاري إلى حلب، ليصبح أحد أبرز قادة "غرفة عمليات أهل الشام".
السودان.. طريق العائدين من اليمن
الجهة الأخرى التي سيحاصر منها "البغدادي" مصر هي الجنوب وتحديدا من داخل دولة "السودان"، ومن هذه الجهة سيستعين أمير "داعش" برجاله المتمركزين في "اليمن" بحيث يتحركون تباعا في مجموعات إلى شمال السودان ومن هناك يتحركون عبر المناطق الحدودية إلى داخل جنوب مصر.
ففي اليمن استطاع "البغدادي" أن يضم إلى تنظيمه عدة خلايا من الخلايا التابعة للقاعدة هناك، وقد شهدت مناطق عدة في اليمن الأسبوع الماضي اجتماعات عديدة لرجال "البغدادي" في مأرب، وحضرموت، وصنعاء، وتحديدًا في أرحب، للتجهيز لتنفيذ مخطط "داعش" والتوغل إلى السودان ومنها إلى مصر.
ووفقا للمعلومات التي حصلت عليها "فيتو" فإن "البغدادي" يعتمد في اليمن بصفة أساسية على تنظيم "أنصار الشريعة" وعلى بعض خلايا القاعدة التي تقيم في وادي أرحب اليمني وتحظى برعاية مباشر من الشيخ عبد المجيد الزنداني القيادي التاريخي لجماعة الإخوان باليمن.
كما يعتمد "البغدادي" أيضا على السعودي إبراهيم العسيري المدعو أبو صالح (32 سنة) كبير صانعي المتفجرات في تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، ومعروف عنه أنه من المتخصصين في صناعة المتفجرات على مستوى العالم، فقد أعد العسيري الذي درس الكيمياء، منذ زمن طويل عبوة متفجرة من تيترانيترات البنتايروتريول لا يمكن تقريبا رصدها، ومع صاعقة كيميائية لا تضم هذه العبوات أي قطعة معدنية وبالتالي يمكنها عبور كل نقاط المراقبة في كل المطارات بدون مشاكل.
وكانت القنبلة التي خبأها في جسد أخيه عبد الله وأرسله إلى المملكة العربية السعودية لاغتيال الأمير محمد بن نايف مساعد وزير الداخلية للشئون الأمنية في 2009 مكونة من تلك المادة، لكن المحاولة باءت بالفشل ولم يقتل فيها سوى الانتحاري.
كما أن تلك المادة وضعت أيضا في القنبلة التي أعدها وعثر عليها مع الشاب النيجيري عمر الفاروق عبد المطلب الذي فشل في تفجيرها على متن طائرة كانت متوجهة إلى مدينة ديترويت الأمريكية في ديسمبر 2009.
الجبهة الليبية.. نقطة الانطلاق
وهناك أيضا الحدود الغربية لمصر التي وضعها "البغدادي" ضمن دائرة اهتمامه ويعطيها الأولوية الكبرى في خطته لفتح مصر، ويحاول "البغدادي" الاستفادة من تواجد رجاله في ليبيا وسيطرتهم على مناطق واسعة بها للانطلاق منها إلى مصر.
ويعد "مجلس شورى شباب الإسلام"، الذي يضمّ تنظيم "أنصار الشريعة"، والعائدين من القتال الدائر في سورية، ومالي والجزائر، هو الذراع الطولى للبغدادي في مناطق ليبيا.
فالمجلس معروف أنه يتبع تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش)، ويضم هذا المجلس "كتيبة البتار"، التي كانت تقاتل بسوريا تحت راية "داعش"، وعاد أفرادها إلى مدينة "درنة" الليبية، وتعتبر من أشرس الكتائب المقاتلة في المنطقة بأسرها.
عمر الشيشاني.. أمير "الإرهاب"
وبالعودة إلى عمر الشيشاني، الموكل له مهمة قيادة العناصر الإرهابية في سيناء، فوفقا للتقارير الاستخباراتية الأمريكية فإنه واحد من مئات الشيشان الذين كانوا من أعنف المقاتلين الجهاديين في سوريا، وبرز كواجهة لـ«داعش»، إذ إنه ظهر في كثير من الأحيان في أشرطة الفيديو المنسوبة للتنظيم على الإنترنت، على النقيض من زعيم «داعش»، أبو بكر البغدادي، نادر الظهور.
وكان الشيشاني القائد العسكري للتنظيم في سوريا، واستطاع مع مقاتليه أن يسيطر على أجزاء واسعة من الأراضي المؤدية إلى الحدود العراقية.
وتمت ترقية الشيشاني ليصبح «قائدًا عسكريًا عامًا للتنظيم ككل»، وهو المنصب الذي ظل شاغرًا، بعد مقتل المتشدد العراقي الذي كان يشغل هذا المنصب، والمعروف باسم أبو عبد الرحمن الأنباري، في مدينة الموصل العراقية في أوائل يونيو الماضي.
وذكرت «واشنطن بوست» أن الشيشاني، واسمه الحقيقي طرخان باتيرشفيلي، هو من جورجيا، وتحديدًا من وادي بانكيسي. وأوضحت أنه خدم في الجيش الجورجي، ولكن تم إنهاء خدمته بعد إصابته بمرض غير محدد، بحسب أحد جيرانه السابقين، الذي قال إن الشرطة الجورجية اعتقلت «الشيشاني» ذات مرة بتهمة حيازة غير مشروعة للأسلحة، وحينما أطلق سراحه في عام 2010، غادر البلاد إلى تركيا.
وفي وقت لاحق، ظهر «الشيشاني» في سوريا عام 2013، ليؤسس ما يسمى بـ«جيش المهاجرين والأنصار»، والذي شمل عددًا كبيرًا من المقاتلين في دول الاتحاد السوفييتي السابق. وبعدما أعلن ولاءه للبغدادي، أبدى «عمر الشيشاني» براعة في ساحة القتال في سوريا، خاصة عندما نجح مقاتلوه في السيطرة على قاعدة «منغ» الجوية، شمال البلاد في أغسطس 2013. وخلال الشهرين الماضيين، قاد الشيشاني هجومًا على محافظة دير الزور، شرق سوريا، ضد جماعات إسلامية أخرى، ساعيًا إلى ترسيخ قبضته على امتداد أراضٍ قرب العراق.
بداية الشيشاني
في سبتمبر 2010 اعتقلت السلطات الجورجيّة طورخان باتيرشفيلي بتهمة شراء الأسلحة وتخزينها. لم يكن الرجل يعلم أن الهدف الأول من الاعتقال كان التمهيد لاستثماره «جهاديًّا»، ليتحولّ لاحقًا إلى واحد من أشهر «قادة المشروع الجهادي الجديد»، وليشتهر باسم عمر الشيشاني.
وُلد عمر عام 1986، في وادي بانكيسي (شمال شرقي جورجيا)، المنطقة التي يتحدر معظم سكانها من أصول شيشانية.
سارت حياته بشكل طبيعي، حتى التحاقه بالخدمة العسكرية الإجبارية عام 2006، إذ عُرف عن الشاب الفقير ميلُه نحو الانطوائيّة، وولعه بتعلم الفنون القتالية. الأمر الذي قاده إلى التعاقد مع الجيش الجورجي بعد انتهاء الخدمة الإجبارية عام 2008. وبعد أقلّ من عام، سُرّح لإصابته بمرض السل.
ووفقا للمعلومات فإن «العامين الفاصلين بين تسريح الشيخ عمر وسجنه لعبا دورًا في تشكّل وعيه الجهادي».
فقد تعرّف باتيرشفيلي في تلك الفترة على عدد من الأصدقاء الراغبين في الجهاد، أما فترة السجن القصيرة، فلعبت دورًا حاسمًا في حياته، حين «تعرّف إلى الأخ محمّد، وهو سعودي الجنسية.
حكى الأخ محمد لعمر الشيشاني الكثير عن دور السعوديين في دعم الجهاد، وعن البطل خطّاب (ثامر بن صالح السويلم، سعودي الجنسية، وأحد أبرز الرموز الجهادية في الشيشان).
وتم إطلاق سراحه بسبب مرض السل. «غادر الشيخ السجن مزوّدًا بدعاء الأخ محمد، وبأسماء مشايخ ذوي باع في دعم الجهاد، وطرقٍ للتواصل معهم».
لم يضيّع الشيشاني وقتًا. سارع إلى التواصل مع اثنين من أولئك «المشايخ» عبر الإنترنت. وقد «أبلغاه عن وجود مساع حثيثة لإحياء العصر الذهبي للجهاد، وسرعان ما اتفق مع أحدهما على اللقاء بعيدًا عن بلاد الكفار. وتحديدًا في أرض الكنانة»! سافر طورخان إلى مصر في عام 2011.
وتعرّف في مصر على عدد من أنصار نظرية استعادة الخلافة، من بينهم شيخ سعودي، ورجل أعمال قطري، وشخصية إخوانيّة بارزة، وشاب تركي يدعى منصور التركي.
كان منصور التركي قد تحول إلى مرافق دائم لطورخان خلال فترة إقامته في مصر.
وتم اختيار "طورخان" لقيادة «الجهاد الشيشاني في سوريا»، بدلًا من الاستعانة بأحد أصحاب التاريخ «الجهادي».
في أواخر 2011، وجد الشيشاني نفسه وقد انتقل إلى تركيا، تمهيدًا لدخول سوريا، والجهاد ضدّ الروس وحليفهم بشار الأسد، الذي لا يختلف في كفره عن الشيوعيين.
وفي مارس 2013 أُعلن عن تشكيل «جيش المهاجرين والأنصار» بزعامة عمر القوقازي أوّل الأمر، ثم استبدل اللقب بالشيشاني.
تعرف عمر في ريف حلب بـ"أبو الأثير العبسي" ومن خلاله، رُتب لقاء بين الشيشاني وأبو بكر البغدادي زعيم «داعش»، وبعد اللقاء خرج "الشيشاني ليبايع "البغدادي" وينضوي تحت لوائه.
"الشيشاني" و"أردوغان"
المثير في الأمر هو ما سربته مصادر متعددة عن علاقة "عمر الشيشاني" برئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، فالمعلومات الواردة في هذا الشأن تؤكد أنه دائم السفر لتركيا وترجح المصادر اجتماعه بأردوغان أكثر من مرة منذ بداية العام الجاري.