رئيس التحرير
عصام كامل

خلط الأوراق وإسقاطها على الوضع فى مصر


من المؤكد أن من حق أى إنسان أن يكون له رأيه فى أية مسألة، وأن يقول ما يراه ولكن من المعروف أن كل حق يقابله التزام ومسئولية.. أى أن لا يكون رأيه هذا بمثابة سكب المزيد من الوقود على النيران أو أن ينطوى على خلط واضح للأوراق وربط ذلك بما يحدث فى داخل الوطن حتى ولو انطوى على قدر من الصحة..


لقد نسينا فى مصر أو تناسينا أن هناك مصلحة عليا، أو المصلحة القومية التى يجب أن تأتى فى المقدمة، ولكن حسب الظهور " والعلم " والادعاء بملكية نواحيه، هى أحد آفات المفكرين والباحثين فى العالم العربى..  وهم عادة ما لا يعلمون فى الأمور ولايؤمنون بأن هناك جانبا آخر للحقيقة، وأن الإنسان بقدراته وملكاته المحددة لا يستطيع أن يصل إلى الحقيقة الكاملة. دائما ما يكون هناك جانب خفى، لا نهابه يجب أن تتحذر له.. كما أن التعميم والإطلاق يمكن أن يكون مصدرًا لفتنة كبرى فى ظل الظروف التى تعيشها مصر، وإن كنا نحترم رأى الآخرين ونجله، ولا ندعى بأننا أعلم منهم إلا أننا نفعل شيئًا واحدًا، هو الحفاظ على ذلك الوطن ومحاولة إطفاء هذه الحرائق المشتعلة هنا وهناك..

وأيا كانت المقدمات أو التحفظات التى تطرح فى مثل ذلك التوقيت وعنصر الزمن .. فالحديث عن مشروع أو مخطط التنصير للكنيسة الغربية التى تهدف إلى اقتلاع الإسلام وتنصير العالم الإسلامى، والحديث عن تواطؤ الفاتيكان مع المخابرات الأمريكية، ثم ربط ذلك بـ"بلاك بلوك" التى اعتبروها من الكتيبة الطيبية فهو يمكن أن يكون محلا لإثارة فتنة كبرى وعارمة، والمتذكر أن الأحداث التى سبقت الثورة قد تمثلت فى ذلك الاعتداء على إحدى الكنائس بمحافظة الجيزة وقتل العديد والاشتباكات لأنها قد بنيت دون تراخيص وحاولوا وضع صلبان على القبة، وأنها قد كانت دار مناسبات وبعدها أحداث كنيسة القديسين التى قامت فى أعقابها الثورة مباشرة وأن هناك حالة من الاحتقان الطائفى التى سرعان ما تثور ما بين الحين والآخر..

على الرغم من أن ثورة يناير قد أثبتت مدى تأصل الوحدة الوطنية وأن الطائفية عرض وليست أصل ولكن هناك مصادر وروافد لتغذيته ما زالت تجرى بمياهها ونحن لا ننكر أن هناك مخطط عربى لطأفنة الأوضاع فى الدول التى بها خلافات عرقية ودينية، ورأينا العراق والسودان التى نجحت الطائفية فى تهميشها .. ولكن قد توصد الأبواب فى وجهها ولذلك فإن علينا أن نضع القدم ليس فى موضعه فقط، ولكن توقيته فذلك يفرق كثيرا وعلينا ألا نخلط أو نعمم بين ما يحدث فى أوروبا ونسقطه على مصر، ونثير النخبة السياسية أو الحكومة ضد الأقباط ويعاد فتح الملف القبطى، فى هذه الظروف التى نسعى فيها إلى توحيد مصر.. فهل ذلك الحديث لأحد أساتذة الحضارة بجامعة القاهرة والخبيرة فى شئون الكنيسة الغربية وما انطوى عليه من تلميحات واتهامات مع كامل احترامنا لرأيه فقد لا يكون ذلك توقيتها.. وهو بإخضاع أموال الكنيسة وميزانيتها للرقابة من جانب الدولة واسترداد أراضى الأديرة، والسؤال حول الصمت على الملف القبطى فهل ذلك الكلام يمكن أن يكون مستقيما مع هذه المرحلة التى تمر بها مصر من انقسام أم أنه يعنى مزيدا من الفتنة والانقسام ليتنا نقدر للقدم قبل الخطو موضعها .. فالكلمات كالسهام المبرية التى إذا ما انطلقت من قوس اللسان لا يمكن ردها مرة أخرى.


الجريدة الرسمية