رئيس التحرير
عصام كامل

بالفيديو.. رمضان وسكان المقابر.. "عم محمد": «بشجع ولادي على التعليم لإنقاذهم من العيش وسط الأموات».. المقابر أصبحت وكرا لتجار المخدرات والبلطجية.. «أم دنيا»: السكن في المقابر أفضل

فيتو

عندما تجد أن ظروف حياتك تجبرك على استقبال شهر رمضان والأعياد والفرحة وسط الموت والمقابر ولا تجد منفذا غير القبول بالأمر الواقع ومحاولة العيش والفرح واكتساب الرزق، وتكوين أسرة ومشاركتهم الاحتفال فتلك مأساة إنسانية.


تجولت كاميرا "فيتو" بين أهالي مقابر السيدة نفيسة، لرصد احتفالات الأهالي بشهر رمضان وبدأت الرحلة من المدخل الرئيس للمقابر الذي وجدنا عنده الأهالي جالسين على "المصاطب" هربا من الحر.

وبين الأحواش والمقابر تجد امرأة ترضع طفلها وبجانبها امرأة تغسل الأطباق القليلة التي لديها أمام باب منزلها، وأطفال يلعبون بخراطيم المياه، ورجال يتبادولون الأحاديث والضحكات وكأنهم يعيشون في أماكن عادية وليس وسط الأموات.

وصادفنا في أول رحلتنا "عم محمد أحمد" الذي كان جالسا أمام بيته هو وعائلته، ورحب عم محمد بنا ودعانا للجلوس وعند سؤاله عن شهر رمضان قال "رمضان شهر مميز وخير بالنسبة لنا.. الأولاد بتعمل الزينة في الشارع.. بيعملوها بنفسهم عن طريق الدقيق والمياه والورق يقطعوه على شكل مثلثات ومربعات ويربطوها بخيط ويعلوقا في الشوارع".

وأضاف "عم محمد": "أنا عايز ولادى ما يعيشوش في وسط الأموات طول حياتهم، علشان كدا بشجعهم على التعليم، ومن ناحيتهم هما بيساعدونى وما بيحاولوش يتقلوا عليا في الدروس الخصوصية وخاصة بنتى اللى في مرحلة الصف الثانى الثانوى بتاخد دروس في آخر شهرين في السنة، وابنى اللى في الصف الثالث الإعدادى بياخد مجموعات تقوية".

ويحكى عم محمد لنا فترة من حياته عندما حاول الخروج من المقابر وقال بأسلوب ساخر: "أنا اشتغلت نقاش وأول ما اشتغلت روحت اشتغل في شقق بالمهندسين.. الصراحة انبهرت الأوضة في الشقة بالمهندسين قد بيتى كله، ومقدرتش أستحمل حاولت أتمرد على والدى وأسيبه بس في الآخر سبت الشغل بره ورجعت أعيش في المقابر".

وعن مساوئ العيش في المقابر قال عم محمد: "المقابر مبقتش زى زمان خاصة بعد ثورة 25 يناير.. بقت دايرة مخدرات كل البلطجية اللى طلعوا من السجون استولوا على قهاوى وبدءوا يبيعوا فيها مخدرات بالليل، علشان كدا مبخليش ولادى يختلطوا بأى حد وكلنا عارفين بعض".

وأنهت سيدة بالمقابر تزويج بناتها خارج المقابر واطمأنت على حياتهن بعيدا عنها فكل بنت لديها زوجها وأولادها، ومازال ابنها يعيش معها حتى بعد زواجه رافضا تركها.

وعن شهر رمضان قالت: "رمضان بيهل علينا بسعادة وبنبقى مبسوطين.. والفوانيس نجيبها منين هناكل ولا نشرب ولا نجبلهم فوانيس، كل عيل عايز فانوس، زوجة ابنى نزلت تجبلهم شافت الفانوس بـ75 جنيها مجبتش وكل عيل عايز فانوس لوحدة.. هنعمل إيه".

وأضافت: "اليميش ومكسرات رمضان على الله.. قوافل الخير إلى بتيجى لحد عندنا بناخذ منها.. أصل دا رزق بس اللى بيكونوا تحت في الشارع واقفين مش بنذلهم بنقدرش نمد ايدينا حتى لو معندناش حاجة خالص ".

أما عن أم دينا ففى شهر رمضان قامت بشراء الفانوس لأصغر طفل لديها نظرا لارتفاع أسعاره في السوق، فهى تحاول إرضاء أولادها الأربعة ففى كل سنة تشترى لأصغر طفل فهى لديها 3 ولاد وبنت واحدة.

أما عن الأيام في رمضان فتقول:" اليوم في رمضان بيبقى جميل، بنطلع بالليل نفرش حصيرة ونتسحر، والعيال بتبقى فرحانة بالبومب والصواريخ ".

وقالت: "المشكلة كلها إننا عايشين في المقابر، الناس مش حلوة. واحد ممكن يعاكسك وانتى في بيتك ويغلس عليكى.. أنا بنتى قعدت فترة مش بخرجها برة البيت.. الناس بقت وحشة ".

واستأنفت كلامها في حزن قائلة:" أنا عايزة ولادى يبقوا في شقة نظيفة، لما عريس يجى لبنتى هيقول قاعدة في مقابر، ولما يجلها عريس بيكون عيل صايع فيبقى اسمه جواز وخلاص يجوز البنت يومين ويرجعها تانى لبيت أهلها".

وأضافت "لما بكون في شقة وعريس يجى لبنتى هعرف أقعد وأتكلم وأبوها يتكلم للعريس يقوله هات لبنتى كذا احنا هنجيب ده، بس هنا المعيشة مش حلوة ثعبان ممكن يدخلنا، وعلى العموم هي أفضل من الشارع".
الجريدة الرسمية