رئيس التحرير
عصام كامل

السيسي واليسار!


أمر مثير للدهشة أن يخرج كاتب يتساءل لماذا يسكت اليساريون على رفع أسعار الطاقة اليوم وهم الذين حرضوا الناس على الخروج في مظاهرات عارمة في يناير ١٩٧٧ لرفع أسعار بعض السلع بضعة قروش قليلة؟!

وسبب الدهشة أن الحال اليوم مختلف عن الحال عام ١٩٧٧، كما أن القروش القليلة التي ارتفعت بها الأسعار وقتها كانت تمثل عبئا عنيفا بالنسبة للأغلبية الساحقة للمواطنين لأنها شملت السلع الأساسية والضرورية لهم وعلي رأسها الخبز.. وكذلك فإن ما حدث في انتفاضة يناير ١٩٧٧ لم يكن من تحريض أحد وإنما كان تحركا شعبيا تلقائيا وهذا ما سجلته المحكمة التي حاكمت عددا من اليساريين وكنت واحدا منهم بعدها.

أما أكثر ما يثير الدهشة أن يقوم من ينتمي للفكر والمعسكر الرأسمالى ومن يؤمنون بالفكر الاشتراكي على التحريض ضد الحكم الجديد الذي قبل أن يرفع الدعم جزئيا عن الطاقة زاد الضرائب على الأغنياء وحدد سقفا للأجور العليا ويسير في اتجاه محاربة الفساد.. وحتى لو كان السيسي يصر ويتمسك بالنظام الرأسمالى فإن اليسار العاقل يؤمن أن البديل له الآن هو تقويض كيان الدولة الوطنية وسقوط الحكم الجديد معناه أن يصبح حالنا مثل حال اخواتنا في العراق الآن.

إن اليسار الحقيقي يعرف أننا نعيش مرحلة الاستقلال الوطني ولذلك يساند الرئيس الجديد للحفاظ على كيان دولتنا الوطنية.. وكل ما يطمح فيه هذا اليسار الوطني هو ترشيد اقتصاد السوق بآلياته ذاتها التي لا تعد بدعة حتى في الأنظمة الرأسمالية العتيدة.
أما التلميح بأن السيسي يحيط نفسه باليساريين فهو أكذوبة خبيثة المقصود بها مزيد من استعداء الأمريكان والغرب عليه.. ولا تنسوا أننا نواجه في حربنا الآن الإخوان ووكلاء الأمريكان.
الجريدة الرسمية