رئيس التحرير
عصام كامل

التنظيم الدولى للإخوان ينتقد إعلان "داعش" الخلافة الإسلامية بالعراق.. "الخليفة" مجهول ولا يؤم الناس في الصلاة.. يحق للأمة معرفة اجتهادات الحاكم الفقهية.. "داعش" حولت بنادقها من صدور العدو إلى المسلمين

حركة داعش - صورة
حركة داعش - صورة ارشيفية

وجه التنظيم الدولى لجماعة الإخوان الإرهابية رسالة إلى قواعده حول العالم ينتقد خلالها إعلان تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش" الخلافة الإسلامية، مما يرجح بداية الشقاق بين تنظيمين إرهابيين يسعى كل منها لاحتكار التحدث باسم المجاهدين.


وجاء نص الرسالة كالآتى:

داعش والمونديال.. والبطاقات الحمراء

هو الشيخ المجاهد العالم العابد الإمام الهمام المجدد وسليل بيت النبوة عبد الله إبراهيم بن عواد بن إبراهيم بن على بن محمد البدري القرشي الهاشمي الحسيني نسبا السامرائي مولدا (ومنشأ البغدادي طلبا للعلم وسكنا) والملقب بعد هذا التعريف الذي جاء على لسان الناطق باسم الدولة الإسلامية أبي بكر البغدادي.

والدولة الإسلامية (سابقا الدولة الإسلامية في العراق والشام: داعش) وحسب البيان الذي تلاه أبو محمد العدناني في الأول من رمضان 1435هـ الموافق 29 من يونيو 2014م تعلن أنها قد قررت (ممثلة بأهل الحل والعقد من الأعيان والقادة والأمراء ومجلس الشورى) قيام الخلافة الإسلامية وتنصيب أبو بكر البغدادي خليفة للمسلمين وأنه قد قبل البيعة وبذلك أصبح إماما وخليفة للمسلمين في كل مكان.. وأنه وبإعلان الخلافة صار واجبا على جميع المسلمين مبايعة ونصرة الخليفة، وعلى الفصائل والجماعات على وجه الأرض كافة المجاهدين والعاملين لنصرة الله أن يعلموا أنه لا عذر شرعيا لهم في عدم نصرة الدولة الإسلامية الجديدة.

نحن لا نستطيع إنكار الصفات والألقاب التي تم تقديم الخليفة أبي بكر البغدادي بها وقد يكون في الحقيقة هو أكبر منها رغم أننا لم نسمع عن أي خليفة من خلفاء المسلمين طوال أكثر من 1400 سنة قد حظي بمثلها، ونحن كغيرنا من غالبية الأمة المسلمة وكذلك غالبية أتباعه لم نتعرف عليه شخصيا ولا نحتج عليه بالسؤال عن الجامعات التي درس بها والشهادات والإجازات التي نالها فقد يحاججنا البعض بأن هذه الأمور من البدع التي هَزَمَنَا بها من هم من خارج الأمة (ونعتذر للسيد العدناني من عدم استخدامنا لفظ الكفار على الأقل في هذه التقدمة حتى لا يطال بعض من هم منا بأذى) فكل علماء الأمة الإعلام السابقين لم يلتحقوا بجامعات أو يحصلوا على شهادات أو إجازات منها.. ولكننا ومن حقنا أن نعلم شيئا عن مؤلفاته وكتاباته واجتهاداته وتجديده في الدين لتكون البيعة إذا تم اكتمال الشروط الأخرى لها بيعة طوعية واتِباعٍ على هدى.

وأمر ثان من شروط البيعة نتصور أن السيد أبو بكر البغدادي يدركه جيدا وهو مستخرج من كتب الفقه القديمة بأنه لا بيعة لسلطان أو أمير خفي، وإذا كان هناك تجديد فقهي لدى السيد الخليفة فجمهور الأمة يتشوق إلى معرفته خصوصا وأنه لا يُرى وجهه ولا يظهر على الناس بنفسه ولا يؤم الناس علنا في صلاة، وهناك من يقول أن السيد أبو بكر البغدادي الحقيقي قد تم قتله في معركة لم يعلن عنها تنظيم داعش قبل تشكيل الدولة لأسباب أمنية وتنظيمية وأن هناك بديلا له يحمل اسمه وصفته ويتحمل مسئولية إدارة العمل حتى يكتمل ثم بعد ذلك يتم إخبار الأمة بالحقيقة.

وثالث الأمور (المهمة على الأقل) هو السؤال عن وظيفة داعش السابقة واللاحقة، ونحن لا نشكك فيما تعلنه الدولة عن الجهاد في سبيل الله ولا نعتمد على ما تم نسبته إلى أبي محمد المقدسي (في الأردن) عن التنظيم بأن (تنظيم الدولة في العراق والشام، تنظيم منحرف عن جادة الحق، باغ على المجاهدين، ينحو إلى الغلو، وقد تورط في سفك دماء المعصومين ومصادرة أموالهم وغنائمهم ومناطقهم التي حرروها من النظام (لعله يقصد النظام السوري) وقد تسبب في تشويه الجهاد، وشرذمة المجاهدين، وتحويل البندقية من صدور المرتدين والمحاربين إلى صدور المجاهدين والمسلمين.. إلى غير ذلك من انحرافاته الموثقة).

وأمّا وقد تعلق الأمر بالجهاد في سبيل الله فأحكامه التي اتفق عليها علماء الأمة الثقات استنادا لما جاء في كتاب الله عز وجل وفي سنة نبينا المصطفى صلى الله عليه وسلم فإن ممارسات التنظيم تحتاج إلى تحرير ووقفة لا مجاملة فيها فليس قتل المسالم لمجرد الشبهة أو المخالف أو تكسير الصلبان وما تم من ممارسات أجبرت أهل قرية مسيحية على الهجرة إلى المنطقة الكردية، وهو إضافة إلى ما جاء بعضه على لسان السيد أبو محمد العدناني يحتاج إلى بيان وهل هناك اجتهاد جديد يتم الطلب من جمهور الأمة البيعة على أساسه.

الأسئلة كثيرة تترى طلبا للأمان من إنذارات المتحدث الرسمي أبو بكر البغدادي (الذي لا يعرف أحد اسمه وتاريخ جهاده وحياته) وكلها أسئلة مشروعة لا تطاول فيها على مقام أحد، ومنها على سبيل المثال سؤال مشروع وجَّه مثله أحد الصحابة للخليفة الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما رأى طول ثوبه ولم يستنكر الخليفة هذا السؤال، ونحن نسمع سؤال احتار الناس في إيجاد إجابة له عن مصدر المال الذي جاء إلى داعش قبل الغنيمة التي حصل عليها التنظيم من بنوك الموصل، ومنها أيضا سؤال عن التطابق بين خطة الخلافة الجديدة في العراق والشام مع خطة (الكفار..!!) الخاصة بإعادة تقسيم المنطقة والمعلن عنها منذ سنوات طويلة، وهل جاء هذا التطابق الحرفي مجرد صدفة؟!، وحتى لا يتهمنا أحد في عقيدتنا فإننا نؤمن بأن كل حدث في الدنيا هي أقدار مكتوبة تجري بما كسبت أيدي الناس ولا مجال فيها لتعبير الصدفة.

يبقى أمر (لن يكون هو الأخير) خاص بالتوقيت الخاطئ للإعلان الذي تم توجيهه إلى الأمة كلها وقد جاء والعالم كله والمليار مسلم منه قد انقسموا إلى فسطاطين، فسطاط تطحنه أحداثه الداخلية كالعراق والشام وباقي ما يطلق عليه الربيع العربي والقليل من المناطق الأخرى البعيدة عن المنطقة، والفسطاط الآخر مشغول بالمونديال الكروي الذي يجري على أرض البرازيل في نصف الكرة الجنوبي، وجاء الإعلان وقد اجتمع الفسطاطان على أمر واحد هو انتظار المعركة الوجودية بين فريق الجزائر الذي يرفع علما في وسطه الهلال والفريق الألماني الذي لا ينتمي إلى أمتنا، ولم تسمع أغلبية الكون عن بلاغ الخلافة بما يعني أن البلاغ غير مبين وهو ما يحتاج إلى فتوى أخرى جديدة عن مدى إلزام البشرية كلها به في هذه الظروف.

وبمناسبة المونديال فقد عاقب حكم إحدى المباريات لاعبا عض لاعبا منافسا في فريق آخر ورفع له بطاقة حمراء وأوقعت عليه الـ«فيفا» (الهيئة الدولية المشرفة على اللعبة) عقوبة المنع من اللعب لعدة شهور ولعدة مباريات.

عضة واحدة سببت أزمة لدرجة أن طالب أحدهم بإرسال اللاعب (العضاض) إلى معسكر جوانتانامو الشهير الذي لا يعلم أحد له صاحب أو مسئول بعد أن عجز الرئيس الأمريكي أوباما لمدة ست سنوات عن الوفاء بعهده بإغلاقه، أو أن يتم وضع هذا (العضاض) في مصحة عليها سبعة أبواب يتم علاجه فيها.

وبعد المشهد الأخير على أرض العراق والشام، فهل يمكن تخيل كم بطاقة حمراء تحتاج إلى أن ترفعها هيئة مسئولة تخشى الله وتحرس حدوده.. قياسا إلى بطاقة واحدة بسبب مجرد عضة؟!
الجريدة الرسمية