"الحاجة فاطمة" أشهر رواية لأصل مدفع الإفطار.. وجنود الحاكم "خوشقدم" كانوا يختبرون مدفعًا جاءه هدية من صديق وقت غروب الشمس.. فظن المصريون أنه موعد الإفطار.. وعندما توقف طالبوا باستمراره
قال خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان، إن أصل منشأ مدفع الإفطار له روايات متعددة أشهرها "رواية الحاجة فاطمة" التي ترجع إلى سنة 859هـ/1455م، طبقًا لما جاء في دراسة أثرية لعالم الآثار الإسلامية الدكتور على الطايش، أستاذ الآثار والفنون الإسلامية بكلية الآثار جامعة القاهرة.
اختبار مدفع
وأشار ريحان إلى أن هذا العام كان يتولى فيه حكم مصر والٍ مملوكى يدعى (خوشقدم) وكان جنوده يقومون باختبار مدفع جديد جاء هدية للسلطان من صديق ألماني، وكان الاختبار يتم أيضًا في وقت غروب الشمس، فظن المصريون أن السلطان استحدث هذا التقليد الجديد لإبلاغ المصريين بموعد الإفطار، وعندما توقف المدفع عن الإطلاق ذهب العلماء والأعيان لمقابلة السلطان لطلب استمرار عمل المدفع في رمضان، فلم يجدوه والتقوا زوجة السلطان التي كانت تدعى (الحاجة فاطمة) التي نقلت طلبهم للسلطان فوافق عليه فأطلق بعض الأهالي اسم (الحاجة فاطمة) على المدفع واستمر هذا حتى الآن.
وتابع ريحان أن: الدراسة تناولت روايات أخرى عن مدفع الإفطار، ومنها أن الأعيان والعلماء وأئمة المساجد ذهبوا لتهنئة الوالى بشهر رمضان بعد إطلاق المدفع، فأبقى عليه الوالى بعد ذلك كتقليد شعبى، وقد اعتاد الصائمون منذ مطلع الرسالة على أن يرتبط إفطارهم وإمساكهم في أيام شهر رمضان بأذانى المغرب والفجر، ورغم كثرة مساجد القاهرة ومآذنها فقد عرفت هذه المدينة مدفع الإفطار في العصر المملوكى عام 859هـ / 1455م، وكانت القاهرة أول مدينة إسلامية تستخدم هذه الوسيلة عند الغروب إيذانًا بالإفطار في شهر رمضان.
محمد على الكبير
وأشار ريحان لرواية أخرى مشهورة عن ظهور مدفع الإفطار، كما جاء في الدراسة، تقول إن والى مصر محمد على الكبير، كان قد اشترى عددًا كبيرًا من المدافع الحربية الحديثة في إطار خطته لبناء جيش مصرى قوى، وفى يوم من الأيام الرمضانية كانت تجرى الاستعدادات لإطلاق أحد هذه المدافع كنوع من التجربة فانطلق صوت المدفع مدويًا في نفس لحظة غروب الشمس وأذان المغرب من فوق القلعة، فتصور الصائمون أن هذا تقليد جديد واعتادوا عليه، وسألوا الحاكم أن يستمر هذا التقليد خلال شهر رمضان في وقت الإفطار والسحور، فوافق، وتحول إطلاق المدفع بالذخيرة الحية مرتين يوميًا إلى ظاهرة رمضانية مرتبطة بالمصريين كل عام.
ويوضح أن المدفع استمر يعمل بالذخيرة الحية حتى عام 1859م، ولكن امتداد العمران حول مكان المدفع قرب القلعة وظهور جيل جديد من المدافع التي تعمل بالذخيرة "الفشنك" غير الحقيقية، أدى إلى الاستغناء عن الذخيرة الحية كما كانت هناك شكاوى من تأثير الذخيرة الحية على مبانى القلعة الشهيرة، ولذلك تم نقل المدفع من القلعة إلى نقطة الإطفاء في منطقة الدرَّاسة القريبة من الأزهر الشريف، ثم نُقل مرة ثالثة إلى منطقة مدينة البعوث قرب جامعة الأزهر.
ستة مدافع
وقد كان في القاهرة حتى وقت قريب ستة مدافع موزعة على أربعة مواقع، "اثنان في القلعة واثنان في العباسية وواحد في مصر الجديدة وآخر في حلوان"، وكانت هذه المدافع تخرج في صباح أول يوم من رمضان في سيارات المطافئ لتأخذ أماكنها المعروفة ويستقر المدفع الآن فوق هضبة المقطم، وهي منطقة قريبة من القلعة ونصبت مدافع أخرى في أماكن مختلفة من المحافظات المصرية ويقوم على خدمة كل مدفع أربعة من رجال الأمن الذين يُعِدُّون البارود كل يوم مرتين لإطلاق المدفع لحظة الإفطار ولحظة الإمساك.