رئيس التحرير
عصام كامل

ننشر التفاصيل الكاملة لجلسة مرافعة دفاع الشاعر الختامية في "قضية القرن".. الجمل: التحقيقات اعتمدت على تقارير طبية متضاربة.. النيابة تخلت عن الحياد.. وأحالت القضية إلى الجنايات دون دليل

اللواء إسماعيل عبد
اللواء إسماعيل عبد الجواد الشاعر مساعد وزير الداخلية الاسبق

قررت محكمة جنايات القاهرة المنعقدة بأكاديمية الشرطة برئاسة المستشار محمود كامل الرشيدي، تأجيل القضية المعروفة إعلاميا بـ"محاكمة القرن" المتهم فيها الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك ونجليه جمال وعلاء مبارك ووزير داخليته حبيب العادلى وستة من مساعديه؛ لاتهامهم بقتل المتظاهرين إبان ثورة 25  يناير، لجلسة 2 أغسطس القادم لسماع مرافعة المحامى فريد الديب عن المتهمين الأول محمد حسنى مبارك ونجليه علاء وجمال مبارك.


وكلفت المحكمة النيابة العامة بندب كبير الأطباء الشرعيين بالقاهرة بالانتقال لمستشفى المعادى العسكرى لتوقيع الكشف الطبى على المتهم وإيضاح هل يمكن أن يحضر الجلسة القادمة حتى ولو بالمساعدات الفنية من عدمه مع استمرار حبس المتهم حبيب العادلى وزير الداخلية الأسبق على ذمة القضية.

بدأت الجلسة فى العاشرة صباحا وأثبتت المحكمة حضور المتهمين، وتبين غياب المتهم الأول محمد حسنى مبارك

والمحكمة استفسرت من النيابة العامة عن سبب عدم حضوره وقدمت النيابة محضرا من قسم شرطة المعادى بأن حالة المتهم الصحية لا تسمح بنقله

ونادت المحكمة إلى المحامى الحاضر من مكتب المحامى فريد الديب عما إذا كان هناك مشكلة من عدم حضور مبارك فأجاب لا مانع من مواصلة الجلسة وسوف نخبر موكلنا بما حدث فيها.

استمعت المحكمة لمرافعة المحامى على الجمل دفاع المتهم التاسع اللواء إسماعيل عبد الجواد الشاعر مساعد أول وزير الداخلية لأمن القاهرة السابق حيث دفع بعدم انطباق مادة التجريم الواردة بأمر الإحالة والخاصة بالمادة 40 فقرة 1 من قانون العقوبات لعدم توافر أركانها وإن كان هناك توافر لجريمة التحريض فأن يكون المادة 70 المعدلة هى الأولى بذلك لأنها تخص التحريض العام.

كما دفع الدفاع ببطلان أمر الإحالة بطلانا جوهريا وما حواه من اتهامات لوجود الخطأ فى تطبيق القانون ولقصور التحقيقات الخاصة بالنيابة العامة وعوارها، وأيضا لاختلال فكرة النيابة العامة عن صحة الوقائع، ومخالفة المادة 214 من قانون العقوبات لقصور التحقيقات مع المجنى عليهم وذويهم والمصابين وأهليتهم وشهودهم واستنادها على تقارير طبية متناقضة وخلوها من توافر أركان جريمة الاشتراك بالتحريض على جريمة القتل.

وأضاف الدفاع أن النيابة العامة إذا اكتشفت بأن هناك أدلة خالطها الشك وليست ثابتة فى حقه فتقف أمام المحكمة وتسقط الاتهامات عنهم وتتنازل عنها، وأنه كان من الضرورى أن تقوم النيابة العامة بإصدار أمر بالأوجه لإقامة الدعوى، خاصة بعد أن أوضحت التحقيقات التكميلية عدم ثبوت الاتهامات فى حق المتهمين، وكان عليها أن تقول كلمة حق بعدما تكشفت الحقائق لديها.

وأوضح أن النيابة لم تقف موقف الخصم الشريف فى الدعوى ولكن تمادت وطالبت بتوقيع أقصى عقوبة على المتهمين وأجهزت وقضت فعليا على جهاز الشرطة فقدمت كل رجال الشرطة إلى الجنايات، وأصبح أى ضابط يعتدى على مجرم أو يقتله يقدم للمحاكمة.

وأشار بأنه منذ أن قامت الثورة لم يتم محاكمة متظاهر واحد بالاعتداء على الشرطة، وأوضح بأن المساواة فى الظلم عدل فمثلما تم محاكمة الضباط يتم محاكمة الثوار المعتدين.

أشار الدفاع بأن وظيفة موكله بأنه مدير أمن القاهرة وأنه بمطالعة أمر الإحالة نجد أنه مقدم بجميع التهم وقتل المتظاهرين فى جميع محافظات الجمهورية، وتساءل لماذا لم تقدمه النيابة العامة بتهم ارتكاب وقائع قتل متظاهرى محافظة القاهرة فقط حيث إنه لا دخل له ولا علاقة ولا سلطان بالمحافظات الأخرى؟

وقال الدفاع إن هذا يوضح أن النيابة العامة لم يكن لديها وقت كافٍ لوضع الاتهامات بشكل صحيح، وأن أمر الإحالة كان موجودا على بياض قبل توجيه الاتهام للمتهمين، وأن النيابة أحالت القضية رغم كبر حجمها وكثافة عدد المصابين والمتوفين فى أقل من شهر واحد، وأنه لا يمكن أن تقوم النيابة العامة بالتحقيق وتوجيه الاتهامات للمتهمين بما يرضى الله وطبقا للقانون.

أضاف الدفاع أن النيابة عجزت عن تقديم الدليل لإدانة المتهمين، وأن النيابة لم تطبق القاعدة التى تنص على أنه لا يضير العدالة أن يتم تبراءة متهم على أن يتم إدانة برئ.

مشيرا بأنه لا يوجد سوى شاهد واحد أدان المتهمين فى القضية سوى اللواء حسن عبد الحميد وله ظروف خاصة فى الدعوى، وأكد انعدام شفافية التحقيقات وأنها تمت بدون حيدة فى حق المتهمين، وأنها اعتبرت اجتماع المتهمين بأنه هو القرينة والدليل على اتفاق المتهمين على التحريض والمساعدة على قتل المتظاهرين، وأن النيابة العامة جردت المتهمين من شرفهم وكرامتهم ومن تاريخهم المهنى العريق، ووجهت لهم اتهامات غير صحيحة.

أشار الدفاع إلى أن النيابة وضعت المتهمين فى سلة ووجهت لهم مجموعة من الاتهامات وضعت لهم مجموعة من نصوص القوانين لمحاكمتهم، وتساءل الدفاع إذا كانت النيابة العامة وجهت للعادلى تهمة أنه اجتمع بمساعديه ومن بينهم الشاعر وبناء عليه قاموا بالاتفاق على قتل المتظاهرين، فأين اجتماع الشاعر برجاله لتحريضهم.

تعجب الدفاع من توجيه النيابة تهمة الإهمال للمتهمين بعدم جمع المعلومات الصحيحة بأن المظاهرة ثورة شعبية تعجز قوات الشرطة عن مواجهتها أمنيا، وتساءل إذا أقرت النيابة بأن الشرطة تعجز فكيف تقدمهم بتهمة القتل العمد، وأشار إلى أن هذا هو السبب الذى جعل المحاكم تصدر البراءات على جميع الضباط، وأن البعض رد ساخرا بأن المحاكم كان ينقصها أن تقوم بتوزيع الورود لهم وردد قائلا: فعلا نوزع الورود لأن هؤلاء المتهمين بريئون من تلك التهم.

وإن الضباط كان يخلعون ملابسهم الشرطة ويرتدون ملابس بوابين أو عاملين حتى يتخفوا من الثوار الذين يقومون بالاعتداء عليهم وقال الدفاع بأنه لا يوجد فى الأوراق فاعل أصلى أو معترف بارتكاب وقائع التحريض، علاوة على أن أوامر الخدمة والدفاتر التى استندت إليها النيابة لم تثبت الجريمة فى حقهم.

أشار الدفاع إلى أن النيابة العامة فاتها أن تثبت عدد التقارير الصادرة من الأمن المركزى ولم تذكر ما جاء بها، مشيرا إلى أن هذا يدل على أنها لم تطلع عليها.

وأكد الدفاع أن هذه التقارير كان بها معلومات مهمة للغاية وبها عناصر أجنبية ولو تم الاطلاع عليها لكان هناك متهمين آخرين بالقضية.

وأنه جاء بالصفحة رقم 54 من تفريغ النيابة العامة لتقرير أمن الدولة عن سبب الانفلات الأمنى بسبب تواجد القوات 4 أيام دون راحة وبأن هناك تعليمات مستديمة للضباط والأفراد بعدم التعرض للمتظاهرين وعدم التسليح وهذا جعلهم ينسحبون من مواقعهم حتى لا يتفاقم الموقف ويتزايد الضحايا بين الطرفين.

وأيضا ما جاء بتقرير وزارة الداخلية بإلقاء القبض على 166 شخص فى التحرير لقيامهم بالتخريب والتحريض على العنف ولم يتم محاكمتهم، وأيضا جرائم تهريب المساجين.

وقال الدفاع إن النيابة العامة لم تقم بالتحقيق فى واقعة اعتداء جميلة إسماعيل وأيمن نور على رجال الشرطة وإيقاف سيارة خاصة بالشرطة وتحطيم زجاجها رغم تدوين النيابة العامة هذه الجمل فى تفريغها.

وتساءل الدفاع لماذا لم نجد أى محكمة فى مصر حاكمت قضية متهم فيها متظاهر بأعمال الحرق والقتل والإتلاف والتخريب لجهاز الشرطة والتى كانت بمثابة فيلم رعب لا يمكن أو يتصور أن تقوم الشرطة بارتكابها فى حقها، وأن العدالة لا تكون بمحاكمة قيادات الدخلية فقط من كل ضباط وأفراد جهاز الشرطة.

استكمل الدفاع قائلا: إنه كان يجب على سلطة الاتهام فتح تحقيق حول وقائع الإصابات والقتلى، وتسأل الدفاع لماذا أحالت النيابة أوراق القضية فى عجالة إلى محكمة الجنايات رغم عدم وجود دليل.

سأل الدفاع القاضى هل النيابة العامة أحالت الحقيقة للمحكمة وأوضحت فيها أن الإصابات وحالات القتلى التى وقعت فى أحداث 25 يناير ناتجه عن اقتحام الأقسام وسرقة الأسلحة واقتحام السجون.

طرح الدفاع عدة تساؤلات منها: هل قامت النيابة العامة بالتحقيق مع من قام بارتكاب وقائع محاصرة الأقسام والاعتداء على المتظاهرين خاصة أنهم هم من استولوا على أسلحة الشرطة منهم البلطجية والمجرمين والإخوان؟ وتساءل لماذا يتم اتهام الشرطة ورجالها بهذه الاتهامات ويترك هؤلاء؟

طالب الدفاع بتقديم أعضاء حركة 6 إبريل للمحاكمة لتبيت النية غير السليمة على الأحداث وإثارة الفوضى وتعمد إحداث الانفلات الأمنى بالبلاد وإسقاط جهاز الشرطة.

واستند الدفاع على أن أعضاء حركة 6 إبريل تم إجراء حوار تليفزيونى معهم قبل أحداث 25 يناير وأكدوا خلاله أنهم أعدو الدروع والأسلحة لمواجهة الشرطة.

قال الدفاع إن أفراد النيابة العامة لم يضعوا أنفسهم موضع رجل الشرطة ولم يشعروا بالضغوط التى تعرضوا لها إبان ثورة يناير من حرق للأقسام وسرقة لأسلحتهم واعتداء المتظاهرين عليهم.

وأضاف الدفاع أن أسامة ياسين أكد أنهم اعتلوا أسطح العقارات فى ميدان التحرير وألقوا المولوتوف، وقال الدفاع كيف تقوم النيابة بمحاسبتهم على أفعال الآخرين، مؤكدا أن رجال الشرطة ليسوا كفارا ليتم معاملتهم بهذه الطريقة، مشيرا إلى أن النيابة هى التى تسببت فى ضياع حقوق الثوار، وأن رجل الشرطة يحمى وكيل النيابة عند نزوله لإجراء معاينة فى قضية قتل.

وأن النيابة جعلت حياة المتظاهر المعتدى أفضل بكثير من رجال الشرطة المدافعين عن أنفسهم وأبناء الوطن، وهذا يشير إلى أن هدفها أن يحمل هؤلاء المتهمين دماء الثورة بأكملها.

استنجد الدفاع بالمستشار هشام بركات النائب العام والذى وصفه بأنه إنسان شريف ومحترم وقدم بلاغا إليه عن الجرائم التى ارتكبها الآخرون ويحاكم فيها المتهمون الماثلون، طالبا منه أن يقدم الفاعلين الأصليين بالقضية، قائلا له: يا سيادة النائب العام قولوا لأبنائكم لا تكونوا خصما وحكما فى وقت واحد.

وأهاب بالمستشار عادل السعيد مستشار المكتب الفنى بأن يقوم بالتحقيق فى كل ما قدمه الدفاع بالمحاكمة من أدلة.

قال الدفاع إن هناك تناقضا فجا بين التهم الواردة فى أمر الإحالة والموجهه للمتهمين مما يستعصى على الوائمة بين تهمتى الاشتراك بالاتفاق والمساعدة على التحريض على القتل العمد والشروع فيه وبين جريمة عدم طاعة وزير الداخلية لأوامر رئيس الجمهورية بحفظ الأمن بالبلاد ومساندة القوات المسلحة، وأضاف الدفاع أنه لو كان هناك اتفاق فإنه ليس من المنطقى أن يغير رئيس الجمهورية كلامه فى اليوم التالى.

شرح ذلك قائلا: "إزاى رئيس الجمهورية يحرض العادلى على التعامل مع المتظاهرين ويفض المظاهرات بالقوة والعنف وينتج عن ذلك القتل؟ وإزاى أوجه تهمة للمتهم العادلى أنه لم يطع أوامر رئيس الجمهورية بحفظ الأمن بالبلاد ومساندة الجيش وقت الأحداث؟؟" مما دعا العادلى أن يصدق على كلامه من داخل قفص الاتهام بحركة الإجابة برأسه قائلا: "صح".

أنهى الدفاع مرافعته قائلا: المتظاهرون ولعوا مصر وضباط الداخلية كان يحمون وزارتهم ومؤسسات ومنشآت الدولة ودفع بانتفاء المسئولية الجنائية وعدم اشتراك المتهمين بالاتفاق والمساعدة وعدم توافر عنصر العلم لديهم.

وجه الدفاع حديثه إلى المتهمين بأنه إذا سلبت النيابة العامة حقوقهم فى هذه القضية فانتظروا حتى يرفع الله أجركم وهو يصبركم على البلاء، وأن الله حاسبكم فى الدنيا على ما لا تفعلوه وتعاملوا مع مظلمتكم على أنها قضاء من الله وما الحكم إلا لله وادعوا: اللهم إنى مغلوب فانتصر.

وأن براءتهم الجديدة ستكون بطعم مختلف، فهى سترد لهم كرامتهم وشرفهم وستوضح الجانى الحقيقى الذى دمر الأخضر واليابس ليصل إلى حكم مصر فوق الدماء والجثث.
الجريدة الرسمية