نجيب محفوظ يكتب: الصيام تحرير للروح
في مجلة "نصف الدنيا"عام 2001 كتب الأديب نجيب محفوظ مقالا يقول فيه:
قالوا لى في حكمة الصيام إنه فرض على المؤمنين ليختبروا في أنفسهم آلام الجوع فتعطف قلوبهم نحو الفقراء، وإنه وسيلة لشحذ الإرادة واعتياد الصبر وإنه سبيل إلى تهذيب نوازع النفس وتطهير الروح.. كل هذا حق.
غير أن المؤمن لا يقبل على الصيام لداع من هذه الدواعى بقدر ما يقبل عليه طاعة لله وطمعًا في محبته.
المؤمن يجد في هذا السعادة دون تعليل أو تأويل، وطاعة الله ومحبته هي واجبات روحية لعلها أخطر من الصيام نفسه، لكن الصيام تذكرة لمن شاء أن يوجه ضميره نحو هذه الواجبات لتأملها والعمل على تحقيقها، فليكن لنا في شهر الصيام فرصة طيبة لمراجعة النفس في سلوكها حيال الحياة والناس على ضوء مبادئ الدين الخالدة.
أول هذه المبادئ التوحيد أو تحرير الروح من عبادة أي شئ أو أي شخص فلا يعبد إلا الله وما قدمه للبشر من دستور للخير والنمو، ومن هذه المبادئ أيضًا بث روح التضامن في المجتمع الإنسانى تلك التي جعلت للفقير حقًا في مال الغنى معالجة بذلك الفقر ومشكلاته وعواقبه مع مراعاة ما يوسع به «الاجتهاد» على المؤمن المفكر من إيجاد الحلول الجديدة في الظروف الاجتماعية الجديدة ومنها الدعوة الحقة إلى الأخوة الإنسانية دون تفرقة بين أسود أو أبيض أو أصفر أو أسمر إلا بالإيمان بالله ومنها أيضًا التسامح الدينى الذي جعل من بلاد الإسلام في العصور المظلمة الموطن الوحيد الذي لا يلقى فيه الإنسان اضطهادًا بسبب عقيدته الدينية