رئيس التحرير
عصام كامل

استثناء الهيئات الدبلوماسية من «الأقصى للأجور» يثير جدلا دستوريا بين الفقهاء.. الجمل: القانون يشوبه العوار.. نور الدين: المصلحة العامة تقتضي استثناء الدبلوماسيين

الرئيس عبد الفتاح
الرئيس عبد الفتاح السيسي

في الوقت الذي لقي فيه قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي، بشأن تحديد الحد الأقصى لأجور العاملين بأجهزة الدولة، إشادة الكثيرين، فقد أثار القرار ذاته جدلا لم تخفت حدته حتى الآن.

وكان من أهم مسببات حالة الجدل التي وصلت لخلافات في الرأي بين فقهاء القانون أنفسهم، هو استثناء العاملين بهيئات التمثيل الدبلوماسى والقنصلى والتجارى من تطبيق القرار عليهم، ومثلهم من يمثلون جمهورية مصر العربية بالخارج.وينظر البعض لهذا لاقرار باعتباره مخالفة لمبدأ المساواة بين المواطننن أمام القانون، وهو ما يعني مخالفته لنصوص الدستور المصري، الذي يقر أن الجميع أمام القانون سواء.

في المقابل اعتبره البعض الآخر لا يشكل أي مخالفة دستورية، باعتبار أن المساواة تكون بين كل من تماثلت مراكزهم وظروفهم القانونية، وأن المصلحة العامة تقضي استثناء هذه الفئات من تطبيق الحد الأقصى لطبيعة عملهم.

المستشار محمد حامد الجمل رئيس مجلس الدولة الأسبق، كان من بين الفريق الذي يعتقد أن قرار استثناء الدبلوماسيين يشوبه العوار الدستوري، باعتبار أن القانون الصادر بالحد الأقصى للأجور يعد القوانين المكملة للدستور، موضحا أن القوانين احكامها عامة ومجردة.

وأضاف أن أحكام هذا القانون تتعلق بالمستوى الاقتصادي للمواطنين، وحيث أن هناك مخاطر جسيمة، وحالة انهيار للاقتصاد المصري، تتعرض لها البلاد، في ظل ارتفاع اعجز في الميزانية وارتفا، فلا يجب وضع أي استثناءت بالقانون، سواء لأعضاء الهيئات الدباوماسية أو غيرهم.

وأشار إلى أن العاملين بهيئات التمثيل الدبلوماسى والقنصلى والتجارى، وغيرهم ممن يمثلون مصر أثناء مدة عملهم في الخارج، يحصلون على بدلات مقابل الأعباء المالية التي يتحملونها، وذلك بخلاف مرتباتهم الأساسية وملحقاتها وهذه مصروفات تتحملها خزانة الدولة.

وأكد أن استثناء القانون لأعضاء الهيئات الدبلوماسية، من تطبيق الحد الأقصى للأجور، يعرض القانون لعدم الدستورية، إعمالا للمبدأ القانوني القاضي بأن الجميع سواء أمام القانون، وتسري أحكامه على جميع المواطنين، مؤكدا أن الدستور لم يستثن من تطبيق الحدين الأقصى أو الأدنى أية طائفة. 

وأوضح الفقيه القانوني أنه يمكن الطعن قضائيا على القانون بعدم الدستورية، أمام المحكمة المختصة، والتي سوف تحيل بدورها الدعوى إلى المحكمة الدستورية للفصل فيها.

على الجانب الآخر أكد المستشار نور الدين على الخبير الدستوري وعضو هيئة قضايا الدولة، أن قانون الحد الأقصى لأجور العاملين لدى أجهزة الدولة، لا يشوبه أي عوار أو خلل دستوري، وإنما تتفق أحكامه ونصوصه مع مبادئ الدستور بحسب تقديره. 

وأوضح أنه يجوز للمشرع، أن يخالف مبدأ المساواة، ويستثني بعض الفئات والطوائف من تطبيق القانون لدواعي المصلحة العامة، إذا أن المساواة في الدستور ليست مساواة حسابية على حد تعبيره. 

وأضاف أن العاملين بهيئات التمثيل الدبلوماسى والقنصلى والتجارى، وغيرهم ممن يمثلون جمهورية مصر العربية أثناء مدة عملهم في الخارج لهم وضع خاص، إذ أنهم يمثلون مصر في الخارج، ويجب أن يقوموا بأداء مهمتهم على أكمل وجه، وهذا يتطلب منح الدبلوماسي بدلات خاصة لللتنقل، وتأجير المسكن في الدولة التي يعمل بها، فضلا عن ضرورة الاهتمام بالمظهر الخارجي للدبلوماسي، واقامة حفلات للمجاملة، علاوة على أن مستوى المعيشة في الخارج يختلف عنها داخل مصر، وأن التعامل في الخارج يكون بالدولار أو اليورو وهي عملات تختلف أسعارها عن الجنيه المصري، مؤكدا عدم وجود ما يمنع من استثاء بعض الفئات من تطبيق الحد الأقصى.

واتفق الدكتور صلاح الدين فوزي أستاذ القانون الدستوري، مع الرأي القائل بان قانون تطبيق الحد الأقصى للأجور لا يشوبه أي اشكال دستوري، وقال: «إنما هو يتفق مع مبادئ الدستور»، مؤكدا أن مبدأ المساواة بين المواطنين أمام القانون والدستور ليس المقصود بها المساواة الحسابية، وانما يقصد بها المساواة بين كل من تماثلت مراكزهم وظروفهم القانونية. 

وأوضح فوزي أن من يدعي أن المحكمة الدستورية سوف تفصل بعدم دستورية القانون في حالة الطعن عليه امام المحكمة المختصة لا يعيش على أرض الواقع، حيث أنه كلام نظري لا يتفق مع الواقع، فلا يمكن أن تتغاضى المحكمة الدستورية عن الظروف والملابسات التي من أجلها تم استثناء أعضاء الهيئات الدبلوماسية من تطبيق الحد الأقصى للأجور طبقا لرأيه.

وأشار إلى أن مستوى المعيشة في الدول الأوربية باهظ ومكلف، ولا يمكن أن يعيش الدبلوماسي واسرته في الخارج بمبلغ 42 ألف جنيه مصري، أي ما يعادل 4 آلاف دولار، حيث أن تأجير منزل في واشنطن على سبيل المثال يتكلف 10 آلاف دولار، مما يتطلب أن يحصل أعضاء الهيئات الدبلوماسية على بدلات مسكن وتنقل، وبدل تمثيل بخلاف أجورهم.

تبقى الإشارة إلى أن الرئيس عبد الفتاح السيسي أصدرا قرارا جمهوريا بقانون يحدد الحد الأقصى لأجور العاملين بالدولة، سواء في الحكومة أو وحدات الإدارة المحلية والهيئات العامة والقومية الخدمية والاقتصادية، وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة والعاملين بقوانين وكادرات خاصة، بمبلغ 42 ألف جنيه شهريا، وهو ما يمثل خمسة وثلاثين ضعفا للحد الأدنى البالغ 1200جنيه.
الجريدة الرسمية