مجلس لم يجلس
بالفعل هو لم يجلس حتى لو كان النواب جددا، ومن فاز من المعتقين حضروا واكتمل بهم النصاب لبرهة ثم ذهب كل إلى حال سبيله ووفقا للعرف السياسي وللقوانين الدستورية فإن كل ما جرى في جلسة مجلس النواب التي جلس فيها السياسيون إلى بعضهم وتحدثوا قليلا ومنهم من أدى اليمين الدستوري كان بسيطا للغاية مع معرفة سابقة بعدم تحقق ما كان المواطنون يأملون تحققه وهو اختيار الرئاسات الثلاث البرلمان والجمهورية، ثم رئيس الحكومة، وكان أكبر الأعضاء سنا مهدي الحافظ يدير تلك المسماة جلسة بطريقة مؤدبة مهذبة لكنه كان يفتقد القدرة على الإدارة والمعرفة، وكان الدكتور إبراهيم الجعفري يلقنه مايفعل، بينما بدا نائب آخر وكأنه يوبخه لعدم معرفته بطريقة الإدارة وما يجب عليه أن يفعل، وكان هو يرد باسترخاء وحياء وكأنه لم يكن عضوا سابقا في البرلمان العتيد.
أخيرا رفعت جلسة الثلاثاء التي تطلبت من مجلس الوزراء إعلان ذلك اليوم عطلة رسمية باستثناء المؤسسات ذات الأهمية القصوى في حياة الناس، وظهر بعض القادة وكأنهم يريدون رفع الجلسة لأسبوع لعلهم يتنفسون بعض الإنجازات على الأرض في إطار صراعهم المحموم مع بعض، ولتحقيق تقدم ما يسبق الجلسة المزمعة بعد أسبوع من الآن، وكالعادة لم يظهر النواب الجدد بخلاف ما ظهر عليه من سبقهم في دورات مضت وكان همهم الأوحد أداء اليمين، وأدركت واحدة من نوائب البرلمان الجديد سوء ما حصل من نزاع وصراع وتهديد ووعيد وشتائم فقالت على صفحة الفيس بوك الخاصة بها، إنها تعتذر للشعب العراقي الذي كان يأمل تحقيق شيء ما من جلسة الثلاثاء، وهو ما يؤكد ما سبق وذكرناه في مقالات وتعليقات سياسية عن عدم جدوى تغيير الوجوه ما دامت السياسات ثابتة ولعل الدكتور إياد علاوي قال ذلك لقناة عربية من يومين وهو يريد تغيير النهج باعتبار أنه من الوجوه الثابتة في الميدان السياسي، وصار يعرف أن المشكلة ليست في الأشخاص ما داموا يعيشون ويعملون ويتصارعون في بيئة واحدة والمطلوب بالفعل هو تغيير النهج السياسي والسلوك المعتاد الذي ألفناه من سنوات طويلة ويحكم البلاد منذ تلك الفترة وحتى اللحظة دون أن يتم إنجاز شيء على الأرض، ولا شك في أن علاوي وغيره من السياسيين في الحكم والمعارضة على حد سواء مسئولون عن ذلك الترهل في العملية السياسية وعن النهج المتبع وغير المجدي في إدارة الدولة.
لم تكن تلك الجلسة هي المنتظرة، وكان الجميع يأمل في حسم موضوع الرئاسات الثلاث لتستوي الأمور فالميزانية العامة للدولة لم تقر، والمعارك على أشدها في مدن عدة مع مجموعات من المسلحين الأجانب وجماعات تمرد أخرى، والخلافات عميقة بين المكونات الأساسية، وصار الصراع داخل التحالفات نفسها يحتدم كل يوم ويثير الشك في إمكانية النهوض بأعباء ومشاكل البلاد المتراكمة، وإذن فلابد من إنجاز عسكري على الأرض في مواجهة المسلحين، ولابد من قرارات سياسية ناجعة لا تستثني معاناة الناس لعلنا نشعر بأمل يلوح.