رئيس التحرير
عصام كامل

«حلم الاكتفاء الذاتي من القمح في مهب الريح».. مصر الأولى في استيراده عالميا.. اعتماد سلالات عالية الإنتاج تتحمل الملوحة والجفاف أهم الحلول.. ومطالب بتقليل زراعة البرسيم لتوفير المياه

فيتو

لم يشهد ملف في مصر تضاربا في تصريحات المسئولين مثل ملف "الاكتفاء الذاتي من القمح"، فخلال أربع حكومات اختلف فيها الأداء بين إعلان حكومة رئيس الوزراء الأسبق هشام قنديل تحقيق اكتفاء ذاتي بحلول عام 2020، وبين تصريحات لمسئولين آخرين تؤكد أن تحقيق الحلم الذي يجعل قوت المصريين من أيديهم صعب، يبقي القمح ورغيف الخبز أملًا معلقًا للمصريين.


"فاو" تكذب حكومة الإخوان
ورغم ما أعلنته حكومة قنديل عن اقتراب حلم الاكتفاء الذاتي إلا أن منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة "فاو"، قالت في تقرير لها صدر اليوم الخميس: إن مصر لا تزال أكبر مستورد للقمح في العالم، وأن الاحتياجات الاستيرادية من الحبوب في السنة التسويقية الحالية 2013- 2014، يتوقع لها نحو 6.61 ملايين طن، بزيادة 20% عن العام الماضي، نتيجة الانخفاض في المخزونات الإستراتيجية.

وفي الوقت الذي أكدت فيه التصريحات المتتالية صعوبة تحقيق الاكتفاء الذاتي للقمح، ومنها ما قاله الدكتور عبد السلام جمعة الملقب بأبو القمح المصري، الذي أكد أن الوصول للاكتفاء الذاتي صعب؛ لأن ذلك يحتاج زراعة 5 ملايين فدان بدلا من 3 ملايين، وتلك مساحة لن تتوافر إلا عندما تصل الرقعة الزراعية إلى 15 مليون فدان، إلا أن عددا من الأبحاث والدراسات أكدت أن تحقيق الاكتفاء الذاتي ليس صعبًا وإنما فقط يحتاج إلى عدة آليات.

ففي دراسة صادرة عن جامعة الزقازيق، تم إرجاع زيادة الاستيراد من القمح نتيجة لتضاعف وهمي لمعدل استهلاك الفرد للقمح؛ حيث يسجل معدل استهلاك الفرد في مصر 190 – 200 كجم للفرد، وهو راجع إلى استهلاك القمح ومنتجاته كعلف للماشية نتيجة لانخفاض سعره عن سعر الأعلاف، وذلك يمكن القضاء على ذلك بتوفير أعلاف بأسعار منخفضة عن القمح كما حدث في السعودية وهي الدولة العربية الوحيدة التي حققت اكتفاء ذاتيا من القمح ولا يزيد معدل استهلاك الفرد فيها عن 100 كجم في العام.

وأضافت الدراسة: إنه من الممكن زيادة إنتاجية الفدان عن طريق استنباط أصناف جديدة من القمح ذات تراكيب وراثية مقاومة للأمراض مبكرة التزهير والنضج وعالية الإنتاجية، مشيرة إلى أن متوسط إنتاجية الفدان من القمح في عام 2011/2012 نحو 18.02 أردبا في حين أن هناك أصنافا عالية الإنتاجية يمكن تعميم زراعتها في كل الأراضي المصرية تصل إنتاجيتها إلى 25 أردبا في الفدان، مع العلم أنه إذا زادت إنتاجية الفدان أردبا واحدا من المساحة المنزرعة المشار إليها، فإن هذا سوف يؤدي إلى زيادة في الإنتاج بمقدار 465 ألف طن في السنة وإذا زاد أردبين سوف يؤدي إلى زيادة مقدار 930 ألف طن، وهذا شيء يمكن تحقيقه باستخدام الأصناف عالية الإنتاجية.

"الاستفادة من الأصناف العالمية"
وشددت الدراسة على ضرورة الاهتمام بإدخال الأصناف العالمية العالية الجودة والإنتاجية لإدخالها في برامج التربية والاستفادة منها، خاصة الأصناف الهندية التي تزرع في أي وقت خلال العام دون التأثير على إنتاجها، وأيضًا يجب الاهتمام بزراعة أصناف الترتيكال، الذي يمتاز بتحمله للجفاف والملوحة.

وأوضحت الدراسة أنه يمكن تحقيق الاكتفاء الذاتي أيضا بالتوسع الأفقي في زراعة القمح، ويجب الاتجاه إلى الأراضي الجديدة شمال الدلتا شرقًا وغرب الدلتا في الأراضي الصحراوية؛ حيث إن ذلك سوف يؤدي إلى زراعة ثلاثة ملايين فدان تضاف إلى المساحة المنزرعة بالوادي ليصبح إجمالي المساحة المنزرعة 6.1 ملايين فدان، ويتم الاعتماد فيها على المياه الجوفية في سيناء، ومياه الأمطار في الساحل الشمالي.

كما طالبت الدراسة بضرورة تقليل كمية البرسيم المزروعة في وادي النيل والدلتا إلى 20% وزراعة القمح بدلا منها، وذلك يؤدي إلى توفير المياه؛ لأن البرسيم يستهلك ثلاث أضعاف كمية المياه التي يحتاجها القمح في زراعته، بالإضافة إلى استخدام التبن الناتج عن القمح كعليقة للحيوانات وبذلك لا يتسبب تقليل زراعة البرسيم في أزمة للثروة الحيوانية.
الجريدة الرسمية