رئيس التحرير
عصام كامل

تحذيرات من اننتقال داعش إلى المنطقة.. تقرير للإقليمي للدراسات: نجاح التنظيم في العراق يشجع الحركات الجهادية في الدول العربية.. الكويت تدعو دول الخليج للعمل المشترك ضد انتقال داعش

 داعش- ارشيفية
داعش- ارشيفية

قال تقرير تحليلي إن المواجهات بین الحكومة العراقیة وتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام " داعش"، لم تعد تقتصر تأثیراتها على العراق، حیث بدأت عملیة "أقلمة" لهذه المواجهات، سواء فیما یتعلق باتساع نطاق نشاط التنظیم إلى خارج العراق وسوریا، أو فیما یتصل بمشاركة قوى من الإقلیم في العملیات العسكریة التي تنفذھا القوات العراقیة ضد "داعش"، إما من خلال التنسیق الأمني، أو عبر الدعم اللوجستي.


وأوضح التقرير الذي أصدرته وحدة العلاقات السياسية الإقليمية، بالمركز الإقليمي للدراسات، وجاء بعنوان أقلمة "داعش": التداعيات الإقليمية المحتملة للحرب على تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام"، أن هذه الأقلمة تظل تحكمها متغیرات متعددة.

وأشار التقرير إلى أنه ومنذ اندلاع المواجهات بین الحكومة العراقیة وتنظیم "داعش"، تشكل تیاران رئیسیان في إقلیم الشرق الأوسط، یعكسان بدرجات متفاوتة إدراك دول الإقلیم بأن تنظیم "داعش" یشكل خطرا على أمنها، باعتباره تنظیما إرهابیا یهدف إلى إقامة "إمارة" إسلامیة، ولكن تختلف مواقف هذه الدول حول آلیة أو وسائل مواجهة هذا التهديد.

و یضم التیار الأول، وفقا للتقرير الدول التي تتعامل بحذر مع الحرب على "داعش"، مثل دول الخلیج وتركیا، فرغم إدراك دول الخلیج لتهدید "داعش"، فإن ذلك لم ینعكس في سیاسات تدعم الحرب التي یشنها رئیس الوزراء العراقي نوري المالكي على هذا التنظیم، وفي المقابل، تتبنى هذه الدول سیاسات تهدف إلى مواجهة احتمال انتقال تداعیات هذه الحرب إلى خارج الحدود العراقیة، حیث دعت الكویت، على سبیل المثال، إلى تنسیق أمني بین دول مجلس التعاون للتحصن ضد تمدد "داعش" للدول الخلیجیة، لا سیما بعد نشر التنظیم خریطة لتصوره لما یسمى بـ"الدولة الإسلامیة"، والتي تضم الكویت إلى جانب لبنان والعراق والأردن وسوریا والأراضي الفلسطینیة.

أما التیار الثاني، فیضم الدول التي تدعم الحرب على "داعش" على غرار الأردن وإیران؛ حیث أعلنت الأردن، في ۲۳ یونیو ۲۰۱٤، حالة التأهب والجهوزیة الكاملة لمواجهة أي خطر یهدد أمنها، وذلك على خلفیة سیطرة "داعش" على الشریط الحدودي الذي یفصل العراق والأردن، واستیلاء التنظیم على معبر طریبیل.

كما حذر الملك عبدً الله الثاني من استمرار الأزمة الحالیة التي تشھدھا العراق، ومخاطر ذلك على العراق والمنطقة ككل، لا سیما أن الأردن ُیعد، وفقا لاتجاھات عدیدة، موطئ قدم للسلفیین الجهادیین وللعائدین من سوریا، فمنذ بدء الصراع في سوریا، تنقل الجهادیون بكثافة عبر الحدود بین البلدین، وبعد تزاید نشاط "داعش" في العراق قررت السلطات الأردنیة الإفراج عن أبو محمد المقدسي، منظر التیار السلفي الجهادي الأردني، للاستفادة من فتواه التي ندد فیها بالتنظیم، في محاولة، على ما یبدو، لضبط سلوك الجماعات السلفیة في الأردن.

وفیما یتعلق بإیران، يقول التقرير:" یبدو أن هناك تحولا في سیاساتھا تجاه العراق، باتجاه التدخل العسكري المعلن بهدف حمایة العتبات المقدسة، حیث أكد العمید مسعود جزائري، مساعد رئیس هیئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإیرانیة، في ۲۹ یونیو ۲۰۱٤، على أن طهران مستعدة لمساعدة العراق في قتال متشددین مسلحین، باستخدام نفس الأسالیب التي تستخدمها ضد مقاتلي المعارضة في سوریا".

ويرصد التقرير عدد من التداعیات التي من المتوقع أن تنتج عن تزاید نفوذ تنظیم "داعش" في العراق، یتمثل أولھا في "أقلمة" داعش، إذ إن نجاح نموذج "داعش" في العراق یمكن أن یدفع بعض التنظیمات الأخرى إلى محاولة تكراره في دول أخرى بالمنطقة، حیث أعلن "داعش" رسمیا تمدده إلى لبنان، متبنیا التفجیر الانتحاري الذي وقع في ۲٦ یونیو في منطقة الروشة بالعاصمة بیروت.

كما تشیر الأحداث المتسارعة في العراق، وتصریحات "داعش" الخاصة بالزحف نحو العتبات المقدسة في النجف وكربلاء، إلى إمكانیة مشاركة "حزب الله" اللبناني في القتال ھناك كما فعل في سوریا، وُیمثل تصریح الأمین العام حسن نصر الله الذي قال فیه أن الحزب "مستعد لتقدیم شهداء في العراق خمس مرات أكثر مما قدمناه في سوریا فداء للمقدسات لأنها أهم بكثیر"، دلالة بارزة على جهوزیة الحزب للانخراط في القتال في العراق.

ويوضح التقرير أن ثاني هذه التداعيات ینصرف إلى تعزیز النفوذ الإیراني في العراق، في مقابل انحسار النفوذ التركي، حیث تطرح إیران نفسها على أنها شریك "ممكن" للولایات المتحدة في الحرب على "داعش"، في حین لم تتخذ تركیا حتى الآن سیاسات واضحة ضد "داعش"، لا سیما في ظل نجاح أكراد العراق في توظیف المواجهات مع "داعش"، في تعزیز سیطرتهم ونفوذهم على الأرض، على نحو قد یمهد، وفق بعض التقدیرات، لقیام دولة كردیة في شمال العراق، قد تقلص من النفوذ التركي هناك، فضلا عن ضبابیة فرص نجاح "داعش" في توطید نفوذه في مناطق معینة في العراق على نحو یسمح بتأسیس دولة سنیة.

ویتعلق ثالثها باحتمال اكتساب الرؤیة الإیرانیة والسوریة التي تصور الصراع في سوریا على أنه حرب على الإرھاب، ولیس صراعا من أجل تغییر النظام السیاسي في دمشق، زخما خاصا، لا سیما في ظل كون "داعش" تنظیما ینشط في العراق وسوریا، وفي ضوء إعلانه في ۳۰ یونیو، إقامة الدولة الإسلامیة في العراق وسوریا، وتعیین أبو بكر البغدادي خلیفة لها، وھو ما قد یقلص من فرص المعارضة العراقیة السنیة في الضغط على حكومة نوري المالكي من أجل تعدیل أوضاع السنة في العراق.

ویبدو فقا للتقرير أن واشنطن لا تزال حذرة في تقدیم دعم غیر مشروط لحكومة المالكي في حربھا ضد "داعش"، قبل تبلور خریطة الجماعات المنخرطة في المواجھات المسلحة في العراق، نظرا لما لذلك من تداعیات على الصراع في سوریا، ولعل ھذا یفسر طلب الرئیس الأمریكي باراك أوباما من الكونجرس اعتماد ٥۰۰ ملیون دولار كـ"مساعدات من أجل تدریب المعارضین المسلحین السوریین المعتدلین"، وھو ما تزامن مع استیلاء قوات "داعش" على مدینة البوكمال السوریة الواقعة على الحدود العراقیة.

ويختتم التقرير بالقول بإمكانیة اكتساب الحرب على "داعش" طابعا إقلیمیا تظل مرتبطة بتحول "داعش" العراق إلى نموذج للجهادیین والمتطرفین في دول الإقلیم، وتوافر بیئة خصبة في ھذه الدول تسمح بنشأة "دواعش" محلیة، وبحجم التوافق الذي یمكن أن یتحقق بین القوى الرئیسیة في إقلیم الشرق الأوسط، ودرجة تقاطعه مع مواقف الولایات المتحدة، وھو التوافق الذي یحدد بصورة كبیرة اختلاف التصورات التي تتبناها ھذه الدول حول حجم المخاطر المترتبة على تزاید نشاط "داعش" في العراق، وفي الدول المجاورة له.
الجريدة الرسمية