رئيس التحرير
عصام كامل

هل سيصوّت المصريون للعبثية؟


يسعى الإخوان المسلمون فى خطابهم السياسى إلى التأكيد الدائم على مشروع تحديث مصر وعلى وإقامة دولة مدنية تقوم على مشروع نهضوى طائر بجناحين ورأس وقلب، حسب تعبير الرئيس، يضم كل طوائف الشعب المصرى.

غير أن الرئيس والجماعة نفسها فقدوا على ما يبدو الأسس التى يقوم عليها مشروع النهضة، فصار السلوك السياسى ضائعا وليس له معنى ولا يتفق مع مضمون الجماعة القائمة وفقاً لحزبها على الحرية والعدالة. وهم فى ذلك أقرب من العبثية منه إلى الإسلام.
والعبثية هنا ليست صفة وإنما مدرسة فكرية ترى أن أفكار الإنسان تصبح خالية من المضمون، وأن سلوكه فى الحياة المعاصرة يكون ليس له معنى نتيجة لفقدانه القدرة على رؤية الأشياء بحجمها الطبيعى، وبخاصة عندما أصبح الإنسان فى خدمة الإله.
والأدلة على عبثية الإخوان المسلمين وفيرة وآخرها استبعاد الدكتور ياسر على من مؤسسة الرئاسة ثم ترشيحه أو تعيينه رئيساً لمركز معلومات مجلس الوزراء.
وبغض النظر عن السبب الحقيقى لاستبعاد الدكتور ياسر على والذى لا يعرف الناس إن ,كان وراءه "خيرت الشاطر" أم "زواجه العرفى"، فإن تعيينه رئيساً لمركز معلومات مجلس الوزراء ليس من العدالة فى شىء.
فالدكتور ياسر على ليس من خبراء المعلومات، فهو طبيب أمراض جلدية وتعيينه فى مثل هذا المنصب "حاجة تشيّب"، كما قال الإعلامى محمود سعد. الطريقة التى تمت بها إقالة الدكتور خالد علم الدين مستشار الرئيس لشئون البيئة السابق صورة أخرى من صور العبثية، فإن كانت إقالته نتيجة لفساد ما فكان من الأوّلى إحالته للتحقيق، وإذا كانت الإقالة مقابل التعتيم والسكوت على أخطاء منه أو من فريقه فما الفرق بين نظام مبارك وبين سلوك الرئيس الحالى؟ كما أن إقالة الدكتور خالد علم الدين بهذا الشكل تتنافى مع قيم الإسلام الذى يدعو للتبين قبل الاتهام وإلى مواجهة من أخطأ بإخطائه قبل محاسبته. وتعيين الدكتور ياسر على وغيره من أعضاء الإخوان أو مريدى الجماعة فى مناصب استناداً إلى معيار "الانتماء الفكرى أو التأييد المعنوى" للجماعة هو ليس فقط دليلا على أخونة الدولة ولكن وهو الأخطر، دليل على أن الجماعة والرئيس فقدوا القدرة على رؤية الأشياء بحجمها الطبيعى فصارت قرارت الرئاسة ليس لها معنى. وأصبحت هذه القرارات تعصف بأى فكر عادل للإخوان المسلمين، فأصبحت مصر كما يراها معظم المصريين حالياً دولة لا تستند إلى معايير الكفاءة ولا إلى الشفافية والمصارحة بل إلى خطابات الرئيس الممتلئة بالتصنت والتلصص والمؤامرات التى لم يقدم لنائبه العام الجديد أدلة عنها.
لن يستطيع الإخوان المسلمون أو مؤيدوهم أن يروا كل العبثية التى تشوب تصرفات الرئيس ومن خلفه الجماعة، فمن يقف داخل الصورة لا يستطيع أن يراها من الخارج أو لأن "إله" الجماعة تسيطر على تفكيرهم.. عندها يتوقف التفكير عند حدود الطاعة فيصبح الخطأ عزة والإثم نصرة.
يتباهى الإخوان المسلمون بقدرتهم على حصد نتائج الانتخابات القادمة ويراهنون على صندوق الانتخابات، فهل سيصوت المصريون فى الانتخابات القادمة للعبثية؟ أم سيكون صندوق الانتخابات مرآة تساعد الشعب المصرى على التخلص من هذا الانفلات الإخوانى، وتساعده على التجديد والفهم لما يحدث فيصل لتركيبة برلمانية تشمل جميع الأطياف السياسية بما فى ذلك الإخوان المسلمين الذى يسعون منذ فترة طويلة "للمغالبة" والإقصاء وليس "للمشاركة"، والدليل.. "قالوا له" التى جاءت من حزب النور.. حليف الأمس.
الجريدة الرسمية