مستشار الرئيس والحقيقة الكارثية
ليست الأزمة فى إقالة الدكتور خالد علم الدين من منصب مستشار رئيس الجمهورية فى ظروف غامضة وأسباب وأقاويل مختلفة، ولكنه فى النهاية صراع سياسى بين جماعة الإخوان المسلمين وحزب النور بعد الصعود المتنامى للخلاف بين الطرفين ومبادرة الحزب الأخيرة وتوافقها مع جبهة الإنقاذ وتصاعد حدة الانتقادات ضد أخونة الدولة من جانب التيار السلفى.
ولكن الأزمة الحقيقية والكارثة التى لابد من الوقوف عندها ودراستها بكل قوة هى هيئة مستشارى الرئيس ودورهم وعملهم بعد تصريحات علم الدين حول منصبه وتعامله مع مؤسسة الرئاسة والعلاقة بين المستشارين والوزارات ودورهم فى الفترة الماضية، وهل هم مشاركون فعلاً فى قيادة مصر أم كما قلنا تكرارًا هم مجرد ديكور سياسى من أجل تجميل وجه الرئاسة، والكل يعلم أن الرئاسة تدار من المقطم عبر مكتب الإرشاد، ولكننا أمام عدة قضايا هامة لابد من دراستها من أجل مستقبل مصر، فالصراع بين الطرفين سيحل فى وقت قريب فى إطار سياسة الصفقات التى تجيدها جماعة الإخوان المسلمين .
القضية الأهم هى اعتراف علم الدين أن هيئة المستشارين بلا عمل حقيقى ولا يوجد تنسيق بينهم وبين الرئاسة، وإن قام أحدهم بعمل شىء واقعى أو دراسة أو زيارة ميدانية لا يتم تنفيذها ويتم تعنيفهم بشدة دوركم استشارى، والسؤال هنا الرئاسة اختارتهم لا نعرف كيف، ولكن هم مستشارو الرئيس فعليًا ويجب أن يشاركوه فى اتخاذ القرارات، ولكن هذا لايحدث والأهم أنهم بلا مكاتب وسكرتارية، ورواتبهم غير منتظمة ونصائحهم للوزراء والمسئولين لا تُنفذ، وعلم الدين قال بنفسه قدمت ملفات فساد فى عدة وزارات ولم يحدث شىء، وقدمت دراسات بيئية مختلفة ودعوت لمؤتمرات لتنمية الاستثمار وتم تجميدها إذن نحن أمام حقيقة واضحة، الرئاسة لا تعتمد عليهم ولديها جهة أخرى تقدم لها التقارير والدراسات، ولكم أن تعرفوا أنه حتى الآن نصف مستشارى الرئيس قدموا استقالاتهم..فلماذا يكذب الرئيس؟
علم الدين فجّر عدة قضايا بعد إقالته، منها حالة الغموض التى تسود مؤسسة الرئاسة فلا أحد يعلم كيف تُتخذ القرارات دون مستشارية ولا أحد يعلم أين مخصصات الرئاسة إذا كان مستشاروه بلا خدمات ولا مساعدين ولا أى وسائل مساعدة لتحقيق أعمالهم، والأهم من ذلك أن الرئيس لا يُقابل مستشاريه، فالرجل طلب مقابلة الرئيس منذ ثلاثة أشهر، ولم يتم الرد عليه، والسؤال هنا: أين الرئيس وهل لا يعرف ما يدور داخل مؤسسة الرئاسة؟ وتدلل بكل قوة على أن الرئيس هو مندوب الجماعة فى الرئاسة وأن مصر تدار من مكتب الإرشاد.
القضية الهامة الأخرى هى سقوط الأقنعة فى مؤسسة الرئاسة وحالة التخبط الواضحة، فخبر إقالة علم الدين ظهر للرأى العام عبر عدة تصريحات لمستشار الرئيس القانونى والمتحدث الرسمى وغيرهم ورواياتهم مختلفة، والأهم من ذلك هل يُقال مستشار للرئيس دون علمه والتشاور معه؟.. فهل لا يعلم الرئيس بذلك أم أن التيار السلفى يُعاقب بكل قوة لمعارضته سياسات أخونة الدولة؟.
مصر فى خطر فكل يوم تتساقط الأقنعة عن مؤسسة الرئاسة التى تدير مصر بغموض، وتتجاهل مطالب القوى السياسية وتمارس العناد السياسى، وتعتقد أن جماعتها وحزبها وتشويهها للمعارضة سيجعلها تجلس على عرش مصر.
DREEMSTARS@GMAIL.COM