رئيس التحرير
عصام كامل

القضاة شرارة ثورة 30 يونيو.. عام من الصدام والأزمات مع مرسي.. المعزول حصن قراراته وعزل النائب العام.. ضرب بقرارات "الدستورية" عرض الحائط.. ومظاهرة تطهير القضاء كتبت نهاية الإخوان

 ثورة 30 يونيو -صورة
ثورة 30 يونيو -صورة أرشيفية

رغم تعهد الرئيس المعزول محمد مرسي بعد فوزه بمنصب رئيس الجمهورية في الانتخابات الرئاسية عام 2012 بأن يحفظ سيادة القانون ويضمن للقضاء استقلاله عن السلطة التنفيذية، إلا أنه دخل في سلسلة من الصدامات والأزمات مع القضاة خلال فترة حكمه، مما دفع القضاة لشن الحرب عليه، وكان القضاة هم الشرارة الأولى لثورة 30 يونيو. 


كانت أول هذه الأزمات إصدار الرئيس المعزول في 8 يوليو 2012 قرارًا جمهوريا رقم 11 لسنة 2012 بإلغاء قرار المشير محمد حسين طنطاوي بحل مجلس الشعب، إثر حكم للدستورية العليا ببطلان قانون الثلث المخصص للمقاعد الفردية لمجلس الشعب، وعدم دستورية قانون العزل السياسي.

ودعا مرسي مجلس الشعب المنتخب للعودة للانعقاد بدءا من 15 يوليو 2012 لممارسة اختصاصاته المنصوص عليها في المادة 37 من الإعلان الدستوري، كما دعا إلى انتخابات مبكرة للمجلس خلال 60 يومًا من تاريخ موافقة الشعب على الدستور الجديد، لتصدر المحكمة الدستورية حكمًا بوقف قرار مرسي.

وفي أكتوبر 2012 قرر الرئيس المعزول محمد مرسي توسيع صلاحياته بشكل كبير خصوصا في مجال القضاء مبررا ذلك بـ"الدفاع عن الثورة"، إلا أن المعارضة نددت بهذه القرارات واتهمت مرسي بأنه "نصب نفسه الحاكم بأمر الله"، وأصدر بعدها قرارا يقضي بإقالة النائب العام عبد المجيد محمود وتعيينه سفيرا لمصر بدولة الفاتيكان.

بعدها أصدر الرئيس مرسي قرارا بتعيين نائب عام جديد هو المستشار طلعت إبراهيم خلفًا للمستشار عبد المجيد محمود، الذي أقاله من منصبه بعد 6 سنوات من تعيينه في عهد الرئيس الأسبق وهو ما تسبب في موجة من الغضب لنادي القضاة بمصر وأعضاء النيابة العامة، ودفع النائب العام الجديد للاستقالة ثم العدول عنها، لتقضي محكمة استئناف القاهرة بإلغاء قرار رئيس الجمهورية الصادر في 21 نوفمبر 2012 بعزل النائب العام السابق المستشار عبد المجيد محمود وعودته إلى منصبه.

وفي 23 نوفمبر 2012 أصدر الرئيس المعزول إعلانا دستوريا حصن به قراراته والإعلانات الدستورية الصادرة عن الرئاسة من الطعن عليها أمام القضاء واعتبرها واجبة التنفيذ، وتضمن الإعلان إعطاء الحق للرئيس في إصدار التشريعات وإقرار السياسية العامة للدولة والموازنة العامة ومراقبة تنفيذها، وتضمن الإعلان الدستوري إقالة النائب العام، ونص على أن الرئيس يعين النائب العام من بين أعضاء السلطة القضائية لمدة أربع سنوات تبدأ من تاريخ شغل المنصب وألا يقل سنه عن 40 سنة، ويسري هذا النص على من يشغل المنصب الحالي بأثر فوري، فضلا عن منع القضاء من نظر دعوتي حل مجلس الشورى والجمعية التأسيسية لوضع الدستور.

وتسبب الإعلان الدستوري في إثارة احتجاجات قوية للمعارضة وتفاقم الخلاف بين الرئيس محمد مرسي وجهات قضائية والنيابة العامة التي أعلنت تعليق العمل ببعض المحاكم والنيابات، فضلًا عن أعمال عنف شملت حرق مقرات جماعة الإخوان وحزبها الحرية والعدالة في مدن: الزقازيق والإسكندرية والمحلة الكبرى ليتم إلغاء إعلان نوفمبر في 8 ديسمبر 2012.

وفي ديسمبر 2012 تم حصار المحكمة الدستورية العليا 18 يوما لمنع القضاة من نظر الطعن المقدم من مواطنين ضد تشكيل الجمعية التأسيسية، وكذلك الطعن المقدم لذات المحكمة ضد إصدار المحكمة حكما يقضي بحل مجلس الشورى، أسوة بحكم حل مجلس الشعب بالإضافة إلى الدعاوى التي طالبت ببطلان الاستفتاء على الدستور.
مما دفع المحكمة الدستورية العليا إعلان تعليق العمل في جميع القضايا المنظورة أمامها بعد حصارها ومنع قضاتها من دخول مقر المحكمة من قبل أعضاء جماعة الإخوان المسلمين وحلفائهم.

واستمرارا لحالة الصدام بين السلطة التنفيذية والسلطة القضائية، وبعد إقرار الدستور قام الرئيس مرسي بإعادة تشكيل المحكمة الدستورية العليا وفقًا للمواد 176 و232 واستبعاد 7 من مستشاري المحكمة على رأسهم المستشارة تهاني الجبالي والمستشار حاتم بجاتو.

ولم يقف الأمر عند استبعاد أعضاء من المحكمة الدستورية العليا بل امتد لتقليص اختصاصاتها بجعل رقابتها سابقة على القوانين المتعلقة بالانتخابات وعدم السماح بالرقابة اللاحقة في حالة عدم إعمال رأيها ونزع اختصاصها المتعلق بنظر منازعات التنفيذ المترتبة على أحكامها.

وشكلت دعوة الرئيس مرسي لعقد الانتخابات البرلمانية فصلًا في الأزمات مع القضاء وسط حالة من الاستقطاب السياسي والمجتمعي، وذلك بعدما قضت محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة بوقف تنفيذ قرار الرئيس محمد مرسي ببدء إجراء الانتخابات البرلمانية، وذلك لعدم عرض قانوني الانتخابات البرلمانية ومباشرة الحقوق السياسية على المحكمة الدستورية العليا قبل إحالتهما للرئيس وعودة الدعاوى مرة أخرى للمحكمة الدستورية العليا لبيان مدى دستوريته.

وكانت الأزمة الأخيرة بعدما دعت جماعة الإخوان إلى تظاهرة أمام مقر دار القضاء العالي للمطالبة بـ''تطهير القضاء''، الذي أصدر عدة أحكام ضد قرارات الرئيس مرسي منذ توليه الحكم ومنها الحكم الذي صدر بعودة النائب العام السابق عبد المجيد محمود إلى منصبه.

وجاءت هذه التظاهرات في الوقت الذي يناقش فيه مجلس الشورى مشروع قانون جديد للسلطة القضائية المقدم من أحد قيادات حزب الوسط، والذي بموجبه سيتم خفض سن تقاعد القضاة من 70 عاما إلى 60 عاما، والمساواة المالية بين القضاء، وإلغاء ندب القضاة، وطريقة تعيين النائب العام الأمر الذي أثار الغضب داخل الأوساط القضائية وتوقع البعض حدوث مذبحة جديدة للقضاة.

وكان لنادي القضاة برئاسة المستشار أحمد الزند دور كبير في صد الهجمات عن القضاء المصري؛ حيث تقدم ببلاغات إلى المحكمة الجنائية الدولية ضد المحرضين والدعاة للتظاهرات ومحاصرة المحاكم ومنازل القضاة وتهديدهم؛ حيث أكد نادي القضاة أن ما كان يحدث هو مستهدف ومخطط له من أجل تدمير القضاء المصري، كما رفض النادي رفضا تاما قانون السلطة القضائية الجديد الذي كان يعده الإخوان واعتبروا الموافقه عليه هدم للمحكمة الدستورية العليا وأسس دولة القانون.

وأكد النادي أن عصر الرئيس المعزول شهد صور الاعتداء على القضاء وإهانة السلطة القضائية واتهام القضاة بالفساد ورفض الرئيس تنفيذ أحكام القضاء والالتفاف عليها، كما انتهك مرسي القانون عندما عين عبد الهادي القصبي - شيخ مشايخ الطرق الصوفية - بمجلس الشورى من ضمن 90 عضوا، وأصدر مرسي قرارا بتعيينهم، وهو ما يعد مخالفا لنص المادة 232 من الدستور التي تمنع عددا من أعضاء الحزب الوطني من ممارسة حقوقهم السياسية لمدة عشر سنوات، والمفارقة أن عبد الهادي كان عضوا في الوطني المنحل.
الجريدة الرسمية