الجريمة في العراق والمجرم في واشنطن !
صرخ جندي أمريكي بكل ما فيه من مرارة وغضب، مهاجما الرئيس الأمريكي، "إنني لم أفقد ذراعي في العراق، لكي نفقد العراق"، والحق أن داعش، الفرع الأبشع تطرفا من تنظيم القاعدة الأم، قد أتاحت فتح النار من كل اتجاه صوب إدارة أوباما، والتي اتخذت موقفا حذرا مترددا، بل قطعت بأنها لن ترسل قوات برية، تخوض معارك بالنيابة عن نور المالكي الشيعي.. ألقي أوباما باللوم على الأخير لانتهاجه سياسة تشييع الدولة، لم يفعلها مع مرسي حين أخذ في أخونة الدولة المصرية، واعتبره المسئول عن هروب الجيش الطائفي أمام ثمانمائة إرهابي، مزودين بالحقد والغل وروح الانتقام !
موقف أوباما من التخلي عن العراق، هو آخر تجليات الإعاقة العقلية فيه، حتى ليمكن القول إن الرئيس الأمريكي الحالي هو شخصية تميل إلى النكوص والفرار.. حين أعلن عن مقتل بن لادن، تمادي وقال لقد أهلكت القاعدة، ولما انسحب من العراق، باتفاق أمني هزيل، داهمه وجود القاعدة بقناع داعش الأسود.
سياسة الاستندال التي ينتهجها أوباما، واسمها السياسي التخلي عن الحلفاء والشركاء بعد توريطهم، ليست وليدة اليوم في العراق، فهو رجل يندفع ليتراجع، وفعلها في سوريا، حين حشد القوات وأمهل الأسد، وقرر الحرب، ثم تراجع، وكان للدور الروسي بالقطع أثر بالغ في مساعدة أوباما على حفظ ماء الوجه، لأنه لم يكن جادا، بل استعمل جين التهويش الأفريقي في تكوينه الجيني!
تكرر نكوص الرجل مرة أخرى، في اختبار لي ذراع قاس قاصم، في أزمة أوكرانيا.. لقد احتل الجيش الروسي جزيرة القرم، وأعلن ضمها إلى الاتحاد الروسي، بينما اكتفي أوباما بتصريحات بالية مضحكة عن عقوبات مالية واقتصادية، وراح الناتو يتحرش بنفسه في مكانه، ولم يتزحزح بوتين أنملة، بل فتح على كييف منطقة قتال وانفصال جديدة، ولم يتزحزح أوباما عن تردده ونكوصه الاستراتيجي بوصة أو بعض بوصة !
نحن إذن أمام إدارة تستتر وراء أعمال مخابراتية قذرة من النوع الذي تمارسه في مصر منذ العام ٢٠٠٥ حتي ٢٥ يناير وما بعده، وهي إدارة لا تقوي على المواجهة الدولية، لأنها تعلم أن الساحة لم تعد قصرا عليها، فالقيصر الروسي، آلمه الدفن المهين لإمبراطورية كبري في حرب باردة، أشبه بالربيع الأمريكي المسمي بالربيع العربي..
ليس المالكي وحده المسئول عن انتصارات الإرهاب، ولا أوباما، بل جورج بوش وعصابة المحافظين الجدد الإرهابية، وهذه النقطة بالذات هي موضع جدال واسع النطاق في دوائر الإعلام والقرار الأمريكية، والسؤال الحائر هناك: متي يمكن محاكمة بوش ورجاله بتهمة قتل ٤٥٠٠ جندي أمريكي، ونصف مليون إنسان عراقي، وتدمير اقتصاد أغني دولة في العالم، من أجل أكذوبة اسمها حيازة أسلحة دمار شامل، وقبلها، أكذوبة نذهب إلى الحرب لضرب القاعدة المتحالفة مع صدام في تفجيرات ١١سبتمبر ؟ !
هل يصحو الضمير الأمريكي ؟
لن يصحو لأنها حضارة تموت، بينما تولد حضارة في الشرق، ربما تكون أكثر إنسانية.. كان الشرق دوما إنسانا !