واجهوا الإرهاب بالتعليم!
رحمة الله على شهداء الوطن، ولعنة الله على الإرهاب الأسود، واللهم نصرك لأهل مصر حكومة وشعبا...
أعطونا تعليما حقيقيا، تجدون جبهة داخلية قوية تحارب الإرهاب، أما التعليم المليء بالمشكلات، سيكرس لثقافة العنف، واختلال الشعور الوطني، عندما يلتحق بكلية الطب أو الصيدلة أو الهندسة أو غيرها، من يعتمد على زيادة مجموعه «بالغش»؛ فلا تندهشوا إن انضم لجماعات متشددة، فببساطة ليس هذا مكانه وليس عقله يناسب ما يتلقاه، فطبيعي أن يُملأ هذا العقل بأي شيء.
التعليم أمن قومي بامتياز، التعليم قاطرة أي بلد ترغب في التقدم، التعليم مفتاح الحياة، وإني لأتعجب أن هذا الملف الهام، لم يجد بعد من الخطاب الإعلامي، أو حتى من اهتمامات الدولة ما يجعل طاقات المجتمع وقدراته موجهة ومسخرة له.
إصلاح التعليم يبدأ بحملة شعبية قومية إعلامية تُعَرِّف بأهميته وبضرورة تكاتف الجميع – معلمين وأولياء أمور ومسئولين وإعلاما –لإيجاد حالة تعليمية تستثير لدى المصريين الرغبة في المعرفة والعلم والسلوك الحضاري، وإني لأتعجب رغم كمية حركات المعلمين التي تبحث عن إصلاح حال المعلمين، كيف لا توجد منهم حركة واحدة قوية قادرة على التأثير في الرأي العام المصري لتبصره بأهمية التعليم كحالة وموقف وقاطرة للمستقبل! ليبقى الطرح الإعلامي تقليدي يتعرض لسلبيات وإيجابيات، ثم يبقى الوضع على ما هو عليه، وعلى المتضرر اللجوء للدروس الخصوصية، وللمدارس الخصوصية أيضا.
لقد وصل الأمر بطلاب الثانوية العامة أن ينظروا للغش على أنه حق لهم؟ وهناك قوانين كثيرة تحتاج لإعادة النظر والتدقيق، بدءا من «ناجح بأمر القانون» بالمرحلة الابتدائية، مرورا بضعف الرقابة على امتحانات المستويات الأولى، انتهاء بمنظومة مناهج الثانوية العامة التي تكرس للحفظ ثم الحفظ ثم الحفظ، وإن جاء سؤال واحد فقط يستثير الذهن ويبحث عن أفق التفكير فالنتيجة الطبيعية هي اللطم والعويل والبكاء، ثم تحت الضغط الإعلامي توزيع درجات السؤال.
إنه أيضا عنف ألا نؤمن بأحقية أن يكون هناك فرز للطلاب على أساس المعرفة والعلم والموهبة من خلال امتحانات الثانوية العامة – وإن كنت لا أنكر ضرورة تعديل شامل لمنظومة الثانوية، بل ربما منظومة التعليم أجمع -، فإنه لعنف أن يسع ولي الأمر ويكرس في ابنه ضرورة الغش حتى لو بالإكراه، ولو بقطع الأصابع، إنه لعنف أن تكون المناهج وأساليب الامتحانات والكتب المدرسية تجبر الطالب على أن يستعين بكتاب خارجي.
إني مندهش من عدم إدراك كيف ترتبط الأمور بعضها ببعض، فمدرسة لا تمارس أنشطة رياضية وفنية وتعليمية لن تحث على التعلم التعاوني، وستؤدي لمجتمع لا يقبل بعضه البعض ويتعالى بعضهم على البعض، كذلك الحال عندما يُنْظَر لمادة دراسية على أنها أهم من أخرى، أو مدرس على أنه أهم من آخر، فإن الأمر الطبيعي أن يوجد ذلك حالة انغلاق أفق وانسداد عقلي في الحوار.
إذا كان قدر الحكومة ألا يكون هناك ظهير شعبي مساند للتعليم كمشروع وقاطرة مستقبل كما في الدول الأخرى، فإن عليها أن توجد الشرارة الأولى لهذا التيار، أن توفر حتى لو كيان رسمي أولى يدعم ويوجه الرأي العام وطاقات المجتمع ناحية أهمية العلم والتعليم، أن تجعل كل ولي أمر مشغولا بما اكتسبه ابنه من علم ومعرفة وسلوك قويم، وليس فقط بما حققه من مجموع دراسي، يجب أن يكون ذلك من الأولويات المهمة في المرحلة الحالية، يجب إعادة صياغة العلاقة بين المجتمع والعلم والتعليم، وتزويد الأهالي بكيفية متابعة أبنائهم وتنشئتهم تنشئة صحيحة، هل من مستجيب؟