رئيس التحرير
عصام كامل

الإمام أحمد الطيب.. وصف مطالب ثوار يناير بـ"العادلة" رغم عضويته بالحزب الوطني.. تظاهرات الإخوان فشلت في إقالة شيخ الأزهر.. ساهم في إنهاء الانقسام الوطني أثناء حكم المعزول

الدكتور أحمد الطيب
الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر

على الرغم من قصر مدة الشيخ أحمد الطيب في منصبه كشيخ للأزهر الشريف، والتي لم تتجاوز 4 أعوام، فإن مواقفه في هذه الفترة جعلته - وبحق - أحد رموز مصر البارزين بعد الثورة، فقد وقف كحائط صد أمام النظام الإخواني الذي مثله الرئيس السابق محمد مرسي، وكان "الطيب" أهم الشخصيات التي تصدت لأخونة مؤسسة الأزهر.


وعرف عن "الطيب" رؤيته المعتدلة للإسلام، وثقافته التي تقوم على الوسطية، ومحاربة الرؤية المتشددة للدين، ونبذه ثقافة العنف والترهيب، وقد ظهر ذلك جليًا من خلال مواقفه ودعواته المـتكررة لنبذ الفرقة، والاحتكام إلى العقل، والحفاظ على هوية المجتمع وتماسكه، وهي كلها صفات ومواقف كانت سببًا كافيًا لأن يكون أحد الخصوم غير المعلنين لجماعة الإخوان المسلمين.

وقد ولد الشيخ أحمد الطيب بـ"المراشدة" في قنا، لأسرة ينتهي نسبها إلى الإمام على بن أبي طالب "كرَّم الله وجهه"، وقد التحق "الطيب" بجامعة الأزهر، وحصل منها على شهادة الليسانس في العقيدة والفلسفة عام 1969، ثم شهادة الماجستير عام 1971، والدكتوراه عام 1977 في نفس التخصص.

وقد تقلد "الطيب" في حياته العديد من المناصب، منها أنه عُيّن عميدًا لكلية أصول الدين بالجامعة الإسلامية العالمية بباكستان، ورئيسًا لجامعة الأزهر حتى سبتمبر 2003، ثم مفتيًا للديار المصرية، وشيخًا للأزهر منذ مارس 2010 بقرار من الرئيس الأسبق حسني مبارك، خلفًا للراحل محمد سيد طنطاوي.

وقد كان "الطيب" عضوًا بأمانة السياسات بالحزب الوطني، وهو المنصب الذي سبب له العديد من الانتقادات بعد سقوط نظام مبارك، على الرغم من أنه استقال من المنصب بعد تعيينه شيخًا للأزهر، ثم إطلاقه تصريحه الشهير: "إن مؤسسة الأزهر لا تحمل أجندة الحكومة على ‏عاتقها، ولكن الأزهر لا ينبغي أن يكون ضد الحكومة، لأنه جزء من الدولة، وليس مطلوبًا منه أن يبارك كل ما تقوم به الحكومة".

وحينما خرج المتظاهرون لإسقاط نظام الرئيس مبارك في 25 يناير 2011، أصدر الطيب بيانًا يوم 29 يناير وصف فيه مطالب المتظاهرين بـ"العادلة"، ولكنه حذر من الفوضى، ومناشدًا الجماهير الالتزام بالهدوء، كما أعرب عن أسفه الشديد لاشتباكات "موقعة الجمل"، مشددًا على ضرورة التوقف فورًا عن العصبية الغاشمة، وكرر دعوته للشباب المتظاهر بالتحاور.

كما كان له بادرة في رد كل المبالغ المالية التي تقاضاها كراتب نظير عمله منذ توليه تحمل مسئولية مشيخة الأزهر، مطالبًا بالعمل دون أجر دعما للاقتصاد المصري الذي كان يمر بأزمة شديدة عقب ثورة يناير.

وبعد تولي الرئيس السابق محمد مرسي مقاليد الحكم استهدف الطيب سياسيًا بشكل ممنهج، بهدف تشويه سمعته واستبداله بأحد رموز جماعة الإخوان المسلمين، باعتبار أن الأزهر هو المقصد الأساسي للسيطرة على مشاعر المصريين، وقد ظهر ذلك عقب حادث تسمم ما يقرب من 200 طالب بجامعة الأزهر، الذي كان سببًا في مطالب مباشرة بإقالته، ونظم "الإخوان المسلمون" التظاهرات التي تدعو لإقالته، وقد ظهر فيها رموز الجماعة، خاصة أن الحادث جاء أثناء زيارة "الطيب" للإمارات، للتوسط من أجل الإفراج عن المصريين المحبوسين على ذمم قضايا بأمر أميرى، وهو التوسط الذي أدى إلى الإفراج عنهم، تكريمًا وإجلالًا لزيارة الإمام الأكبر شيخ شيوخ المسلمين السنة للإمارات، وهو ما عجز عن تحقيقه وفد الحكومة وجماعة الإخوان التي سبقته إلى الإمارات وفشلت في مهمتها.

كما كان للطيب دور مهم في محاولات إنهاء الانقسام الوطني الذي ساد بين القوى السياسية أثناء حكم مرسي، فقد أصدر "وثيقة الأزهر"، التي أنهت حالة من الخلاف الشديد التي كانت دائرة بين السلفيين والحركات النسائية بسبب مناقشات مجلس الشورى، وهي الوثيقة التي لاقت ترحيبًا شديدا بين أوساط السياسيين والمهتمين بالشأن النسائي.

ومؤخرًا كان للطيب دور مهم أيضًا في نجاح ثورة 30 يونيو التي أطاحت بالرئيس مرسي، وقد ظهر الطيب مع عدد من الرموز السياسية والقبطية كالبابا تواضروس أثناء إلقاء بيان القوات المسلحة الذي أعلن عزل مرسي، بما يؤكد موافقة الأزهر على عزل مرسي، وتأييده الثورة الجديدة، والانحياز لمطالب الشعب.
الجريدة الرسمية