رئيس التحرير
عصام كامل

سيولة مصر التى ضاعت


يرى عدد من الاقتصاديين أن السبب الأساسى فى هشاشة النظام المالى المصرى، يعود إلى تدنى أو اختفاء السيولة من النقد الأجنبى الناتج عن تبنى سياسات التحرير المالى من قبل النظام السابق، التى تسهل خروج النقد الأجنبى بشكل سريع فى حالة حدوث أى مخاوف فى السوق، أما فى الوقت الحالى فقد تهاوى أداء النظام المالى بسبب سوء إدارة الاقتصاد المصرى خلال الثورة وما شابها من اضطرابات سياسية، والتى تسببت فى إنفاق البنك المركزى حوالى 21 مليار دولار من احتياطيه لمواجهة الأوضاع الاقتصادية السيئة التى شهدتها البلاد منذ اندلاع ثورة 25 يناير 2011.

لكن القضية ليست قضية آجال استحقاق الأصول والخصوم الأجنبية فقط، بل أكثر تحديدا يقتصر مفهوم شح السيولة من النقد الأجنبى لأى نظام مالى حينما تفوق التزاماته قصيرة المدة بالعملة الأجنبية ما فى حوزته أو ما يمكن أن يحصل عليه من عملة أجنبية فى المدى القصير، فإذا عجزت أصوله المقومة بالعملة الأجنبية قصيرة الأجل أو بمعنى أدق أصوله السائلة بالعملة الأجنبية عن تغطية خصومه والتزاماته قصيرة المدى المقومة بالعملة الأجنبية، فإن النظام المالى يفقد سيولته الدولية ويصبح عاجزا عن الاستجابة والتصدى لأى صدمة خارجية يترتب عليه النزوح من العملة الوطنية.
ويثور الخلاف حول ما يمكن أن يندرج تحت تعريف الأصول السائلة بالعملة الأجنبية، ولكن جرى الاتفاق على أن أقرب المؤشرات للتعبير عن الأصول السائلة بالعملة الأجنبية هو رصيد الاحتياطى الرسمى من العملات الأجنبية لدى السلطات النقدية الذى انخفض إلى المناطق الحرجة، أما الخصوم الدولية فى المدى القصير للنظام المالى فإنها تتضمن رصيد المديونية الأجنبية قصيرة الأجل والودائع تحت الطلب المقومة بالعملات الأجنبية، والفرق بين الاثنين هو أن الأولى تمثل التزامات تجاه الأجانب فى حين أن الثانية تمثل التزامات تجاه المقيمين المحليين.
ولا شك أن فقدان النظام المالى لسيولته الدولية يخلق أزمة ثقة ويدفع إلى سيادة الذعر المالى، ومن العوامل التى تساعد على تدنى وانخفاض السيولة لدولية للنظام المالى برامج سياسات التحرير المالى قبل الأزمة وزيادة الالتزامات الدولية قصيرة الأجل بمعدلات متسارعة وزيادة المديونية المقومة بالعملات الأجنبية، وثمة مشكلة منفصلة تتعلق بالسيولة أو الحصول على المال النقدى الكافى عند الحاجة وعادة يحدث نقص السيولة بسبب عامل من عاملين مترابطين..
العامل الأول: يتعلق بالتوقف المفاجئ لتدفق رءوس الأموال، ما يعنى أن الشركات التى ما زالت تعتمد على تدفق رءوس الأموال الأجنبية تجد الآن من الصعب عليها إعادة تمويل ديونها.
أما العامل الثانى: فيتعلق بالمصرف المركزى الذى إذ يحاول الدفاع عن ربط العملة بعملة أخرى يمتص السيولة المحلية، وبإقدامه على هذه الخطوة يتسبب البنك المركزى فى تراجع قطاعات فعلية فى الاقتصادى بل وفى انهيار بعض المصارف، ولكن تجدر الإشارة إلى أنه ليس بالضرورة أن يؤدى خفض قيمة العملات فى جميع الحالات إلى نشوب أزمات مالية أكبر.
الجريدة الرسمية