زيادة الجمارك بين الحماية والاقتصادية والقواعد الدولية
فيما يبدو أننا تعودنا على أن نتصرف فى اللحظات الأخيرة، أو أننا قد أدمنا اللعب فى الوقت الضائع وكلنا أمل فى أن نحرز الفوز.. وإن كان ذلك يبدو مقبولاً فى مباريات كرة القدم فإنه لا يبدو كذلك فى لعبة الأمم Nations game التى لها قواعدها التى للأسف لم نتعلمها أو نحاول تعلمها..
ونحن نعلم أن الاقتصاد والسياسة وجهان لعملة واحدة، وأن الدول ذات الاقتصاديات القوية أو المسيطرة Dominant يمكن لها أن تحكم وتسود ويكون لها رؤية وقرارا نافذا فى العلاقات الدولية وأن تكون مستقلة فى قراراتها والعكس صحيح، أى أن الدول ذات الاقتصاديات التابعة أو غير المستقلة وهى معظم الدول النامية ومنها بالقطع مصر.. والتى قد حدد علماء الاقتصاد عدة خصائص لاقتصادها هى بالقطع عيوب وليست مزايا وهى أنها ترتبط باقتصاديات الدول المسيطرة وأن أية هزة فى اقتصاديات هذه الدول لابد وأن تؤثر فيها كما رأينا فى الأزمة الاقتصادية العالمية..
وكلنا يعلم مدى التأثير السلبى لظاهرة إغراق الأسواق بالسلع الأجنبية وكيف أنها تؤدى إلى نوع من التسريب للدخل القومى واستنزاف للاقتصاد الوطنى وموارده من خلال تحويل العملات الأجنبية للدول الأم المصدرة، وهو ما يمثل نزيفا للعملات الأجنبية التى تعد ضرورية للاستثمارات الداخلية أى لشراء السلع الرأسمالية (الآلات والمعدات) اللازمة لقيام القاعدة الصناعية فى أية دولة مثل دولتنا وبذلك يمكن أن نعرج فى مدارات تحقيق التنمية الاقتصادية "الحكم" الذى نسعى إليه..
وأن اتفاقية الجات كما نعلم ليست وليدة العشرة أو العشرين عاماً الماضية ولكنها قد بدأت أو وضعت فى أعقاب الحرب العالمية الثانية مع ما يعرف بنظام بروتون ودز والذى هدفت منه الدول الغربية إلى تحقيق الهيمنة الاقتصادية على العالم وإعادة بناء أوربا لذلك فقد تم إنشاء صندوق النقد الدولى وأيضاً الموافقة على اتفاقية الجات ولكن لم تكن الظروف الدولية من وقتذاك مهيأة لتنفيذها، لذلك أرجأت إلى أن بدأت الولايات المتحدة فى الهيمنة على النظام الاقتصادى العالمى وكان لابد من تحقيق الهيمنة الاقتصادية وقد كان ذلك من خلال البدء فى تطبيق اتفاقية الجات "تحرير التجارة العالمية" وإزالة الحواجز الجمركية وذلك لكى ما تدور هذه الدول فى دائرة أو فلك النظام الاقتصادى العالمى الرأسمالى..
فالدول التى تصدر لمصر يمكن لها أن تعترض على ذلك وأن يتم رفع قضايا دولية وفقاً لاتفاقية الجات وذلك لحرمانها من التمتع بنفوذها والاستفادة منها وتعود علينا بالتعويض كما أننا أيضاً لن نصبح سوق جاذبة لهذه الدول لأننا نعانى من ركود اقتصادى بل أيضاً مع تراجع القوة الشرائية وزيادة العجز.