الحسيني أبوضيف صاحب أول «مسمار في نعش الإخوان».. تبنى قضية «مذبحة ماسبيرو» وأسس حركة «مينا دانيال».. انتخب «صباحي» في 2012 ورفض «عصر الليمون» في الجول
صوته الهادئ كان أبرز صفاته المميزة، ورغم هذا الصوت الهادئ جاء موته هادرًا ليصبح المسمار الأول في نعش جماعة الإخوان، إنه الصحفى الحسينى أبو ضيف، القادم من سوهاج، إحدى محافظات الصعيد المهمش لعقود طويلة، لتنتهى حياته على أبواب قصر الاتحادية في ديسمبر الماضي، فقد أصيب برصاص في رأسه نتج عنه تهتك في المخ أدى لوفاته إكلينيكيًا، إلا أن الأمر استغرق عدة أيام ليعلن مستشفى الزهراء الجامعى فشله في إنقاذه ووفاته.
صوته الهادئ كان أبرز صفاته المميزة، ورغم هذا الصوت الهادئ جاء موته هادرًا ليصبح المسمار الأول في نعش جماعة الإخوان، إنه الصحفى الحسينى أبو ضيف، القادم من سوهاج، إحدى محافظات الصعيد المهمش لعقود طويلة، لتنتهى حياته على أبواب قصر الاتحادية في ديسمبر الماضي، فقد أصيب برصاص في رأسه نتج عنه تهتك في المخ أدى لوفاته إكلينيكيًا، إلا أن الأمر استغرق عدة أيام ليعلن مستشفى الزهراء الجامعى فشله في إنقاذه ووفاته.
والحسينى من مواليد عام 1979، كانت أولى معاركه عندما أقام أول دعوى قضائية ضد الجامعة بعد رفع قيمة المصروفات الجامعية، وألزمها فيها بتخفيض مصاريف الجامعة إلى 15 جنيها فقط، هي رسوم استخراج البطاقة الدراسية، وهى الحملة التي استغلتها تيارات يسارية بعد ذلك لتأسيس حركة "حقي" بجامعتى القاهرة وعين شمس.
انضم الحسينى للتيار الناصرى فور التحاقه بالجامعة، وأصبح أحد ممثلى التيار بجامعة أسيوط، وشارك في المؤتمر الناصرى العام لعدة سنوات، قبل أن تجذبه الصحافة ليعمل بجريدة "الفجر" الأسبوعية، متخصصًا في متابعة أخبار الثقافة، ونجح في كشف فساد القطاع الثقافى في عهد الوزير فاروق حسني.
ورغم تفضيل الحسينى العمل الصحفى عن النشاط السياسي كوسيلة نضال يكشف بها الفساد، إلا أنه عمل على إحياء الحركة المصرية من أجل التغيير "كفاية" التي كان نشاطها شبه متوقف منذ عام 2008، وقد شارك في انتخابات المكتب التنسيقى للحركة، وكان أحد منظميها، كما عمل على إحياء حركة "شباب من أجل التغيير"، بالإضافة إلى اشتراكه في لجنة الدفاع عن سجناء الرأى التي أسسها الصحفى الإخوانى محمد عبد القدوس، وضمت عددا ضخما من مختلف التيارات، وكان من أهم من دافعت عنهم "قيادات الإخوان"، وهم الذين أصدروا الأوامر بفض اعتصام الاتحادية الذي قتل فيه الحسينى أبو ضيف.
ومن أهم القضايا التي تبناها الحسينى أبو ضيف كانت قضية "مجزرة ماسبيرو" التي ارتكبها المجلس العسكري، فقد شارك في تأسيس حركة "مينا دانيال" بعد قتل الأخير برصاص جنود الجيش أمام مبنى ماسبيرو.
واستطاع الحسينى أبو ضيف بمدونته على الإنترنت، التي تحمل اسمه، أن يكون صوتا لشكاوى المواطنين، خاصة بعد شرائه - بكل مدخراته- كاميرا استخدمها لتسجيل الأحداث، بالإضافة إلى تسجيل شكاوى المواطنين ونشرها عبر شبكة الإنترنت، وهو ما جعل جنازته هي الأضخم عددا من خارج الوسط الصحفى والسياسي.
وشارك الحسينى في معظم الوقفات الاحتجاجية والأنشطة الخاصة بالصحفيين منذ التحاقه بالعمل الصحفي، وكان صوت محررى الصحف الحزبية، واستخدم كاميرته في نقل فيديوهات خاصة بالاعتصام عبر شبكة الإنترنت، كما كان المحرك الأول للاعتصامات المطالبة بالإفراج عن شيماء عادل، الصحفية بجريدة "الوطن"، التي تم اعتقالها بالسودان أثناء تغطيتها وقائع الاحتجاجات ضد حكم عمر البشير، ولم يترك ليلة واحدة من ليالى الاعتصام أمام السفارة السودانية مطالبا بحرية شيماء، وهو ما جعل شيماء عادل تتوجه له بشكر خاص بعد عودتها في حفل تكريمها بنقابة الصحفيين.
كان الحسينى من أنصار مقاطعة المرحلة الثانية من الانتخابات، بعد أن أدلى بصوته في المرحلة الأولى لصالح حمدين صباحي، وقد أكد الحسينى أن المرشحين اللذين تجرى بينهما الإعادة يمثلان مشروعين لا يختلفان سوى في المظهر العام فقط، ويحملان نفس الأفكار الاقتصادية التي لا تحمل لمصر سوى الفقر.
وبعد تولى محمد مرسي الحكم، أضاف الحسينى لمهامه الصحفية كشف فساد العائلة الحاكمة في مصر، فقام بنشر فساد مؤسسة الرئاسة وعائلة مرسي، بالإضافة إلى مهمته الأساسية في كشف الفساد بوزارة الثقافة.
وطبقًا لأقوال الشهود الذين رأوا الحسينى ليلة مقتله، فقد قال لهم إنه قام بالتقاط عدة صور لأعضاء بجماعة الإخوان المسلمين يحملون أسلحة آلية، وأنه عائد لتصويرهم مرة أخرى، محمود عبد القادر- صديق الحسيني- يقول إنه اتصل به يوم الاعتداء عليه الساعة العاشرة والنصف، وقابله بمحيط الاشتباكات، وكان يستعرض معه صورا لشخص كان يرتدى خوذة حمراء ويمسك بسلاح ناري، وفى أثناء ذلك سقط الحسينى بين يديه، وكان آخر ما سمعه صوت الرصاصة في رأسه حتى وصوله للمستشفى، وأكد شقيقه سالم أبو ضيف أن شقيقه تم استهدافه من قبل مسلحى الجماعة بعد تحديد مكانه عن بعد باستخدام قلم ليزر.
كاميرا الحسينى كانت سلاحه، وهي أيضا كانت مستهدفة، فقد تم الاستيلاء عليها أثناء الحادث، فقدت الكاميرا، وتم إرسالها بعد إعلان وفاة الحسينى بعدة أيام إلى جريدته، ولكن دون بطاقة الذاكرة التي تحمل آخر ما سجله أبو ضيف قبل رحيله عن العالم.
وطبقًا لتقرير الطب الشرعى فقد قتل الحسينى برصاص محرم دوليًا وهو الرصاص المدمدم، حيث تتكون الرصاصة من شظايا وتغطى بالرصاص، وعند دخولها الجسم تنفجر الشظايا، وهو ما ينفى أن ما حدث كان مجرد شجار بين مؤيدى ومعارضى مرسي، وإنما جريمة مخطط لها.
ولم يتعرض الحسينى للقتل فقط على يد جماعة الإخوان المسلمين وإنما للسرقة أيضا، فقد أدعت الجماعة -على لسان جريدتها - بأن الحسينى أبو ضيف أحد أفرادها، ونشرت الصحيفة تقريرًا مطولًا عن الحادث أكدت فيه أن الحسينى أحد أفرادها، تأكيدًا لما قاله مرشد الجماعة: أن كل شهداء الاتحادية ينتمون للجماعة.
ما قاله المرشد رد عليه أصدقاء الحسينى بفيديو له في إحدى التظاهرات، يقود فيه الهتاف ضد الجماعة وحكم المرشد، فما كان من الجماعة إلا الانتقال للخطة "ب" وهى الادعاء بمقتل الحسينى أثناء وقوفه في صفوف الإخوان، وهو ما قاله وزير الإعلام الإخوانى صلاح عبد المقصود، وأحمد عارف المتحدث باسم الجماعة.
وكان آخر ما كتبه الشهيد أبو ضيف على موقع التواصل الاجتماعى " تويتر": "هذه آخر تويتة قبل نزولى للدفاع عن الثورة بالتحرير، وإذا استشهدت لا أطلب منكم سوى إكمال الثورة"، فكان من الطبيعى عقب سقوط الإخوان أن ترتفع الأعلام التي تحمل صورة الحسينى بميدان التحرير.