رئيس التحرير
عصام كامل

سر لقب "المغيرة بن شعبة" بـأمير الدهاء

فيتو

لا تتعجب فقد كان رغم التقوى والورع، إلا أنه كان "داهية"، إنه المغيرة بن شعبة بن أبي عامر بن مسعود الثقفي، أبو عبد الله، من كبار الصحابة أولى الشجاعة والمكيدة والدهاء، اتصف دائما بأنه حاضر الذهن، لابد وأن نتعلم منه الكثير والكثير ليكون هو قدوة لنا فيها ولكن علينا أن نعرف أولا عنه الآتى باختصار: المغيرة بن شعبة بن أبي عامر الثقفيّ صحابي جليل أسلم قبل الحديبيـة وشهدها وبيعة الرضوان، كان ضخم القامة، عبْل الذراعين، أصهب، أجعد الشعر، وكان من دهاة العرب..


قبل إسلام المغيرة بن شعبة كان قد قتل ثلاثة عشر مشركًا كانوا قدموا من الإسكندرية بهدايا من المقوقس، وجاء بها لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليرى فيها رأيه، فهي غنيمة من المشركين، فقبل الرسول -صلى الله عليه وسلم- إسلامه وردّ هذه وقال ( أمّا إسلامك فنقبله، ولا آخذ من أموالهم شيئًا ولا أخمّسُهُ لأن هذا غَدْرٌ، والغدر لا خير فيه )..

قال عنه الطبري ( كان لا يقع في أمر إلا وجد له مخرجًا، ولا يلتبس عليه أمران إلا أظهر الرأي في أحدهما ) كان المغيرة بن شعبة مع أبي سفيان في هدم طاغية ثقيف بالطائف، وبعثه أبو بكر الصديق إلى أهل النُّجَيْـر -حصن منيع باليمن قرب حضر موت لجأ إليه المرتدون-، وشهد اليمامة وأصيبت عينه يوم اليرمـوك، ثم كان مع رسـول سعد إلى رستم، وكان رسول النعمان بن مقرّن إلى أمير الفرس، وشهد تلك الفتوح..

ولاّه عمر بن الخطاب البصرة ثم ولاه عمر الكوفة وأقرّه عثمان ثم عزله فلمّا قُتِل عثمان اعتزل القتال إلى أن حضر الحكمين وبايع معاوية بعد اجتماع الناس عليه، ثم ولاه الكوفة فاستمر عليها حتى توفي..

قال عمر بن الخطاب ( ما تقولون في تولية ضعيف مسلم، أو قوي فاجر ؟) فقال له المغيرة ( المسلم الضعيف إسلامه لك، وضعفه عليك وعلى رعيته، وأمّا القوى الفاجر ففجوره عليه، وقوته لك ولرعيتك ) فقال له عمر ( فأنت هو، وأنا باعثُكَ يا مغيرة)..

فكان المغيرة على الكوفة سنة وثلاثة أشهر، وغَزَا أذربيجان سنة عشرين، وصالح أهلها، وكفروا بعد ذلك في ولاية عثمان، فغَزَا الأشعث بن قيس، ففتح حصونًا لهم بماجروان ثم صالحوه على صلح المغيرة، فأمضى لهم ذلك..

قال المغيرة عن نفسه ( أنا أول من رشا في الإسلام) وقال المغيرة -رضي الله عنه- ( اشْكُرْ لمن أنعمَ عليك، وأنْعِمْ على مَنْ شكرك، فإنّه لا بقاءَ للنعمة إذا كُفِرت، ولا زوالَ لها إذا شُكِرَت، إنّ الشّكر زيادة من النعم، وأمانٌ من الفقر )..

توفي المغيرة -رضي الله عنه- بالكوفة سنة خمسين للهجرة وهو ابن سبعين سنة ومن الأشياء الحسنة التي يجب أن نتعلمها كمسلمين من هذا الرجل أهمية الدهاء في سبيل الحق ومن أجل الخير لا من أجل الشر وإياك أن يجرف دهاء الفرد إلى غروره بنفسه فيجعله يفعل ما يخسر به دينه ودنياه وإلا أصبح هذا الدهاء نقمة على الفرد في حياته وبعد مماته..
الجريدة الرسمية