رئيس التحرير
عصام كامل

المستعصم بالله يأمر بعمارة المسجد النبوى بعد حريقه

فيتو

المسجد النبوى، دار المسلمين ومسجد النبى محمد"صلى الله علية وسلم" وهو أحد أكبر المساجد في العالم، وثانى أقدس مواقع المسلمين على الإطلاق بعد الحرم المكى.


ظل المسجد النبوى مقر اجتماع المسلمين ورمز لوحدتهم وتمسكهم بأثر نبيهم ومازال إلى الآن، وكان قد شهد المسجد حادثتى احتراق أولها كانت في أول ليلة من شهر رمضان المبارك يوم الجمعة عام 654هـ/ 1251 م في اللحظات الأخيرة من عمر الخلافة العباسية، فبعد انصراف الناس من صلاة التراويح، ارتفع الصريخ في أرجاء المدينة ينادي باشتعال النار في المسجد النبوي الشريف.

وكان السبب أن أحد خدام المسجد الشريف دخل إلى مخزن في الجهة الشمالية الغربية من المسجد ليخرج بعض القناديل التي تعلق في منارات المسجد طوال ليالي رمضان، وبيده سراج يستضيء به، فوضعه على قفص من أقفاص القناديل وعليه قطعة قماش من كتان ريثما ينتهي، فعلقت النار بقطعة الكتان فاشتعلت، وامتدت النار إلى الحُصُر والبُسُط والقصب الموجود في المخزن، ثم امتدت إلى القناديل المملوءة بالزيت، وتزايد اللهب ووصل إلى السقف، ورأى بعض الناس من خارج المسجد النار فهالهم ذلك، وتصايحوا وأسرعوا إلى المسجد بوسائلهم البسيطة، وجرى المنادي في أحياء المدينة حتى وصل الخبر إلى الأمير فهرع مع رجاله، واجتمع أهل المدينة يحاولون إخماد النار التي أمسكت بسقف المسجد وما فيه من حصر، وأصبحت تمتد جهة القبلة بسرعة مذهلة.

وماهي إلا ساعة حتى أتت النار على محتوىات المسجد وما فيه من المنبر الشريف، والأبواب، والخزائن، والشبابيك، وكسوة الحجرة، والصناديق وما فيها من كتب، ووقع السقف الذي أعلى الحجرة على سقف بيت النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى قبور النبى وصاحبيه أبى بكر وعمر رضى الله عنهما.

وأمر الخليفة العباسي المستعصم بالله - آخر خلفاء العباسيين- بإعادة ترميم وعمارة المسجد النبوي الشريف بعد الحريق، فأرسل الصُنّاع والآلات ومواد البناء، فبدأ العمل فيه سنة ٦٥٥هـ، ولم يكتمل البناء بسبب غزو التتار للدولة الإسلامية واستيلائهم على مقر الخلافة في بغداد، فتولى سلطان مصر وسلطان اليمن إتمام العمارة.. واقتصر العمل على إعادة بناء ما تضرر من المسجد وإصلاحه دون الزيادة فيه.

ولم يكن ذلك هو الحريق الأخير للمسجد النبوي ففي رمضان من العام 886 هجرياً ، ضرب الحرم النبوي صاعقة أدت إلي احتراق المسجد ولم يسلم منه سوي القبة الداخلية التي بنيت فوق قبر رسول الله صلي الله عليه وسلم، والتي بناها سلطان مصر الأشرف قايتباي ضمن أعمال العمارة التي قامت بها مصر في عام 881 هجرياً.

ومات في هذه الحادثة أفراد منهم رئيس المؤذنين الذي أصابته الصاعقة حين كان يهلّل بالمنارة الرئيسية، وأتت النار على سقف المسجد وما فيه من خزائن الكتب والمصاحف إلا ما استطاعوا إنقاذه.

ونظراً لتبعية المدينة لمصر في ذلك الوقت منذ سقوط بغداد فأن عمارة المسجد النبوي تمت للمرة الثانية علي يد السلطان قايتباي للمرة الثانية في نفس عام الحريق.



 

 
الجريدة الرسمية