رئيس التحرير
عصام كامل

والد شهيد مذبحة رفح الأولى «باسم عبدالله محمود»: ننتظر القصاص من القتلة.. «ربنا بعت لينا السيسي علشان ينقذنا من الإخوان».. ووالدته: دم ابني في رقبة مرسي

جنازة عسكرية - صورة
جنازة عسكرية - صورة ارشيفية

في شقة مطلة على شارع سيد أحمد صديق، المجاور لعزبة أبوصفيح - بروض الفرج في القاهرة- تعيش أسرة الشهيد الرقيب باسم عبد الله محمود، أحد ضحايا مذبحة رفح على الحدود المصرية الإسرائيلية الذي استشهد على أيدي الجماعات الإرهابية في أغسطس من العام قبل الماضي وفي شهر رمضان المبارك أثناء تأديته لواجبه الوطني.


ورغم مرور عام على استشهاد باسم إلا أن سكان عزبة أبوصفيح ما زالوا يعلقون صوره الشخصية على جدران المنازل والمحال التجارية والمقاهي الشعبية حتى الآن، حزنا على فراقه.

ووسط حالة من الرضا والقناعة والإيمان بقضاء الله وقدره تحدث الحاج عبد الله محمود - والد الشهيد باسم – بصوت يفيض بالحزن:" ابنى الله يرحمه كان على خلق وملتزم، وصوره يعلقها جميع الأهالي في الشوارع وعلى جدران البيوت، لأن الناس تحبه.. الله يرحمه".

وتدخل أم الشهيد إلى الغرفة بثياب الحداد السوداء ومظاهر الحزن والحسرة تفيض من وجهها، وتحمل في يدها صور ابنها منذ تطوعه بالقوات المسلحة حتى استشهاده، وتجلس بجوار زوجها.

ويستكمل والد الشهيد حديثه قائلا: "ابنى استشهد وعمره 26 سنة، وكان أعز أصحابه حسين أبو شوشة وهو الذي عرف أن باسم قتل في رفح قبلنا، وجاء حسين لبيتنا مرتين بعد الإفطار ولكنه غادر بسرعة، ثم عرفت خبر استشهاد باسم الساعة 10 مساء".

وتبدأ أم الشهيد باسم حديثها، من داخل الغرفة التي علقت على حوائطها الآيات القرآنية وصور الشهيد، بجانب جوائز وهدايا التكريم التي حصلت عليها من بعض الأحزاب السياسية والكنيسة، وتقول:" أنا كنت مستنية باسم ينزل إجازة عشان أخطب له بنت من المنصورة بعد العيد، واتفقنا على كل شيء، ومكانش فاضل غير أنه ينزل إجازة ونعمل الفرح".

وتستعيد الأم المكلومة بنظرات ممزوجة بالدموع ذكريات اليوم الأليم الذي استشهد فيه ابنها، وتستكمل حديثها:" باسم اتصل بي يوم استشهاده الساعة 12 ظهرا، وسألني: عاملة أكل إيه النهاردة.. وقعدنا نتكلم شوية.. وبعد كدة قلت له: اقفل عشان أجهز الفطار.. وقال لى: هاكلمك بعد الفطار.. ماكلمنيش.. وأنا من التعب نمت".

وأضافت:" ففوجئت أن أبو باسم الساعة 10 بالليل بيصحيني وبيقول لى: ابنك فيه ضرب عنده.. قومي كلميه.. ابنك عنده مصيبة، في الوقت ده حسين صاحب باسم كان عرف خبر وفاته وجه مرتين عند البيت ورجع عشان يشوف هو الخبر اللى سمعه صح ولا غلط".

وتابعت:"اتصلت بباسم.. لقيت واحد تانى بيرد عليا.. عرفت بعد كدة أنه الضابط حسين.. قلت له: مش ده تليفون باسم.. قال لى: آه.. سألته: هو فين باسم؟ قال لى: نص ساعة أو ساعة واتصلي بيا يا حاجة، ورجعت اتصلت تاني قلت له: لو سمحت أنا مامته.. وقلبي جامد ومابخفش طالما باسم مبيردش عليا يبقى في حاجة.. قول لى عشان ابقى عارفة، قال لى: ادعيله يا حاجة.. ربنا يرحمه.. صوتت ولميت الناس.. وجاءت صاحبة البيت تسأل: أبو ياسر ما له؟ قلت لها: لا دا باسم مش أبوه".

ويرتفع نحيب الأم وتقول: "ياسر شاف باسم في الخشبة وباسه في دماغه.. قلت له: أنا نفسي أشوفه يا ياسر.. ليكون مش هو.. قال لى: أنا كشفته وشفته وبيبتسم، وفضلنا لحد تاني يوم الصبح لما حضرنا الجنازة العسكرية.. وبعد كده رحنا دفناه في المنصورة.. بلدي.

وتنخرط أم الشهيد في بكاء بدموع ودم القلب، وتذكرت موقفا لباسم، ولأول مرة تفصح عنه، إذ قالت له: "أبوك مابيخرجنيش من البيت.. فقال باسم لوالده: أنا هاخد ماما وأروح المنصورة مع خالتي.. وعمل لنا باسم مفاجأة.. طلع واخد لنا شقة في إسكندرية.. وقعدنا هناك يومين نغير جو.. وقال لي: ماتخافيش يا أمي.. لو بابا اتكلم أنا هاقنعه".

ويقاطع والد الشهيد زوجته ليخفف عنها ويتذكر أيضا موقفا آخر لباسم، يقول:" أول فترة التطوع في الجيش.. استمر باسم لمدة 45 يوما في التل الكبير.. وأول ما شافني قال لى: أنا مش هاقعد هنا تاني.. وأقنعته أنه يفضل قاعد.. بعد كده قلت له: أنقلك من رفح.. لكنه رفض.. وقال: أنا مرتاح هنا".

وتطرق والد الشهيد إلى الحديث الرئيس عبدالفتاح السيسي، وزير الدفاع قائلا: "ربنا بعت لنا السيسي عشان ينقذنا من إيد الكفرة والظلمة.. دول إخوان مش مسلمين.. دول اسمهم الإخوان المجرمين"، واشاد بموقف القوات المسلحة وقال:" المؤسسة العسكرية ناس محترمة وصرفوا لنا مكافأة نهاية الخدمة.. ونصرف حاليا المعاش.. ومش عايز منهم غير سلامتهم".

وينهى والد ووالدة الشهيد باسم حديثهما قائلين:" دم ابنى في رقبة مرسي ومكتب الإرشاد وحماس.. ومش عايزين أي حاجة غير القصاص.. حسبنا الله ونعم الوكيل".
الجريدة الرسمية