رئيس التحرير
عصام كامل

والد حامد عبد العاطي شهيد «مذبحة رفح الأولى» يتحدث في ذكراه الثانية.. «نفسى أشوف مرسي وهو بيتعدم».. موت نجلي أشعل الثورة ضد «الإخوان».. وشقيقه: «أخي كان آية من آيات

جنازة عسكرية - صورة
جنازة عسكرية - صورة ارشيفية

عبد العاطي عبد العزيز حامد، زفته الملائكة إلى الحور العين، فقد كان موعد زفافه محددا في ثالث أيام عيد الفطر قبل الماضي، لكن الخونة قتلوه مع خمسة عشر من زملائه في رفح في رمضان قبل الماضي.


شهيد الغدر في أحداث رفح والتي راح ضحيتها 16 مجندا من خيرة شباب مصر، يرقد جثمانه الطاهر بقريته "تيرة" مركز نبروه بمحافظة الدقهلية، لتظل دماؤه الذكية ناقوسا يوميا يدق لأهله وذويه يطالبهم بالقصاص لمقتله بيد الخونة في عهد المعزول محمد مرسي.

فقرية "تيرة" تحولت إلى عاصمة من عواصم ثورة 30 يونيو لإسقاط حكم الإخوان، بعد أن انتفض جميع أهل القرية رافضين الإخوان، بل وطردوهم من القرية بسبب الاحتقان والغضب من مقتل الشهيد والتعمية عن القتلة، لتحل صور السيسي بجوار صور الشهيد بالقرية، توزع على الأطفال والكبار وتعلق على المحال والمدارس والمستشفيات وجميع البنايات، ليكون حامد أحد مفجري الثورة ضد الإخوان داخل نبروه، فقد تحول عرسه إلى مأتم تلقى فيه أهله العزاء.

طالب أهالي القرية بتسمية مدرسة القرية باسم الشهيد، وظلوا وراء المسئولين حتى نفذوا مطلبهم، وأطلقوا على دار لتحفيظ القرآن الكريم اسم الشهيد، وظل يتحاكى الكبار والصغار عن بطولته وأخلاقه، ولاتزال علامات الحزن والأسي مرسومة على جباه جميع أهالي قريته، رغم مرور عام على استشهاده.

"فيتو" انتقلت إلى قرية أسرة الشهيد حامد عبد العاطى" 22 عاما- خريج كلية السياحة والفنادق"، شبح الحزن ما زال يخيم على أرجاء غرفته التي رحل عنها، وترصع جدرانها مجموعة صور له بالزى العسكري تعبر عن شجاعته.

صباح العوضى والدة الشهيد ظلت تتحدث عن ذكرياتها مع نجلها والدموع الدامية لا تفارق عينيها، بدأت كلامها بقولها: حسبى الله ونعم الوكيل، قتلوه ساعة فرحته، استشهد قبل فرحه بأسبوعين.. ابنى كان الأوسط بين إخوته الخمسة.. كان يعمل في الفندقة بشرم الشيخ والغردقة، ومن تميزه بعمله طلبوا منه أوراقه حتى يعينوه، ولكن كانت الخدمة العسكرية العائق، فأعطوه شهادة خبرة حتى ينتهى من الخدمة ويقدم أوراق تعيينه، وكان حافظا للقرآن الكريم ودائم الصلاة، وكان قد عقد قرانه ويجهز لدخلته ثالث أيام العيد، وخطوبته استمرت لمدة عام، وآخر إجازة له كانت قبل الحادث بعشرة أيام.

وأضافت والدة الشهيد: إن نجلى قضى في الجيش عاما ونصف العام، وكان يتبقي له 3 أشهر وينهى خدمته، وكانت خدمته كلها في هذه الوحدة التي استشهد بها.

وأضافت تحول فرحنا لمأتم، فبعد أن فرشنا شقته بالكامل ونصبنا الفراشة وجهزنا الذبائح والطباخين ننتظر فرحه بفارغ الصبر، تحول فرحنا لحزن طوال العمر.

وتذكرت صباح آخر إجازة لحامد: استشعرت يومها بأنه لن يعود لى مرة أخرى، وكانت تصرفاته كلها تصرفات أموات، فرابع يوم في رمضان ليلة سفره طلب مني أن يدخل المطبخ ليعمل لى حلويات وجلاش وفطائر ومهلبية، فرفضت، وقلت له نام لتستيقظ مبكرا للسفر، وفرحك اقترب وسوف نتذوق من يدك كل "حاجة حلوة"، فرفض وطلب من أخيه أن يشترى له مستلزمات الحلويات، وقال له أنت تشترى وأنا أطبخ، حاولت الضغط عليه من أجل أن ينام، لكنه قال لى "أنا عايز أكلك حاجة من أيدي، مش جاى لى نوم"، وكانت تلك أول مرة يدخل فيها المطبخ، وبعدها نام في حضنى وهو يبكى، وتأكد قلبى بأن شيئا سيحدث.

وأضافت: في آخر مكالمة له قبل الحادث بيومين طلب منى أن أدعو له، وأن لا أحزن أبدا، وسألنى عن أثاث فرحه، فقلت له: كل شيء تمام والموبيليا والطباخ والذبائح والفراشة، فقال لى: "بلاش تفرشوا المطبخ قبل أن آتى ثانى يوم العيد..أنا هاجى قبل ما المطبخ ييجى..عايز أفرشه بنفسى"..، وظلت تليفوناته مغلقة حتى أنني لم أعلم بخبر استشهاده إلا بعدها بيوم، بعد أن سمعنا عن الحادث في التليفزيون، واتصلت بالمستشفى ورقم التليفون كان متداولا، ولم يرد على أي شخص، حتى جاء لنا ضباط من القاهرة يطلبون صورته ويأخذون بياناته، فقلت لهم: حامد مات، قالوا: لا.. هو في المستشفى، قلت لهم: لا.. هو مات، وأخذوا الحاج معهم، وفي عصر اليوم التالي جاءوا بجثمانه.

ورددت صباح: حسبى الله ونعم الوكيل..اللهم انتقم ممن قتلوا ابني وتستروا على القتلة، مطالبة بالقصاص وفتح تحقيق في الحادث وإعدام مرسي علنا على شاشات التليفزيون.

الحاج عبد العاطى - والد الشهيد- قال: اتخذنا الإجراءات القانونية مثل أهالي الشهداء، ولكن القضية لم تقتص لنا بسبب مرسي وإصراره على غلق القضية، ونحن اتهمناه فيها، وهو مدان ومتورط في هذا الحادث مع حماس، ولكن الحمد لله فقد نجت مصر من حكم الإخوان الذين لم يتركوا كارثة إلا فعلوها، وأول شيء استفتحوا بدم أولادنا.

وأضاف عبد العاطى: كانت خدمة حامد على الحدود، يقف خلف السلك الشائك بين مصر وإسرائيل، وكان يقول لى: "أنا بشوف الإسرائيليين وبنكلمهم"، وتعرض للخطر والموت أكثر من مرة، وسقط بجواره شهداء من زملائه، وكان يعود حزينا، وكان يقول لى: "حاسس إنى هاموت زيهم"، وآخر مكالمة قال لى "هتوحشنى"، فالمسئولون أغلقوا جميع الأبواب في وجوهنا، وأطالب بحق ابنى، وأن أري مشهد إعدام مرسي على شاشات التليفزيون أمام عينى لتنطفئ نيرانى.

مضيفا: أثق بالسيسي، فلقد وعدنا أنه سوف يقتص للشهداء، ونحن ننتظر القصاص لدماء أولادك الجنود، وحسبى الله ونعم الوكيل فيك يا مرسي، من يوم ما حكمت والدولة خربت.

عبد العزيز الشقيق الأكبر لحامد " 25 عاما - موظف بمجلس المدينة" يقول: حامد كان آية من آيات الله على الأرض، كان يحب الخير ولم ير منه أي شخص إلا ما يحب، ويوم الحادث قبل استشهاده بعشر دقائق، اتصل بي كثيرا وتكلم معي كثيرا، وبعدها أغلقت موبايلاته وانقطعت الأخبار حتى جاءنا خبر استشهاده، حتى الآن لست مصدقا بأنه مات، فكل موعد زيارة أنتظره ليأتى للمنزل، وأتمنى القصاص ليشفى نيران قلبى بحزنى على فقدانه.
الجريدة الرسمية