رئيس التحرير
عصام كامل

«الذكرى الثانية لمذبحة رفح الأولى».. والدة الشهيد محمد إبراهيم: «حق ابنى مش هيضيع».. الإخوان دبروا الحادث للإطاحة بـ«طنطاوي».. وتطالب السيسي بالقضاء على الإرهاب.. ووالده:

 الشهيد محمد إبراهيم
الشهيد محمد إبراهيم

كان يحلم باليوم الذي ينهى فيه خدمته العسكرية من أجل أن يعيش حياته كأى شاب، بأن يتقدم لخطبة فتاة يحبها ويبنى مستقبله ويتزوج وينجب أطفالا، لكن الموت الغادر حال بينه وبين أمنياته، ليدفن أحلامه وأحلام أسرته معه تحت التراب، وتظل رائحة دمه في كل مكان بدءا من سيناء مكان مقتله حتى قريته.


داخل قرية الستايتة بمركز المنزلة مسقط رأس الشهيد محمد إبراهيم إبراهيم عبد الغفار الذي اغتالته يد الإرهاب قبل أن ينهي عامه الـ 21 في رمضان قبل الماضى هو و15 عسكريًا آخر أثناء تناولهم الإفطار في وحدتهم العسكرية في سيناء، كانت صورة تملأ القرية مطالبة بالقصاص لدمه، وتحمل أهالي الستايتة التي أطلق عليها قرية الشهيد مسئولية المطالبة بحق تلك الدماء الذكية، والتي تسببت في أن تزف شقيقته على عريسها بالملابس السوداء، حتى مبردات مياه السبيل تلحفت بصوره مطالبة بالثأر له.

داخل منزل شهيد الدقهلية الذي علقت بجوار صورته الرئيس عبدالفتاح السيسي، واست "فيتـو" والدته الحاجة ناصرة، وكانت دموعها تملأ عينيها بعد "السنوية الأولى" على فراق نجلها، أثناء استماعها لآيات الذكر الحكيم على جهاز الكمبيوتر.

وبنبرة حزينة بعد أن كفكفت دموعها بدأت أم الشهيد كلامها قائلة: "سنظل في مأتم طوال العمر.. عام مضى على استشهاد ابنى وحتى الآن لم يتحقق شىء من القصاص، وكل يوم يمر بنا نزداد حزنا لا ينتهى على فراق محمد، ولم أشعر بلحظة هدوء سوى يوم بيان عزل محمد مرسي، وقتها شعرت بأن القصاص قادم وأن حق نجلى لن يضيع هدرا بعد خروج ملايين المصريين في الشوارع لإسقاط النظام الإخوانى".

ومضت الحاجة ناصره:" محمد كان على خلق وتدين وحافظ للقرآن، ومداومًا على الصلاة، ولم يؤذ أي شخص في حياته لدرجة أن الناس كانت تحسده على أخلاقه، هو خريج دبلوم صنايع، ويعمل صنايعى رسومات جبس ونقاشة، وكانت لديه ورشة أسفل المنزل.. قضى عامين ونصف داخل الجيش ولم يكن متبقيا على نهاية خدمته العسكرية سوى 6 أشهر".

وأضافت:" هو الأوسط بين أشقائه؛ ولدان و3 بنات، وكان دائما ما ينظر لى بفرحه ويقول لى «نفسك اتجوز، ادعيلى افرح لأنى حاسس أن الفرح مش ليا»، وكنت أعنفه بسبب هذا الكلام، فحلمه الوحيد أن يتقدم لخطبة فتاة يحبها ويتزوج وينجب أطفالا".

أغرقت عيناها بالدموع وهى تقول: "كانت آخر زيارة له قبل الحادث بأسبوع.. نزل إجازة من أجل تجهيز شقيقته وشراء الناقص في جهازها قبل ليلة الزفاف التي كانت مقررة في أول أيام العيد.. وكان دائم المرح والهزار حتى يوم سفره أخذ يحتضن أخته وأباه ويحتضننى ويبكى قائلا «هتوحشونى»، فعاد من أجل أن يطلب إجازة للفرح، وبالفعل أخذ الموافقة على النزول إجازة أربعة أيام من أجل عرس شقيقته الذي تم بعد وفاته بـ 10 أيام، لكن «ماعملناش فرح عملنا مكانه ميتم»".

وتذكرت والدة الشهيد أنه قبل الحادث بشهر كانت هناك وحدة عسكرية تعرضت للاعتداء، وعند القبض على عدد من المتهمين قالوا إن الدور المرة المقبلة على وحدة محمد، ووقتها زودت وزارة الدفاع الحراسة على تلك الوحدة لمدة شهر، ولكن قبله بعدة أيام سحبت الوجود المكثف لها، وعندما حكى لها نجلها طمأنته بأن الأوضاع أصبحت أمانًا، وهو نفسه أكد لها أن الأوضاع صارت مستقرة.

وأكملت ناصرة والدموع تغرق عينها: "قبل الحادث بربع ساعة اتصل بى محمد وقال لى «أرجوك ياأمى ماتأجليش فرح اختى لأى سبب حتى لو مت، جوزيها»، ولما سألته عن سبب طلبه، رد «حاسس أن دى آخر مكالمة» وبعدها انقطع الخط، فعلمنا بخبر ضرب الكتيبة واتصلنا عليه لكنه لم يرد على الهاتف، واتصلنا على الكتيبة أنكرت لنا خبر الوفاة وأيضا السواقين".

وأضافت" حتى جاءنا اتصال من وحدته في اليوم التالى لنتسلم جثمان محمد بعدها بيومين، ومن وقتها ونحن نعيش في الحزن والمأتم، فشقيقته زفت بالملابس السوداء على زوجها تنفيذًا لوصية محمد بعدم تأجيل الفرح، وسنظل نعيش في المأتم طوال العمر حتى يتم القصاص لمحمد".

"ربنا ينتقم منك يا مرسي وحسبى الله ونعم الوكيل فيك وربنا يحرق قلبك على ولادك"، بهذه الدعوة حملت الأم المكلومة مسئولية دم نجلها للرئيس المعزول محمد مرسي وجماعته واتهمته بتدبير الحادث من أجل الإطاحة بالمشير طنطاوى وزير الدفاع الأسبق والفريق سامى عنان رئيس الاركان الأسبق.

ووجهت والدة الشهيد محمد كلمة إلى السيسي، قائلة "مصر أمانة في ايدك، وخرجنا لنفوضك ضد الإرهاب الذي قتل أبناءنا الصائمين في رمضان، وانت وعدتنى بالقصاص لحقوق أبنائنا، فأرجوك لا تخذلنا، وحاسب من قاموا بتلك الجريمة واقتلهم أمام شاشات التليفزيون زى ما دم ولادنا سال على الملأ ".

أما الحاج إبراهيم عبد الغفار فحمل المصحف وجلس بجوار "السبيل" الذي أقامه لنجله أمام المنزل معلقا عليه صورته وتحتها كلمات لسان حال الشهيد " أريد القصاص، غدروا بى، وأنا صائم وبصلى وفطارى جنبى وقرآنى في أيدي"، وظل يطلب له الرحمة والغفران واحتسابه شهيدا.

والد الشهيد قال: "نجلى كانت خدمته في رفح منذ بداية التحاقه بالجيش، وتعرض كثيرا للخطر واخرها قبل وفاته بشهر.. انضربت الوحدة، وقتل 3 من زملائه بجواره، وعزز الجيش من قواته في وحدتهم لمدة شهر، وقبل الحادث بعدة أيام سحبوا القوات وقالوا لهم الدنيا أصبحت أمان".

وتابع حزينا: "اتخذنا الإجراءات القانونية كباقى الأسر ولكن لا جديد، فالقضية تحتاج إلى إحيائها خاصة بعد سقوط مرسي، فهو المتهم الأول في القضية وأعطى أوامره لحماس بضرب أبنائنا، نحن أسرة بسيطة وتلقينا وعودا من المسئولين عن توظيف أخوات الشهيد وتوفير لهم شقه، وتعويضات، ولم نأخذ أي شىء من الدولة، وكنا تجارة إعلامية للإخوان ومرسي، ولم يهتم بنا أي شخص".

واختتم والد الشهيد محمد حديثه لـ "فيتو" قائلا:" لن أرتاح ولن يهدأ إلى بال سوى بعد الثأر ممن قتل ابنى، وأحمل مرسي دم ابنى وأطالب السيسي بأن يقف بجوارنا ويقتص لأبنائنا فهم أبناؤه ووعدنا بالقصاص، وحسبى الله ونعم الوكيل في الإخوان ومرسي".
الجريدة الرسمية